كيف تبدو سيناء بعد أيام من "العملية الشاملة"؟

كيف تبدو سيناء بعد أيام من "العملية الشاملة"؟

12 فبراير 2018
تتواصل الاشتباكات بين الجيش وعناصر ولاية سيناء (العربي الجديد)
+ الخط -
مرّت ثلاثة أيام كاملة على انطلاق "العملية الشاملة" للجيش المصري في سيناء للقضاء على الإرهاب باستخدام جميع الأفرع العسكرية، وقد شملت قصفاً جوياً ومدفعياً، وبعض التحركات البرية، بيّد أنه حتى اللحظة لم تظهر نتائج ملموسة للعملية، فيما يشكو الأهالي من الشلل في الحياة العامة الذي طاول المدارس والأسواق وسط ارتفاع في الأسعار.

في موازاة ذلك، كشف مصدر عسكري مصري أن وزير الدفاع، القائد العام للجيش، صدقي صبحي، أمر بتأجيل إنهاء الخدمة العسكرية للدفعات التي كان من المقرر خروجها من الجيش خلال شهر مارس/ آذار المقبل، لمدة شهر واحد، مع زيادة رواتبهم. وذكر المصدر أن القرار يأتي في سياق حاجة الجيش لأكبر عدد من المجندين خلال العملية العسكرية الموسعة التي يشنها على عناصر تنظيم "ولاية سيناء" التابع لداعش، وكذلك على الجماعات المسلحة الأخرى في الصحراء الغربية.
وأضاف أن القيادة العامة أمرت بإلغاء الإجازات للضباط والمجندين في الجيشين الثالث والثاني الميدانيين، ووحدات التدخل السريع، وبعض أجهزة المنطقة المركزية العسكرية، وذلك لحين إشعار آخر لم يحدد بعد. وتوقع المصدر أن يتم تأجيل إنهاء الخدمة للدفعات التي من المقرر عودتها للحياة المدنية في الشهور القليلة المقبلة، لحين استقرار الأوضاع في سيناء وتمكن الجيش من تحقيق مكاسب واضحة على الأرض.

غارات واشتباكات

وكان متوقعاً أن تشهد بداية العملية ضربةً قاسية لتنظيم ولاية سيناء، الموالي لتنظيم داعش، وهو المستهدف الأول من العملية، في ظل شنّ الجيش المصري لعشرات الغارات على مناطق تواجده في مدينتي رفح والشيخ زويد، إلا أن التنظيم استطاع تنفيذ هجمات عدة ضد قوات الجيش والشرطة، أدت إلى مقتل وإصابة عدد من ضباط وجنود الأمن.
وأعلن الجيش المصري، أمس الأحد، في بيان رابع للقيادة العامة للقوات المسلحة المصرية عن عملية "سيناء 2018"، التي تستهدف القضاء على الجماعات المسلحة في سيناء والصحراء الغربية ومحافظات الدلتا أشار فيه إلى مقتل 16 عنصراً من المسلحين. وقال إنّ "قوات مكافحة الإرهاب من الجيشين الثاني والثالث الميدانيين، مدعومة بعناصر من وحدات الشرطة، نفذت عمليات تمشيط ومداهمات واسعة النطاق على كافة المحاور، والمدن، والقرى بشمال ووسط سيناء".
وأعلن البيان "تدمير القوات الجوية 66 هدفاً تستخدمه العناصر المسلحة في الاختفاء من أعمال القصف الجوي والمدفعي، والقبض على 4 أفراد من العناصر الإرهابية، أثناء محاولتهم مراقبة واستهداف القوات بمناطق العمليات، وضبط 30 فرداً من المشتبه بهم".
وعن طبيعة الأهداف التي قصفتها الطائرات الحربية خلال الأيام الأولى من العملية، قالت مصادر قبلية في حديث مع "العربي الجديد"، إن غالبية الغارات استهدف مزارع وأراضي زراعية في مناطق متفرقة من رفح والشيخ زويد، من دون وقوع أي إصابات بشرية في صفوف المدنيين أو التنظيم على حد سواء، مؤكدةً أن التنظيم أعد نفسه جيدا للتصدي للعملية، والاختباء من الغارات الجوية التي كان متوقعاً بدء العملية فيها.

