فشل استجواب هند الصبيح: تأجيل لحل الحكومة الكويتية؟

فشل استجواب هند الصبيح: تأجيل لحل الحكومة الكويتية؟

02 فبراير 2018
تتهم المعارضة الوزيرة الصبيح بالتساهل مع الفساد(ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -


تحوّل ملف الاستجواب المقدّم من ثلاثة نواب معارضين في مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند الصبيح، بعد حصول الوزيرة في جلسة طرح الثقة على 29 صوتاً لصالحها مقابل 13 صوتاً داعياً لإقالتها، ليصبح ورقة حكومية رابحة أدت إلى إطالة عمر الحكومة مؤقتاً، وتشتيت المعارضة التي تمزقت بفعل هذا الاستجواب إلى قسمين وضياع كافة أوراق الضغط من يدها.

وبالإضافة إلى الدعم الحكومي غير المسبوق، حصلت الوزيرة الصبيح على دعم نواب التيار الوطني الموالين لرجال الأعمال الليبراليين، كما حصلت على دعم النواب الموالين لرئيس البرلمان مرزوق الغانم، والذين أسقطوا وزيرين من الأسرة الحاكمة في استجوابين سابقين تقدّمت بهما المعارضة. كما أنها حصلت على دعم عدد من النواب المستقلين المحسوبين على الحكومة، وقام نواب محسوبون على المعارضة بالتصويت لصالح الوزيرة، وهو ما سبب لغطاً في أروقة المعارضة انتهى بتقلص عدد أفرادها إلى 9 نواب، مما يعني تشتتها رسمياً وعدم قدرتها على التوصل لاتفاق مع الحكومة في ما يخص القضايا العالقة.

وكان من أبرز الانقسامات التي شهدتها كتلة المعارضة، انقسام "الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس) وهي الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت، إذ صوّت نائبان منها ضد الوزيرة مقابل تصويت نائب واحد معها، ولم تعلن الحركة موقفاً رسمياً من الوزيرة، لكنها تركت الخيار لنوابها في الاختيار، مراعية بحسب تصريح مقربين منها "الحساسية المناطقية والفئوية للاستجواب".

وقال النائب المعارض عادل الدمخي، لـ"العربي الجديد"، إن "ما حدث كان جنوناً، النواب يرون بأم عينهم الأرقام التي تدين الوزيرة وتوضح تساهلها في قضايا الفساد، كما توضح تشديدها على المواطنين من ذوي الإعاقة أو المطلقات والأرملات اللواتي يستلمن رواتب ضئيلة من الحكومة، ثم يقومون بالوقوف في صف الوزيرة". وأضاف: "الحكومة دعمت الوزيرة بكل قوتها وأمرت نوابها كذلك بدعمهم، وهذا الاستجواب لم يكن فنياً كما هو مفترض بل تحوّل إلى أداة سياسية تستعرض بها الحكومة قوتها".

واتهم النواب المستجوبون، خالد العتيبي، والحميدي السبيعي، ومبارك الحجرف، الحكومة بتحويل الاستجواب إلى صراع فئوي بين نواب القبائل (البدو) والحضر لإفشاله، مما حدا بأغلبية النواب الشيعة للامتناع عن التصويت. لكن نواباً موالين للحكومة نفوا هذا الأمر وقالوا إنه توهم من المستجوبين للتغطية على فشلهم.

