لماذا نقل حفتر "قوات الصاعقة" إلى حرب درنة؟

لماذا نقل حفتر "قوات الصاعقة" إلى حرب درنة؟

26 فبراير 2018
بدء تجهيز قوات من "الصاعقة" للتوجه إلى درنة(Getty)
+ الخط -

اعتبر مراقبون للشأن الليبي، اليوم الإثنين، قرار اللواء المتقاعد خليفة حفتر تكليف "قوات الصاعقة" بمعركة السيطرة على مدينة درنة، سعياً منه لإحكام قبضته على بنغازي، وإبعاد شبح انفلات الأوضاع عنها.

وكان المتحدث باسم القوات الخاصة، العقيد ميلود الزوي، أعلن عن بدء تجهيز سرايا قتالية من "قوات الصاعقة" للتوجه إلى مدينة درنة.

وقال الزوي، في تدوينة له على حسابه الرسمي على موقع "فيسبوك"، إن عملية السيطرة على درنة التي كلفت بها "الصاعقة" أطلق عليها اسم "جحيم الصاعقة"، حيث ستبدأ "سراياها" بالتحول الى درنة لتنفيذ العملية.

وبحسب الخبير الأمني الليبي محيي الدين زكري، فإن الخطوة إجراءٌ من حفتر لاستعادة سيطرته على بنغازي، التي كادت أن تضيع خلال الأيام الماضية بسبب سخط "الصاعقة" المسيطرة على المدينة، في إشارة الى احتجاجات بنغازي الأسبوعين الماضيين، التي واكبت قرار جلب الرائد محمود الورفلي من قبل قيادة حفتر للتحقيق معه في تهمٍ نسبتها له محكمة الجنايات الدولية.

وقال زكري في حديث لـ"العربي الجديد" إن "بنغازي عاشت أياماً عصيبة، فبعدما انجلى غبار المعارك، استيقظ أغلب مسلحي تلك المعارك لحقيقة مساعي حفتر التي هدف في جزء منها إلى استنزاف مقاتلي القبائل، واستنزاف ما بحوزتهم من أسلحة وذخائر، حتى تتسنى له السيطرة الفعلية من خلال الكتائب المقربة منه، التي لم تشارك حقيقة في معارك الصف الأمامي خلال ثلاث سنوات من الحرب".

واعتبر زكري أن "خسائر الجناح القبلي في قوات حفتر، كانت سبباً ليقظتهم المبكرة، فبعضهم انسحب دون ضجيح وآثر السلامة، لاسيما البعيدة منها عن بنغازي، وبعضها جاهر محتجاً، كقبيلة البراغثة، لأنها القبيلة التي تمتد أراضيها الى داخل بنغازي، وعملية إقصائها جعلتها تتمرد وتعلن ولاءها لحكومة الوفاق خصم حفتر في طرابلس".

وعن وضع "الصاعقة"، قال الخبير الأمني إنها "القوة الوحيدة المتماسكة وذات صوت واحد، بخلاف المجموعات المسلحة الأخرى، وبالتالي فإن حراكها خلال الأسبوعين الماضيين، كان مخيفاً جداً لحفتر، فقد علت الأصوات الرافضة لحفتر علناً، في تظاهرات منتسبي الصاعقة داخل ميادين المدينة".



وبحسب زكري، فقد اتخذ حفتر سلسلة من الإجراءات بشأن "الصاعقة"، بدءا من توريط قادتها كالورفلي، إلى جانب قادة آخرين، في قضايا قتل وجرائم حرب، كإجراء تمهيدي امتصّ به الصدمة الأولى، لينتقل إلى إجراء آخر، حيث أعلن الأسبوع الماضي إقالة الآمر الأعلى للقوات الخاصة، وهو العميد ونيس بوخمادة، الذي كانت إقالته ستقلب بنغازي لو جاءت فجأة، واستعاض عنه بأقرب ضابط إليه، وهو عبد الرزاق الناظوري، الذي يثق فيه حفتر لدرجة أنه جعله حاكماً عسكريا للشرق الليبي.

واعتبر كذلك أن قرار حفتر الأخير بإقحام "الصاعقة" في حرب جديدة في درنة، جاء "لنقل خطرها عن بنغازي، وإلهاء مقاتليها في الحرب الجديدة، لاسيما أن أغلب قادتها مدفوعون بفتاوى دينية تحتم عليهم قتال الإرهابيين، كما يزعم حفتر، إذ إن أغلبهم من التيار المدخلي".

من جهته، رأى المحلل السياسي جمعة بوسعدة أن "استراتيجية حفتر دائماً تتمحور حول إيجاد ساحات للحرب، فهي سلاح ذو حدين تجلب له التأييد الشعبي والدولي من جهة، ومن جهة هي تستنزف أي قوة داخلية يمكن أن تشكل معارضة مسلحة له في المستقبل في صفوف مؤيديه".

وقال بوسعدة في حديث لـ"العربي الجديد" إن "حفتر فهم الدرس من انتفاضة الصاعقة في بنغازي، وكان لزاماً عليه أن يقحمها في حرب جديدة لإلهاء مقاتليها"، لافتاً الى أن "الإعلام الموالي له في الداخل، وفي دول إقليمية، كمصر والإمارات، لم يتوقف عن تصدير أنباء عن وجود إرهابيين بارزين داخل درنة، لتأكيد شرعية عمليته العسكرية الجديدة والنتائج في حال حسمه المعركة لصالحه، وهو ما فعله في بنغازي تماماً"، متسائلاً "من الذي يتحدث اليوم عن الخسائر البشرية بقوائمها الطويلة والأحياء التي دمرت بالكامل"؟

ورجح بوسعدة أن يسعى حفتر إلى توريط "قوات الصاعقة"، ومن ورائهم المداخلة، في الحرب المقبلة في درنة بشكل أكبر، مرجحاً أن "يُسمع عن مطلوبين للعدالة الدولية إلى جانب الورفلي".

وتساءل أخيراً: "إذا استنزفت الحرب الصاعقة، فهل ستنتفض مجدداً، كما انتفضت قبل أسبوعين على خلفية قيادة حفتر للورفلي للتحقيق معه"؟ وقال: "سيظهر حفتر بوجه المتعاون مع العدالة الدولية عندها، وفق استراتيجياته المتغيرة التي يتعامل بها مع شعب لم يعرف ألاعيب السياسة منذ اكثر من 40 سنة".