وأوضحت المصادر نفسها أن الحديث الإعلامي من قبل قوات الجيش عن العملية قبل بدئها، والتجهيز الميداني لها بشكل مكشوف، كان كافياً لأن يعطي التنظيم فرصةً لأخذ التدابير اللازمة لتخفيف تأثير الضربات الأولى التي لو كانت بشكل مفاجئ لحققت نتائج مرضية على الأقل، في ظل أن مجموعات التنظيم بقيت تتحرك في شوارع مدينتي رفح والشيخ زويد حتى ليلة بدء العملية العسكرية.
في موازاة ذلك شهدت مناطق متفرقة من جنوب مدينة رفح اشتباكات مسلحة على مدار اليومين الماضيين بين قوات خاصة من الجيش المصري ومجموعات عسكرية تابعة لتنظيم ولاية سيناء، من دون الإعلان عن وقوع خسائر من قبل الطرفين، فيما يتواصل تدمير المنازل في قرى غرب رفح، لإنهاء المنطقة العازلة، والتي ستقضي على مدينة رفح بشكل كامل خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

الأهالي يشكون الاعتقالات والغلاء

كما استمرت، أمس الأحد، لليوم الثالث على التوالي حملات الاعتقال الواسعة بحق مئات المواطنين في مدن العريش وبئر العبد ووسط سيناء، فيما أكدت مصادر قبلية لـ"لعربي الجديد" أن غالبية المعتقلين هم من النازحين حاملي بطاقات الرقم القومي لمدينتي الشيخ زويد ورفح.
في غضون ذلك، اشتكى المئات من سكان مدن محافظة شمال سيناء من حالة الغلاء في الأسعار التي ترافقت مع نقص المواد الغذائية من المحال التجارية والأسواق، وسط غياب واضح لأجهزة الدولة التنفيذية لمتابعة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في المحافظة التي تشهد أجواء حرب حقيقية، وإغلاقا شبه تام لمداخلها ومخارجها، مما تسبب بمنع وصول شاحنات الغذاء للمحافظة خلال الأيام الماضية.

وقال أحد وجهاء مدينة العريش، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الدولة بدأت معركتها في سيناء بدون أي مراعاة لوجود عشرات آلاف السكان الذين هم بحاجة لتأمين من النواحي كافة، خصوصاً المعيشية. واعتبر أنه "لا يصح أن تغلق محطات الوقود، وتمنع شاحنات المواد الغذائية من الوصول لمدن المحافظة، في ظل حالة الإغلاق الشامل للطرق الرئيسية والمعديات التي تمر من خلالها المواد إلى المحافظة".
وأوضح أن بعض التجار استغلوا المشهد برفع أسعار المواد الغذائية والتموينية، فيما غابت أصناف الخضروات عن الأسواق، وإنْ توفرت تكون بأسعار مضاعفة لسعرها الأصلي، مما أوجد حالة من الإرباك في صفوف المواطنين في المدينة، وكذا الحال في بقية مدن المحافظة. كما دعا محافظة شمال سيناء ووزارة التموين إلى سرعة التحرك لتدارك الموقف وتخفيف الأزمة المتفاقمة.
في المقابل، سادت حالة من التكافل الاجتماعي بين المواطنين في مناطق سيناء والإسماعيلية على مدار الأيام الماضية، إذ فتح أهالي العريش منازلهم أمام العالقين من المسافرين الفلسطينيين الذين أغلق في وجههم معبر رفح مع بدء العملية، وكذلك سكان المحافظات الأخرى الذين لم يتكمنوا من العودة لمحافظات غرب القناة، والعكس بأن نشر أهالي الإسماعيلية والقنطرة أرقاما للتواصل في حال عدم توافر أماكن مبيت لسكان سيناء الذين لم يستطيعوا الوصول للمحافظة قبيل بدء العملية المفاجئة.