وبات معتقلو قضية اقتحام مجلس الأمة عام 2011، ومن خلفهم نواب المعارضة، تحت رحمة حكم محكمة التمييز النهائي والمنتظر نطقه في هذا الشهر، ولا تملك المعارضة أي فرصة لمفاوضة الحكومة ومساومتها على هذا الملف، فيما باتت الملفات الأخرى وعلى رأسها ملف سحب جنسيات المعارضين والمحكومين السياسيين الذين يعيشون خارج البلاد، في طي النسيان، بسبب فشل الاستجواب.
وتُعد قضية اقتحام المجلس عام 2011 من أبرز القضايا السياسية العالقة في الكويت عقب حكم محكمة الاستئناف بسجن 70 سياسياً وناشطاً، بينهم نواب حاليون وسابقون في البرلمان على خلفية القضية، واعتقلت الحكومة على الفور المتهمين بالقضية وعلى رأسهم النائبان وليد الطبطبائي وجمعان الحربش، وأودعتهم السجن المركزي منذ أكثر من شهرين، على الرغم من اعتراضات دستورية بسبب توفر الحصانة البرلمانية لديهما، فيما استطاع عدد من قادة المعارضة الفرار خارج البلاد، وسلم آخرون أنفسهم للحكومة وعلى رأسهم النائب السابق وزعيم المعارضة مسلم البراك عقب رجوعه من الخارج.


أما الحكومة فإنها تُعد الرابح الأكبر من الاستجواب، إذ أثبتت للمرة الأولى في هذا الفصل التشريعي قدرتها على الثبات في وجه البرلمان، كما أنها استطاعت تفريق كتلة المعارضة والحصول على دعم نيابي من داخلها، وإنهاء أي فرصة في إتمام الصفقة التي عُقدت بين زعيم المعارضة البرلمانية جمعان الحربش، والذي يقبع في السجن بتهمة اقتحام المجلس، وبين الحكومة، والتي نصت على الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإعادة الجنسيات المسحوبة وإسقاط كافة الأحكام السياسية عن المعارضين. وستتفرغ الحكومة الآن لجدول الأعمال الخاص بها بالتعاون مع النواب الموالين لها، والذي يتكوّن من عدة نقاط أبرزها الإصلاحات الاقتصادية.
واستفادت الحكومة من أخطائها في دور التشريع الماضي، إذ سارعت هذه المرة إلى التدخّل في اللجان البرلمانية وزج أعضائها فيها وإقصاء كافة نواب المعارضة منها، مما يعني أن أي قانون لن يمر إلى البرلمان للتصويت عليه من دون موافقة الحكومة أولاً أو قيامها بتعديلات عليه.

لكن المحلل السياسي والكاتب الكويتي سعد العجمي، رأى في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك مبالغة في تصوير القدرة الحكومية على تجاوز استجواب الصبيح، لأن ما حدث ببساطة هو توافق رغبة الأقطاب الحكومية والبرلمانية في بقائها شخصياً، أما مسألة استمرارية الحكومة فهي مستحيلة جداً لأنها باتت عاجزة عن القيام بأي شيء في ظل حالة الجمود السياسي التي تعانيها البلاد بعد أحكام قضية دخول مجلس الأمة، لافتاً إلى أن التوقعات والتخمينات تشير إلى حل قريب للبرلمان ومن ثم حل الحكومة  وإعادة تشكيلها بعد انتخاب برلمان جديد، ليترأس نجل الأمير وزير الدفاع الحالي ناصر صباح الأحمد الصباح، الحكومة الجديدة كما هو مقرر ومتوقع.

وأثار الصعود السريع والمفاجئ لنجل الأمير الحالي برؤيته النيوليبرالية للاقتصاد، التوقعات بأن يكون الرئيس المقبل لمجلس الوزراء، خصوصاً مع فشل الحكومة الحالية في حلحلة القضايا الداخلية أو التقدّم بملفات الإصلاح الاقتصادي وفرض ضريبة القيمة المضافة ورفع الدعم عن السلع الأساسية، فيما يتخوّف برلمانيون من أن يرافق هذا الصعود استبدالهم بنخبة سياسية جديدة تتمثّل في تغيير رئيس البرلمان الحالي مرزوق الغانم، واستبداله بالنائب السابق ومنافسه التجاري والسياسي محمد جاسم الصقر، وهو ما دعا الغانم للوقوف بقوة مع استمرارية الحكومة الحالية.

المساهمون