إسرائيل تحتفي بتصدير الغاز لمصر... وباحثون: انكشاف أكاذيب السيسي

إسرائيل تحتفي بتصدير الغاز لمصر... وباحثون: انكشاف أكاذيب السيسي

19 فبراير 2018
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (تيبولت كاموس/Getty)
+ الخط -
احتفت السفارة الإسرائيلية في القاهرة، اليوم الإثنين، بتوقيع اتفاقية تصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر، البالغة 15 مليار دولار على مدى 10 سنوات، واصفة إياها بـ"الاتفاقية التاريخية"، التي "ستدعم العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وتعمل على تقوية التنمية الاقتصادية، وتدعيم الاستقرار، بما يلقي بظلاله على شعوب المنطقة".

وقالت السفارة، في بيان على صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، إن "الاتفاقية تتبع الاتفاقات التي تم توقيعها مع الأردن، والسلطة الفلسطينية، لتصدير الغاز"، مشيرة إلى أنها "ستكون ثمرة من ثمار اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين قبل أربعة عقود، بما يساهم في بناء مستقبل واعد للأجيال الصاعدة"، حسب تعبيرها.

وعقّب أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، عبد الخالق فاروق، قائلاً إن "الاتفاق المصري الإسرائيلي بشأن شراء الغاز من إسرائيل يكشف بجلاء عن حقيقتين، أولاهما أن كل الدعاية الحكومية المصرية حول حقل (ظهر) للغاز، والاكتفاء الذاتي المصري من الغاز كانت أكذوبة كبرى، كما هي أكاذيب إنجازات (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي التي يرددونها منذ أربع سنوات".

وأضاف فاروق، في تدوينة على موقع "فيسبوك" بشأن الحقيقة الثانية، أن "كل ما يقال في المصادر الأجنبية حول تنازل نظام السيسي عن حقوق مصر في حقل ظهر لصالح الشركة الإيطالية، والشركاء الأجانب، مقابل فقط شراء مصر لإنتاج هذا الحقل بسعر تفضيلي، يدور حول 5.5 دولارات للمليون وحدة حرارية، هو حقيقي تماماً، كما سبق ووقع نظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، اتفاقاً مع شركة بريطانية في حقل شرق الإسكندرية".

بدوره، كتب الباحث بمركز البديل للتخطيط والدراسات الإستراتيجية، إسلام أبو العز، قائلاً: "صفقة تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر تأتي لإنعاش سوق الطاقة الإسرائيلي بعد عزوف كبريات الشركات العالمية عن الاستثمار في آبار الغاز أمام سواحل فلسطين المحتلة، بسبب عوامل اقتصادية مرتبطة بتنافسية غاز شرق المتوسط، خاصة بعد اكتشافات استراتيجية مثل حقل ظهر، وأمنية/ عسكرية متعلقة بالصراع بين إسرائيل والمقاومة، ورافد جديد متعلق بالحدود البحرية بين فلسطين ولبنان".

وتساءل أبو العز: "لما إحنا عندنا اكتشافات ضخمة من الغاز، لماذا نذهب لاستيراده بمليارات الدولارات، بهدف إنقاذ حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنامين نتنياهو؟!".

وقال الباحث الاقتصادي، وائل جمال، إن "بعض ردود الفعل على صفقة استيراد الغاز، اللي حجمها ربع تريليون جنيه، إنها اتفاق (بيزنس) بين شركات خاصة، على أساس أنها شركة بتستورد (سوست)، والتي تتم أيضاً باتفاق حكومي.. أي حد عنده معرفة بالقطاع أو بضرورات تنفيذ صفقة زي دي من تسهيلات لوجيستية، بخط أنابيب أو مراكز إسالة، أو إزاي موضوع إن تحويل مصر لمركز إقليمي لتداول الغاز ده ركيزة لاستراتيجية وزارة البترول، والتعديلات القانونية التي تمت خلال السنتين الماضيتين، لتسهيل الصفقة.. يعرف إن ده مش اتفاق خاص".

من جهته، أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أحمد عبد ربه، أن "مصر وإسرائيل كان بينهما اتفاق قديم لتصدير الغاز (من مصر إلى إسرائيل)، لكن قلّت أهميته بسبب العمليات التي استهدفت خطوط الغاز في سيناء بعد ثورة 2011، فتم إعادة التفكير في اتفاقية جديدة على هامش اكتشافات مهمة للغاز في البحر المتوسط، تتصارع عليها حالياً إسرائيل ولبنان ومصر وتركيا، في الصورة أيضاً اليونان وقبرص وإيطاليا".

