عباس: نطالب بآلية دولية متعددة الأطراف لحل القضية الفلسطينية

عباس: نطالب بآلية دولية متعددة الأطراف لحل القضية الفلسطينية

20 فبراير 2018
عباس يندّد بالانحياز الأميركي (تيموتي أ.كلاري/ فرانس برس)
+ الخط -



طالب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء، بوضع آلية متعددة لرعاية محادثات السلام، وليس الطرف الأميركي فقط، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقال إن على دولة الاحتلال أن تتحمّل مسؤوليتها.

وقال عباس، خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، إن على المجتمع الدولي الاعتراف بدولة فلسطين، مشدداً على أن بلاده ستطالب بالحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

وعرض الرئيس الفلسطيني على مجلس الأمن مبادرة تتضمّن عقد مؤتمر دولي للسلام منتصف العام الجاري، يشمل الأطراف الإقليمية والرباعية، على غرار مؤتمر باريس.

وحول تفاصيل المبادرة، قال عباس: "سيكون من مخرجات هذا المؤتمر الاعتراف بدولة فلسطين ومنحها عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وتبادل الاعتراف بين دولة فلسطين وإسرائيل على حدود 1967، وتشكيل لجنة دولية تساعد الأطراف على التوصل إلى حل بحسب اتفاقيات أوسلو".

وأضاف "على أن يؤكد كذلك على وقف الخطوات أحادية الجانب، بما فيها المستوطنات والاعتراف بالقدس ونقل السفارة".


وقال عباس إنه مستعد للالتزام بالذهاب لأكثر من عشرين منظمة دولية، بحسب اتفاق أوسلو، إلى أن تتم تسوية الوضع بشكل كامل.

وعن استخدام السلاح، قال عباس "قناعاتنا واضحة، وهي ضد استخدام السلاح، ليس فقط النووي بل التقليدي، ولذلك حرصنا على نشر ثقافة السلام ونبذ العنف وأبدينا الاهتمام ببناء المستشفيات والتنمية المستدامة بدلاً من شراء الأسلحة". وتحدث عن 83 اتفاقاً أمنياً عقدتها السلطة الفلسطينية مع دول حول العالم، بما فيها الولايات المتحدة، وهدفها محاربة الإرهاب أياً كان أساسه.

وتطرّق الرئيس الفلسطيني إلى المسار الذي مرّت به عملية السلام قائلاً "شاركنا في مؤتمر مدريد عام 91 وعقدنا اتفاق أوسلو 93، الذي أكد على وجوب التوصل إلى حل قضايا الوضع الدائم قبل عام 1999. لكن أياً من هذا لم يحصل، وعلى الرغم من ذلك واصلنا جهودنا من أجل التوصل للسلام".

وأشار عباس إلى لقاءات عديدة بين السلطة وجهات إسرائيلية أخرى، من بينها لقاءات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وسلفه إيهود أولمرت، متسائلاً "وبعد كل ذلك، كيف يمكن القول إن الفلسطينيين يرفضون المفاوضات؟". مؤكداً على أن المفاوضات هي الطريق الوحيد للوصول إلى حل نهائي.

ولفت الرئيس الفلسطيني إلى لجوء السلطة للأمم المتحدة التي أصدرت قرارات عديدة وأخفقت في تنفيذ قراراتها حتى يومنا هذا. متسائلاً "هل يعقل أنه على الرغم من صدور 705 قرارات عن الجمعية العامة للأمم المتحدة و86 قراراً عن مجلس الأمن ألا يتم تنفيذ أي منها؟ أي أن النتيجة لا شيء".

وأشار إلى قراري مجلس الأمن 181 و194 اللذين كان تنفيذهما شرطاً لقبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة، وقال إنه لم يتم تنفيذ أي منهما كذلك. ثم قال إن إسرائيل تتصرف كدولة فوق القانون الدولي وحوّلت الوضع إلى حالة استعمار استيطاني دائم.

وأكد أن المشكلة في فلسطين ليست مع اليهودية بل مع الاحتلال والصهيونية. واستغرب أن تستمر الولايات المتحدة بإدراج منظمة التحرير الفلسطينية على قائمة الإرهاب. وقال "إذا كنا إرهابيين كيف تساعدوننا؟".

