واشنطن تفشل بتمرير قرار أممي يدين "حماس" و"الجهاد الإسلامي"

واشنطن تفشل بتمرير مشروع قرار أممي بإدانة حركة "حماس" و"الجهاد الإسلامي"

نيويورك
ابتسام عازم (العربي الجديد)
ابتسام عازم
كاتبة وروائية وصحافية فلسطينية تقيم في نيويورك. مراسلة "العربي الجديد" المعتمدة في مقرّ منظمة الأمم المتحدة.
07 ديسمبر 2018
+ الخط -

فشلت الولايات المتحدة بفرض مشروع قرارها الذي يدين المقاومة المسلحة في فلسطين، وعلى وجه التحديد حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، حيث لم تحصل على أغلبية الثلثين المطلوبة لتمرير القرار.

وحصل مشروع القرار الأميركي على تأييد 87 دولة ومعارضة 58 دولة وامتناع 32 عن التصويت. وفي المقابل تبنت الجمعية العامة مشروع قرار إيرلندي بأغلبية ساحقة حيث أيدته 156 دولة وعارضته 6 دول وامتنعت 12 دولة عن التصويت.

وفي تصريح خاص لـ"العربي الجديد" بعد انتهاء الجلسة قال السفير الفلسطيني، رياض منصور، "أعتقد أن هذا كان هذا يوم نصر كبير للشعب الفلسطيني بكل مكوناته. وقف العالم مع الشعب الفلسطنيني على الرغم من الغطرسة والابتزاز ولوي الأيادي وكل أشكال العمل المشين الذي أقدمت عليه الإدارة الأميركية لمحاولة إلغاء أسس الحل المتعارف عليها دوليا المبنية على العدل والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال وإنجاز الاستقلال لدولة فلسطين وعاصمتها القدس".

ثم أضاف "نجح الشعب الفلسطيني في الدفاع عن كل مكوناته مجتمعة في دحر العدوان  الأميركي الذي كان غرضه الأساسي تدمير الإجماع الدولي للحل، ليفتحوا الطريق أمام أمام صفقة القرن التي تكون جذورها وأساسها أفكار الرئيس (دونالد) ترامب". وقال منصور "العالم يعلم إن الحل لا يمكن إلا أن يكون على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ودفاعا عما ترمز إليه الأمم المتحدة والنظام  (الدولي) المتعدد". 

وكانت بوليفيا، بدعم من الجانب الفلسطيني، قد تقدمت بتعديل على مشروع القرار الأميركي، كتكتيك لإجبار الأميركان على سحب المشروع أو إضعافه لكن الجانب البوليفي سحب التعديل في اللحظة الأخيرة كي لا يحصل على نسبة الثلثين المطلوبة لتبنيه. ويشكل التصويت المؤيد وبأغلبية ساحقة للقرار الإيرلندي (قرار أوروبي) صفعة بوجه السفيرة الأميركية  ورسالة واضحة أن المجتمع الدولي ما زال يؤمن بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة المتعلقة بحل الدولتين.

وقال رياض منصور سفير فلسطين للأمم المتحدة إن "بلاده ترفض التدابير العقابية التي تتخذها الإدارة الأميركية كنقل السفارة إلى القدس. وهي قرارات تشجع إسرائيل على الإفلات من العقاب". وأضاف "ما حدث اليوم في الجمعية جاء على أساس مواجهة لم تكن ضرورية. الهدف كان مجرد توجيه أصابع الاتهام بشكل صارخ"، وقال منصور "دور الجمعية تحقيق الحقوق المستدامة لعدد من القضايا المعقدة. العمل الأميركي يتعارض مع ذلك النهج. العنف والإرهاب جزء خطير من هذا النزاع ونرفض أي محاولة تختصر القضية الفلسطينية في قضية عنف وإرهاب فحسب، الأمر يتعلق بقضية أراض واحتلال وشعب يحرم من حقه ويحرم من العيش بسلام وكرامة في أرضه".

وقال منصور "هناك خطابات تساعد على أن تتنصل إسرائيل من مسؤولياتها. السبب الجذري لما يحدث هو الاحتلال والحصار المفروض على شعبنا"، ثم شكر جميع الدول التي رفضت مشروع القرار الأميركي.

