النظام يحشد لاجتياح الغوطة... وروسيا تروّج لسيناريو حلب

النظام يحشد لاجتياح الغوطة... وروسيا تروّج لسيناريو حلب

20 فبراير 2018
تكثف القصف على الغوطة في الأيام الأخيرة (منيب تيم/الأناضول)
+ الخط -


في الوقت الذي واصلت فيه قوات النظام تصعيدها بالقصف العنيف على الغوطة الشرقية لدمشق، ازدادت مؤشرات عزم هذه القوات مع مليشيات حليفة، بدعم روسي إيراني، على بدء حملة عسكرية "غير مسبوقة" على الغوطة الشرقية، آخر معاقل المعارضة في محيط العاصمة السورية دمشق، إذ إن هناك نحو 90 ألف عائلة محاصرة منذ نحو خمس سنوات، في وقت تمّ تناقل أنباء عن وصول العميد سهيل الحسن على رأس مليشياته إلى أطراف الغوطة للمشاركة إلى جانب تشكيلات عدة أخرى تابعة لقوات النظام في الحملة.

وأفاد "الدفاع المدني في ريف دمشق"، عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، بأن "غارتين جويتين مترافقتين مع قصف براجمات الصواريخ استهدفت أحياء بلدة مسرابا، كما تم قصف سقبا، التي سقط فيها 4 قتلى، بينهم امرأة، وإصابة العديد من المدنيين بجروح، في حين ارتكب الطيران الحربي مجزرة في حمورية راح ضحيتها أكثر من 10 أشخاص، إضافة إلى استهدافه العديد من مناطق الغوطة، إذ وصل عدد الضربات الجوية الأخيرة إلى أكثر من 30 غارة، شملت مناطق واسعة، منها دوما والشيفونية".

من جانبه، أفاد الناشط الإعلامي في الغوطة الشرقية براء أبو يحيى، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "الوضع كارثي جداً في الغوطة الشرقية. ثلاث طائرات مروحية وطائرة روسية، بالإضافة إلى طائرات حربية سورية، قصفت الغوطة الشرقية".

وتحدثت وسائل إعلامية محلية عن زج النظام تشكيلات عسكرية عدة في العملية العسكرية المتوقعة في الغوطة الشرقية، على رأسها "قوات النمر" التابعة للعميد في قوات النظام سهيل الحسن، الملقب بـ"النمر". وهي مليشيا مدعومة روسياً، وسجلها مليء بالانتهاكات، في ظلّ اعتمادها سياسة الأرض المحروقة، وقضم المناطق بعد تطهيرها. كما انضمت القوات الخاصة، والفرقة المدرعة الأولى، والفرقة الرابعة، والفرقة المدرعة التاسعة، والألوية في الحرس الجمهوري 104 و105 و106، إلى المعركة.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بحسب وكالة "انترفاكس"، أمس، إن "التجربة الناجحة لتحرير مدينة حلب من الإرهابيين، قابلة للتطبيق ضد مسلحي جبهة النصرة الإرهابية في الغوطة الشرقية"، مذكراً بالعملية العسكرية التي شنت على أحياء حلب الشرقية والحصار الذي أطبق عليها، وكانت نتيجتها تهجير عشرات آلاف المدنيين والمقاتلين إلى شمال سورية. وكانت روسيا طلبت قبل أيام استثناء الغوطة الشرقية وإدلب من الهدنة الانسانية التي طرحت في الأمم المتحدة، معتبرة أن "تلك الهدنة ستخدم تنظيم النصرة".



وكانت "القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية" الروسية، في صفحتها على موقع "فيسبوك"، ذكرت أن "روسيا ستدعم تحركات القوات الحكومية البرية في منطقة خفض التصعيد في الغوطة الشرقية للقضاء على تنظيم جبهة النصرة الإرهابية، في حال لم تفلح الوسائل السلمية في تحقيق ذلك".

