الصفقة المرفوضة

الصفقة المرفوضة

23 فبراير 2018
هيلي في جلسة لمجلس الأمن (تيموث كلاري/فرانس برس)
+ الخط -
مباهاة السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، بأن الاعتراف الأميركي بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل مرّ من دون أن تسقط السماء على الأرض خلافاً للتوقعات، ستمرّ هي الأخرى من دون أن تسقط السماء على الأرض، بل لن تعقبها تصريحات استنكار جوفاء، أو رفض خجول لها كما كان في حالة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. لكن الصمت العربي في الرد على الإعلان بشأن القدس، لن يكون من نصيب صفقة القرن التي أعلنت هيلي أن الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب على وشك طرحها قريباً.

ونقول إنها لن تقابل بصمت أو نكوص عربي، لأنه كما تشير كافة الدلائل ستلقى العكس من ذلك، أي حماسة سعودية إماراتية مصرية أردنية، تحت ذرائع مختلفة ووسط ممارسة ضغوط هائلة على ما تبقى من كيان أو وجود لسلطة محمود عباس وهيبة وميراث وطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولو تحت شعار "لاحق العيار لباب الدار"، أو لا تتركوا لإسرائيل فرصة للتخلص من ذنبها في رفض المبادرة العربية.

هذا كله يشي بحراك دبلوماسي عربي مرتقب، وجولات وصولات ليس مستبعداً أيضاً أن تتم تحت غطاء استئناف الحديث عن إعمار غزة وإنقاذ غزة من الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع، مع ضغوط مصرية تحديداً على قيادة حماس لتسليم المسؤوليات في القطاع لسلطة رام الله، وترك موضوع المفاوضات وحسم الموقف من "الصفقة" الأميركية العربية الإسرائيلية تقع على كاهل السلطة ورئيسها محمود عباس، أو ربما انتظار أن يفشلها نتنياهو، خصوصاً إذا وجد نفسه محاصراً في تهم الفساد وليست له بصمة يتركها خلفه سوى ميراث أرض إسرائيل الكاملة.

مع ذلك فإن كل هذه التحركات المرتقبة، وإن وجدت آذاناً صاغية في عواصم عربية وترحيباً حتى في رام الله من باب مكره أخاك لا بطل، لن تنفي حقيقة كونها محاولة هي الأكثر جدية في العقود الثلاث الأخيرة وبتواطؤ عربي واضح لتصفية القضية الفلسطينية كلياً واختزالها في نزاع على حدود صلاحيات الحكم الذاتي الفلسطيني على السكان الفلسطينيين، وليس على أرضهم تجسيداً فعلياً لمعاهدة كامب ديفيد المصرية - الإسرائيلية في ثمانينيات القرن الماضي، واتفاقية أوسلو قبل ربع قرن وهو ما يجعلها صفقة مرفوضة جملة وتفصيلاً.