رسائل فعاليات ذكرى ثورة فبراير اليمنية: التحالف كغريم جديد

رسائل فعاليات ذكرى ثورة فبراير اليمنية: التحالف كغريم جديد إلى جانب الحوثيين

12 فبراير 2018
من الاحتفالات بذكرى الثورة اليمنية في تعز(أحمد الباشا/فرانس برس)
+ الخط -
في مناطق سيطرة التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات في محافظات جنوب وشرق اليمن، لم يكن هناك اختلاف كبير عن المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، على صعيد غياب أو محدودية الاحتفال بالذكرى السابعة لثورة 11 فبراير/شباط 2011، لكن ذلك لم يمنع المكونات والقوى الثورية من الاحتفال في محافظات أخرى. كما لم يقلل الأمر من إحياء المناسبة على أعلى المستويات، إذ احتفى بها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بخطاب مطول حمل العديد من الرسائل.
ولم تثن التطورات الأخيرة، الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، عن تجديد انحيازه لثورة فبراير التي صعدت به إلى موقع الرجل الأول في السلطة، ودافع في خطابه الذي ألقاه ليل السبت عن الثورة وعما أنجزته خلال سنوات قبل الانقلاب. وحضرت تطورات عدن في الأسابيع الأخيرة في خطابه، إذ اعتبر ما حدث في عدن أخيراً من اشتباكات دامية مؤسفة، "جرس إنذار أمام شعبنا وأشقائنا في التحالف العربي ينبههم لمن يحاولون حرف مسار معركة اليمن والخليج ضد المشروع الإيراني باتجاه مشاريع تدميرية صغيرة"، إشارة إلى ما شهدته عدن، من محاولة انقلابية من قبل الانفصاليين المدعومين إماراتياً.



في موازاة ذلك، كان أبرز ما حملته الذكرى السابعة للثورة، حالة المكاشفة بين التحالف الذي تقوده السعودية وبين أطراف وتيارات فاعلة في ثورة فبراير/شباط، على ضوء تحولات العام الأخير، خصوصاً أن ثورة فبراير التي صمدت في وجه الانقلاب، و"الثورة المضادة" وإن كانت الأخيرة تعرضت لضربة قاصمة بتفكك تحالف صالح والحوثيين، إلا أن ذلك لا يعني نهاية المخاطر، بوجود التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، واستمرار سيطرة الحوثيين على صنعاء.
وحازت الأزمة مع التحالف على نصيب الأسد، من خطاب متلفز، وجهته الناشطة اليمنية، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام في العام 2011، توكل  كرمان، ليل السبت، إذ قالت إن "كثيراً من اليمنيين لم يكن لديهم مشكلة في البداية مع التحالف العربي الذي أعلن أنه سوف يساعد السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي في إسقاط الانقلاب ومساعدته في إنجاز ما تبقى من استحقاقات العملية الانتقالية على ضوء المرجعيات الثلاث، مخرجات الحوار الوطني، قرارات مجلس الأمن، واتفاقية نقل السلطة، لكن مع مرور الأيام، اتضح أن التحالف يكذب ويمارس الخداع ويعمل على تنفيذ أجندة خاصة به لا علاقة لها بمساعدة اليمنيين، ولا دعم الشرعية، ولا بقرارات مجلس الأمن، بل تتعارض معها". كما اتهمت التحالف، باستبدال انقلاب الحوثيين لممارسة "احتلال أبشع" لليمن، ومحاولة تقسيمه، وأضافت "إن الأمور واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار: كل منطقة يتم تحريرها ولا يتم تسليمها للسلطة الشرعية هي منطقة محتلة"، داعية اليمنيين إلى العمل، لتحريرها، ورفض كامل مظاهر الهيمنة والاحتلال.

كما عكست الفعاليات التي أقيمت أو حجبت في ذكرى الثورة رسائل عدة. واحتضنت مدينة تعز، ثالث أهم المدن اليمنية، الجزء الأكبر من الفعاليات الجماهيرية ومظاهر الاحتفال  بالذكرى السابعة للثورة، إذ أقيم أمس الأحد، مهرجان كرنفالي وخطابات بحضور جموع حاشدة من المتظاهرين. ووصفت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، الاحتفالات التي شهدتها تعز اليومين الماضيين، بأنها أعادت زخم الثورة والحراك السلمي إلى المدينة، في ظل المأساة التي تعيشها منذ ما يقرب ثلاث سنوات، بسبب الحرب على أطراف المدينة والحصار الذي يفرضه مسلحو جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفاؤهم، على أبرز مداخل المدينة.
وجسّد احتفاء تعز ما تعنيه الثورة بالنسبة للمدينة، التي كانت ساحةً لأول اعتصام مفتوح يطالب بإسقاط نظام علي عبدالله صالح في 11 فبراير 2011. ولعل ما تعرضت له المدينة من محاولات وأدٍ وانتقام، جعلت  تعز تحتفظ بوهجها الثوري وتعيش مع مفردات وذكريات فبراير، أكثر من غيرها من مدن البلاد.
أما مأرب التي باتت من أبرز المدن المركزية في اليمن، فشهدت احتفالاً خطابياً وفنياً بذكرى الثورة، بحضور جمع من الشخصيات المحلية والمسؤولين الحكوميين والقيادات التي انحازت إلى الثورة. غير أن مصادر محلية قالت لـ"العربي الجديد"، إن مقتل علي عبدالله صالح، في الشهور الأخيرة على أيدي حلفائه الحوثيين، ألقى بظلاله، على حجم ونسبة الاحتفالات، مقارنة بالعام الماضي، الذي شهد فعالية رسمية، شاركت فيها قيادات عسكرية رفيعة بحفل "إيقاد شعلة الثورة"، في حين بدت الاحتفالات أقل بعد مقتل صالح، تجنباً لما يثيره ذلك من تباينات في صفوف الشرعية، على ضوء التطورات الأخيرة سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، حيث تتخذ بعض دول التحالف، موقفاً من "الربيع العربي".
وفي السياق نفسه، عكس موقف التحالف والإمارات على نحو خاص، بوصفها الدولة التي تتولى واجهة نفوذ التحالف جنوباً، نفسه على مستوى إحياء ذكرى الثورة في المحافظات الجنوبية والشرقية، بما في ذلك العاصمة المؤقتة عدن، التي انعدمت فيها مظاهر الاحتفاء بذكرى الثورة إلى حد كبير، مثلما هو بالمدن اليمنية الأخرى الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، الذين تحالفوا مع صالح بـ"الثورة المضادة"، وقتلوه في نهاية المطاف، لكنهم يعتبرون أن الـ21 من سبتمبر/أيلول 2014، تاريخ اجتياح صنعاء من قبلهم، هو ذكرى ما يطلقون عليه "ثورة" فيما هو بنظر الكثير من اليمنيين تاريخ "النكبة" التي مهدت لما لحقها من حرب أهلية وتدخل عسكري خارجي.