من جانبه، غرّد رئيس هيئة المفاوضات العليا، عبر صفحته الرسمية على موقع "تويتر"، معتبراً أن "ما يحدث لأهلنا في الغوطة من استهداف النظام وروسيا والمليشيات الرديفة للمناطق المدنية والمباني السكنية، هو استغلال للفشل المستمر للمجتمع الدولي ومجلس الأمن في تبني موقف يرقى إلى حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقهم". وأضاف "ننبه إلى مخاطر استمرار الموقف السلبي والغياب الكامل للمجتمع الدولي عن دائرة الفعل تجاه المشهد الإجرامي الذي ينفذه النظام وروسيا بحق أهالي الغوطة في ريف دمشق، بما في ذلك استخدام أسلحة محرمة دولياً التي تنذر بارتكاب جرائم ضد الإنسانية".

من جانبه، أشار المتحدث باسم فصيل "فيلق الرحمن" وائل علوان، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "القصف على الغوطة الشرقية لم يتوقف منذ سنوات، خاضت فيها الغوطة أشرس المعارك، وذروتها في العام الماضي، مع حشد النظام نخبة قواته على جبهات زملكا وعين ترما جوبر وثم عربين، فقاتل الجيش الحر الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، وسقط منهم آلاف القتلى والجرحى وعشرات المدرعات المدمّرة، ويستمر بدعم وتأييد روسي كامل لوجستي إعلامي سياسي عسكري كامل، وسط صمت عالمي أممي، يضع مسؤولية كل ما يرتكب من انتهاكات على مسؤولية ما يسمى المجتمع الدولي".

ولفت إلى أن "السيناريوهات المطروحة هي التصدي والصمود أمام الحملات، وإذا استمر صمت العالم سيستمر ارتكاب الانتهاكات"، مشيراً إلى أن "الروس لم يفوا بتعهداتهم جراء الاتفاق الذي تم في عام 2017، وتبيّن لنا أن الحل السياسي بالمنظور الروسي هو الاستسلام للأسد، وكل من يطالب بمحاسبته أو رحيله هو متطرف، ولذلك قطعنا اتصالنا بالروس بالكامل، وخيارنا يبقى الصمود ولن نقبل بالتهجير، ومقومات ذلك متوفرة".



من جهته، أبدى المتحدث باسم "جيش الإسلام"، حمزة بيرقدار، في حديث مع "العربي الجديد"، اعتقاده، بعد سؤاله حول ما إذا كان الهجوم المتوقع على الغوطة الشرقية ناتج عن فشل اتفاق خفض التصعيد في الغوطة، بأن "سبب الهجمات ليس فشل الاتفاق، فهو لم ينفذ أصلاً. وللأسف النظام لم يلتزم به والروس لم يكونوا على قدر وعودهم، بأنهم ضامنون وبالتالي تمادى النظام في إجرامه وتغاضى المجتمع الدولي عن هذه الجرائم. فقد تم استهداف مدينة دوما بالغازات السامة ثلاث مرات في أقل من شهر، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين من دون أن يتحرّك أحد، فضلاً عن التصعيد الإجرامي على بلدات الغوطة وأهلها، بعد فشل النظام ومليشياته وحلفائه في تحقيق أي تقدم أو نصر على الأرض من خلال اقتحامه للغوطة، بقصفها بالمدفعية والطيران الحربي وصواريخ الأرض أرض وكأن شيئاً لم يكن".

وأوضح أن "النظام يعتمد استراتيجية عسكرية تقوم على سياسة الأرض المحروقة من جهة، ودبيب النملة من جهة أخرى، فيعمل على قضم المساحات المراد السيطرة عليها شيئاً فشيئاً، ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، وخصوصاً على الجبهات الشرقية والجنوبية الشرقية من الغوطة وكذلك الجبهات الشمالية الغربية منها. فمنذ بداية العام الحالي حاول كثيراً التقدم من الجهة الجنوبية الشرقية، وتحديداً من النشابية ـ بين نايم ـ حزرما، فمُني بخسائر كبيرة".