وتحدّث الرئيس الفلسطيني في كلمته عن نقل السفارة الأميركية إلى القدس وانتقد تلك الخطوة بشدة، وقال إن الولايات المتحدة خرقت شرعيتها بقرار القدس. كذلك تطرّق إلى النكبة، قبل سبعين عاماً، مشيراً إلى أنها خلّفت نحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني، وأشار إلى الجذور التاريخية للفلسطينيين في بلادهم التي تعود إلى أكثر من خمسة آلاف سنة. وتحدّث عن وعد بلفور وقال "وعد بلفور الذي أعطى فيه من لا يملك من لا حق له".

وجاءت تصريحات عباس خلال الجلسة الشهرية التي يعقدها مجلس الأمن الدولي حول فلسطين، وحضر الجلسة في نيويورك، إلى جانب الرئيس عباس، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ومبعوثه منسق عملية السلام للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف.

وتحدث ملادينوف عن الوضع الإنساني الصعب في غزة، ورحّب بالمساهمات المالية الأخيرة التي قدمتها قطر والإمارات العربية المتحدة للمساعدة في التخفيف من حدة الوضع في غزة، وناشد في الوقت ذاته المجتمع الدولي توفير تمويل إضافي لضمان الحصول على خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي المنقذة للحياة.

ومن المثير أنه ركّز على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والمصالحة الفلسطينية ولم يتطرّق بشكل مطول إلى المستوطنات، على الرغم من أن إحاطة هذا الشهر من المفترض أن تكون بمعظمها حول المستوطنات.

من جانبها، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، للرئيس الفلسطيني إن المفاوضين الأميركيين مستعدون "لإجراء محادثات، لكننا لن نلاحقكم".

وكان جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومستشاره، ومبعوثه للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، يجلسان خلف هيلي في اجتماع مجلس الأمن. ويعمل كوشنر وغرينبلات على خطة سلام جديدة في الشرق الأوسط. ولم يمكث عباس في قاعة الاجتماع لسماع تصريحات هيلي.

وأضافت هيلي: "على القيادة الفلسطينية أن تختار بين درب إدانة إسرائيل وواشنطن أو الانتقال إلى مفاوضات ستحسّن وضع الفلسطينيين".

وتأتي زيارة الرئيس الفلسطيني لمجلس الأمن وسط تصاعد التوترات داخل وخارج المجلس حول الوضع في فلسطين، خاصة بعد قرار الإدارة الأميركية نقل سفارتها إلى القدس المحتلة.



إلى ذلك، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" صائب عريقات، اليوم الثلاثاء، إن "خطاب الرئيس محمود عباس أمام مجلس الأمن وطرح مبادرة سلام تستند إلى القانون والشرعية الدولية والمبادرة العربية يشكّل فرصة تاريخية على المجتمع الدولي التقاطها، من أجل صنع سلام عادل وشامل وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتجسيد سيادة دولة فلسطين على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضايا الوضع النهائي وفقاً لقرارات الشرعية ذات الصلة، بما فيها قرارات مجلس الأمن 242، و338، و478، و2334".

وأشار عريقات في تصريحات له وصلت نسخة عنها إلى "العربي الجديد"، إلى أن الرئيس محمود عباس لم يدّخر جهداً في إيصال رسالة السلام إلى العالم، واستثمر هذا التجمع الدولي المهم الرافض للاحتلال وإجراءاته غير القانونية، من أجل ترجمة رفضهم إلى إجراءات ملموسة وعملية تعبر عن احترامهم لوظيفتهم باعتبارهم المسؤولين عن حماية منظومة الأمن والسلم الدوليين، ومن أجل التأكيد على رفض القرار الأميركي الأحادي وإلغائه في ما يتعلق بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل.

وقال إن "رؤية الرئيس عباس هي دعوة للعالم من أجل إنقاذ السلام في مواجهة المشروع الاستعماري الإسرائيلي الذي تحصن بثقافة الإفلات من العقاب على مدار 51 عاماً، ووضع آليات عملية للتنفيذ والمساءلة، وتنفيذ القرارات الدولية ووضع إطار زمني واضح لإنهاء الاحتلال وإنفاذ حقوق شعبنا غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره على أرضه، وإنجاز الاستقلال والحرية".

وشدّد على ضرورة تعاطي المجتمع الدولي مع إطار دولي جديد لرعاية عملية السلام، "بعد أن أخرجت الولايات المتحدة الأميركية نفسها من هذه العملية، وعقد مؤتمر دولي للخروج بمرجعية دولية تحضر لعملية تفاوضية مستندة إلى الشرعية الدولية ورؤية حل الدولتين".