حمى التسقيط السياسي تستبق الانتخابات العراقية

حمى التسقيط السياسي تستبق الانتخابات العراقية

13 فبراير 2018
اتهامات بتمرير صفقات داخل البرلمان (حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -
قبل ثلاثة أشهر من انتهاء المدة الدستورية للبرلمان العراقي، تتصاعد حدة الخلافات التي وصلت إلى مرحلة التسقيط التي أفرزت خطاباً متشنجاً تسبّب بالإحباط للعراقيين، وفقاً لسياسيين انتقدوا إدارة الدولة العراقية بعقلية المؤامرة، هذا في وقت تضغط فيه قوى متنفذة داخل السلطة التشريعية باتجاه التلاعب ببعض القوانين بالطريقة التي توافق مصالحها.

وأكد عضو البرلمان العراقي السابق محمود عثمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عمليات التسقيط السياسي، وتمرير القوانين من خلال الصفقات صفة أصبحت ملازمة للبرلمان العراقي، موضحاً أن إحدى دورات البرلمان السابقة شهدت تمرير ثلاثة قوانين في صفقة واحدة. وأشار إلى أن أساليب التسقيط التي تجري الآن غير مبررة، مستدركاً "لكن أغلب الأمور تتم عن طريق الصفقات التي تعتمد كثير منها على التسقيط".

التسقيط السياسي في البرلمان دفع بعض القوى السياسية باتجاه اعتماد خطاب متشنج، وهي جهات تتكئ على الماضي لضمان بقائها في السلطة، بحسب عضو المكتب السياسي لـ"تحالف القوى العراقية" حيدر الملا، الذي أكد في مقابلة متلفزة أن المرحلة الانتخابية الحالية لا يمكن أن تبرر تبادل التصريحات المتشنجة التي سبّبت الإحباط للعراقيين. واتهم الملا "حزب الدعوة" الحاكم في العراق بأنه "هو الذي تسبّب بدخول تنظيم داعش الإرهابي، وبالأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد"، منتقداً من وصفهم بـ"البعض" الذين يديرون الدولة العراقية بعقلية المؤامرة والأزمة، ويعتقد أنه يحقق مصالحه من خلال ذلك.

وفي السياق، أكد عضو التيار المدني العراقي عمر مؤيد، أن حملات التسقيط السياسي المتبادلة بين البرلمانيين والسياسيين تُعتبر جزءاً من الحملات الانتخابية لبعض المرشحين، مشيراً في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن أغلب حملات التسقيط تجري داخل المكون الواحد. وأضاف: "القوى الشيعية مثلاً تستهدف قوى شيعية لأنها تتنافس معها في جنوب العراق، وكذلك الحال بالنسبة للقوى السنّية التي يُسقط بعضها الآخر في المحافظات الشمالية والغربية"، موضحاً أن هذه الحملات تتزامن مع الحديث عن صفقات واتفاقات بين بعض القوى السياسية لتمرير بعض القوانين المثيرة للجدل في الفترة المتبقية للبرلمان الذي تنتهي ولايته في الثاني عشر من مايو/أيار المقبل.

وعلى الرغم من صعوبة تعديل القوانين بعد التصويت عليها في البرلمان العراقي، إلا أن أحزاب السلطة الحاكمة في العراق فرضت تعديلات جديدة على قانون الانتخابات. وأبرز هذه التعديلات، التلاعب بشرط حصول المرشح للانتخابات البرلمانية على شهادة البكالوريوس، ليتيح التعديل الجديد، الصادر يوم الأحد، للقوى السياسية، حق منح نسبة 20 في المائة من عدد المرشحين للأشخاص الذين يحملون شهادة الإعدادية فقط.

وجاء هذا التعديل بعد ضغوط كبيرة مارستها الأحزاب السياسية الكبيرة طيلة الأيام الماضية، موضحاً أن عدداً من قادة الكتل في البرلمان العراقي لا يحملون شهادة البكالوريوس وهو أمر قد يحرمهم من المشاركة في الانتخابات لو لم يتم تعديل القانون. ولفت إلى أن هذا التعديل واجه اعتراضات من قبل عدد غير قليل من أعضاء البرلمان العراقي، لكن هذا العدد لا يمثل أغلبية برلمانية، الأمر الذي يرجح احتمال تمريره قريباً، مؤكداً أن اللجنة القانونية في البرلمان العراقي تُجري حالياً نقاشات مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بشأن الإسراع بإقرار التعديلات.

ووفقاً للتعديل الجديد على قانون الانتخابات، فإن الأحزاب يمكن أن تعيد ترتيب قوائمها الانتخابية بشكل يمنحها الحق بمنح 20 في المائة من الأسماء الواردة في هذه القوائم للمرشحين الذين يحملون شهادة الإعدادية أو ما يعادلها. كما أقر التعديل زيادة عدد مقاعد مجلس النواب العراقي من 328 إلى 329 توزع 320 منها على المحافظات و9 مقاعد تخصص كحصة ثابتة للأقليات. وفرض التعديل الجديد أمراً آخر يتمثل بتمييز بطاقات الناخبين الخاصة بضباط ومنتسبي القوات العراقية بإشارة معينة. يشار إلى أن البرلمان العراقي كان قد صوت على قانون الانتخابات البرلمانية في 22 من الشهر الماضي.


وانتقد المحلل السياسي العراقي حسن الحيدري، استجابة البرلمان للضغوط الداعية لتغيير القوانين، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد" أن السلطة التشريعية تتحول في هذه الحالة من مؤسسة ممثلة للشعب إلى جهة لتمرير رغبات الأحزاب المتنفذة. وأشار إلى أن هذه الأمور غالباً ما تحدث داخل البرلمان، لكنها هذه المرة أخطر لأنها مست جوهر قانون الانتخابات، لافتاً إلى أن هذا التعديل سيُبقي أغلب الوجوه الحالية في مجلس النواب.

ولا تختلف الكتل البرلمانية العراقية على قانون الانتخابات فحسب، إذ ينقسم البرلمان إلى معسكرين بشأن مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2018. وأعلن عضو البرلمان العراقي عن "ائتلاف الوطنية" حسن شويرد، معارضته التوجه نحو تمرير الموازنة بالأغلبية، مطالباً بفتح حوارات بين الحكومة والجهات المعترضة على الموازنة. وأشار إلى أن تدهور العلاقة بين الحكومة العراقية في بغداد، وحكومة إقليم كردستان، أثّر بشكل سلبي على إقرار الموازنة، مطالباً في تصريح صحافي بضرورة تكثيف الحوارات بين الطرفين في المرحلة الحالية. وتابع أن "الدعوات بشأن تمرير الموازنة بالأغلبية أمر مرفوض وقد يؤدي إلى مزيد من الخلافات مستقبلاً"، موضحاً أن ائتلافه الذي يتزعمه نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي، سيعارض تمرير أي فكرة لتمرير الموازنة بالأغلبية.

المساهمون