وتابع أنه "منذ أكثر من أسبوع وبعد أن يأس النظام من التقدم من المحاور السابقة، حوّل محور الهجوم إلى جبهة حوش الضواهرة، واستقدم تعزيزات وعناصر لمحاولة إيجاد خرق أو ثغرة يمكنه الدخول من خلالها واقتحام الغوطة، حتى أنه استخدم العربة الجسرية الروسية أم تي 55 والتي تمكن المدرعات والآليات من تجاوز الخنادق الضخمة التي حفرها المجاهدون على طول تلك الجبهة، ولكن أيضاً هذه المحاولة باءت بالفشل ومني بخسائر كبيرة خلالها أيضاً".

ولفت إلى أن "النظام حاول مرات عدة تكريس فكرة تقسيم الغوطة بعدة أساليب لكنه لم ينجح، وذلك لأن الغوطة بقعة جغرافية متكاملة متماسكة لا يمكن السماح بتقسيمها وتجزئتها، فضلاً عن أن الغوطة بمن فيها، عند الأسد ومليشياته، أعداء له، ولن يستطيع القيام بأي مشروع تسوية أو غيره لمنطقة على حساب منطقة أخرى".



من جانبها، اعتبرت مصادر معارضة في دمشق، طلبت عدم الكشف عن هويتها، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حملة النظام الشرسة في الغوطة، التي استخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة حتى الغازات السامة المحرمة دوليا، بغطاء روسي، هي صورة واضحة لتعطيل اتفاقية وقف إطلاق النار ولفشل اتفاقية خفض التصعيد. الغوطة، وهي آخر معاقل المعارضة المسلحة في محيط دمشق، إذا ما استثنينا جنوب دمشق الذي وقعت فيه هدنة مع النظام سارية منذ سنوات، الأكثر خطراً على النظام في دمشق، بسبب قرب المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من قلب العاصمة انطلاقاً من حي جوبر، وهو الرقم الأصعب على النظام والروس، والنظام يرفض القبول بها كجزء من اتفاق خفض التصعيد".

وتابعت المصادر حديثها، معتبرة أن "الروس أنفسهم اعترفوا بأنهم سبق ونصحوا النظام بالتوقف عن محاولة التقدم في جوبر بسبب قيام المعارضة بتحصينه بتحصينات هندسية معقدة، والقيام بالالتفاف حوله ليقطع خطوط الإمداد وبالتالي حصارها حتى الاستسلام أو السقوط. وقد تجاوب النظام مع نصيحة داعميه، إلا أنه إلى اليوم لم يحقق أي تقدم يذكر رغم مرور وقت طويل على انطلاق العمليات، لكن النظام تعرّض لصفعة قوية بعد فشله في جوبر، بل قامت المعارضة العسكرية بعملية إدارة المركبات التي حققت عبرها تقدماً باتجاه دمشق، فخسر النظام نقاطاً جديدة، بينها إدارة المركبات، التي حوصر بدخلها عشرات من مقاتليه وعجز عن استعادة ما خسر، وهو ما يحاول اليوم الانتقام لأجله".

وختمت المصادر حديثها بالقول إن "ما يجري في الغوطة يأتي بعد فشل الروس بالوفاء بالتزاماتهم، عقب توقيعهم اتفاق تخفيض التصعيد مع الفصائل المعارضة في الغوطة، والذي تم فيه الاتفاق على نقل عناصر هيئة تحرير الشام، وعصبها الأساسي جبهة النصرة سابقاً، إلى إدلب، وهذا فشل بسبب تعطيل من قبل النظام بحجج مختلفة، لأن خروج الهيئة من الغوطة يسحب ذريعة النظام وحلفائه بشن العمليات العسكرية على الغوطة وحصارها".



المساهمون