وأضاف عبد ربه، في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع "فيسبوك"، أنه "في مارس 2015 نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، نقلاً عن (رويترز)، عن استعداد شركات غاز إسرائيلية توقيع اتفاق مع نظيراتها المصرية لتصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر، وكان تحليل الصحيفة الإسرائيلية آنذاك أن هذا بسبب سوء إدارة الغاز في مصر، بالإضافة إلى العمليات الإرهابية التي طاولت خطوط الغاز بسيناء".

وتابع: "لكن في عام 2017، صدر كتاب مهم عن دار نشر "روتلديج"، بعنوان "كتيب التحولات في أمن الطاقة والمناخ"، والذي يظهر التحولات الإقليمية في المنطقة، بعيداً عن الشعارات والمواقف المتسرعة، وتضمن شرحاً أكثر تفصيلاً للموضوع على مستوى العالم.. وفي ما يخص مصر ذكر الكتاب صراحة أن الهدف من الاتفاق المزمع بين مصر وإسرائيل ليس استخدام مصر للغاز المستورد من إسرائيل، لكن هو أن مصر تكون "ترانزيت للغاز" بين إسرائيل وأوروبا، بحيث إن التصدير المباشر من إسرائيل لأوروبا صعب لأسباب تقنية تجعل من الجدوى محدودة.. وبالتالي مصر هاتستورد، وبعدين تصدر، وتستفيد من فارق السعر".

وفي يوليو/تموز الماضي، مهّد مجلس النواب المصري للصفقة مع إسرائيل، بعد موافقته، بشكل نهائي، على مشروع قانون تنظيم أنشطة سوق الغاز، المقدم من حكومة السيسي، بهدف السماح لشركات القطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعي، وتسويقه، بدعوى التوسع في مجالات استثمارات الغاز، من خلال إنشاء جهاز لتنظيم وتسويق الغاز بأسعار تنافسية.

وغردت الصفحة الرسمية لحركة "شباب 6 إبريل"، قائلة: "إعلام المخابرات، وأمن الدولة، هايحاول يوهم الناس إنها صفقة كويسة لمصر، فياريت أنصار السيسي، واللجان الإلكترونية، بشويش شوية، وهم بيبرروا، ويطبلوا، عشان بس مايبقاش شكلهم "بيعيِّدوا" هم والإسرائيليين في يوم واحد"، مضيفة "ماتنساش تسأل عن الاستكشافات العملاقة للغاز اللي مفروض إنها كانت هاتعمل اكتفاء ذاتي لمصر! وما تنساش تسأل عن "ضحكة السيسي" مع نتنياهو، و(يوم عيد) لإسرائيل مع السيسي، وصفقة القرن!".


وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد قال عن الاتفاقية إنها "تاريخية"، و"يوم عيد لإسرائيل"، مضيفاً أنها "ستدخل المليارات إلى خزينة الدولة الإسرائيلية، التي ستصرف لاحقاً على التعليم والخدمات الصحية والرفاهية لمصلحة المواطنين الإسرائيليين، بما يعزز من أمن تل أبيب، واقتصادها، وعلاقاتها الإقليمية".

وأعلنت شركة "ديليك" للحفر أن الشركاء في حقلي الغاز الطبيعي الإسرائيليين "تمار" و"لوثيان" وقعوا اتفاقات مدتها عشر سنوات، على أن تجري دراسة خيارات عدة لنقل الغاز إلى مصر، من بينها استخدام خط أنابيب غاز شرق المتوسط، والذي كان يتم من خلاله نقل الغاز المصري لإسرائيل قبل اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.

وقالت "ديليك"، في بيان لها، إنها وشريكتها الأميركية "نوبل إنرجي"، تنويان البدء في مفاوضات مع شركة غاز شرق المتوسط لاستخدام خط الأنابيب، مشيرة إلى أن من بين الخيارات الأخرى تصدير كمية الغاز البالغة 64 مليار متر مكعب من خلال خط الأنابيب الأردني الإسرائيلي، الجاري بناؤه في إطار اتفاق لتزويد شركة الكهرباء الوطنية الأردنية بالغاز من حقل لوثيان.