وشهدت الجمعية نقاشات حادة، قبل التصويت على مشروع القرار الأميركي، حول طريقة التصويت. وفي العادة يتم تبني قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية بسيطة، أي خمسين بالمئة من الدول المصوتة زائد واحد. لكن يمكن لدول أعضاء في الجمعية العامة وباسم مجموعات بعينها اعتماد القرار، وفي حال كانت القرارات التي ستعتمدها تتعلق بالأمن والسلم الدوليين يمكنها أن تطلب التصويت بموجب مبدأ الثلثين.

ولاحظ الجانب الفلسطيني والدول الداعمة له أن الولايات المتحدة، وتحديداً سفيرة الولايات المتحدة نيكي هيلي، تمكنت من الحصول على تأييد عدد كبير من الدول حيث قامت بـ"جهود جبارة"، تراوحت بين الترغيب والترهيب، للضغط من أجل التصويت لصالح مشروع قرارها. وعارضت المندوبة الأميركية بشدة التصويت على مشروع بمبدأ الثلثين. لكن الجمعية العامة صوتت لصالح طلب الكويت، باسم المجموعة العربية، وبوليفيا وغيرها من الدول باعتماد مبدأ الثلثين للتصويت على مشروع القرار وبذلك تم إفشال الخطوة الأميركية.

ونص المشروع الأميركي على تعديلات فضفاضة ومبهمة طالب بها الجانب الأوربي وهي "الأخذ بعين الاعتبار قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة" دون أن يحددها أو يسميها. كما لا يذكر مشروع القرار الأميركي مفردة "فلسطين" أو "دولة فلسطين" بل يتحدث عن "سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين" ناهيك عن عدم ذكره لكلمة "احتلال" أو إدانة للممارسات الإسرائيلية وقتل الفلسطينيين وحصار غزة إضافة إلى غياب أي ذكر للاجئين.

وقدمت الولايات المتحدة مشروعها تحت عنوان "أنشطة حماس وغيرها من الجماعات المقاتلة في غزة". ويدين مشروع القرار "حماس لإطلاق صواريخ بصورة متكررة إلى داخل إسرائيل وللتحريض على العنف، مما يعرض المدنيين للخطر"، كما تطالب الجمعية العامة وفقا للمشروع "حماس والأطراف المقاتلة الأخرى، بما فيها حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، بوقف جميع الأعمال الاستفزازية والأنشطة العنيفة، بما في ذلك عن طريق استخدام الأجهزة الحارقة المحمولة جوا؛ وتدين استخدام الموارد من جانب حماس في غزة لإقامة بنى تحتية عسكرية تشمل أنفاقا للتسلل إلى إسرائيل، ومعدات لإطلاق صواريخ على المناطق المدنية، في حين يمكن استخدام هذه الموارد لتلبية الاحتياجات الملحة للسكان المدنيين".

كما دعا المشروع "جميع الأطراف لاحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني بما فيها تلك التي تتعلق بحماية السكان المدنيين". ودعا كذلك إلى وقف "جميع أشكال العنف والتخويف الموجهة صد موظفي المساعدة الطبية والإنسانية وتكرر (الجمعية العامة) تأكيد أهمية احترام حرمة مباني الأمم المتحدة وحيادها". ومن المثير في القرار كذلك البند السادس الذي يشجع خطوات ملموسة صوب تحقيق المصالحة بين الفلسطينيين ودعم جهود الوساطة المصرية، في الوقت الذي يشير فيه كذلك إلى اتخاذ خطوات ملموسة نحو إعادة توحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية وكفالة سير أعمالها على نحو فعال في القطاع.

وقال سفير الكويت إن "مشروع القرار يصرف الانتباه عن الأسباب الجذرية للقضية الدولية ويساهم في كسر التوافق الدولي حولها" لافتا إلى أن "السلام الشامل يستند على قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة ذات الصلة والمبادرات المختلفة بما فيها مبادرة الدول العربية والتي نصت على أن التطبيع مع إسرائيل يجب أن يسبقه انهاء الاحتلال على أساس حدود ما قبل 1967".

وقدمت إيرلندا مشروع قرار تحت عنوان "إقامة سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط". ويشر القرار، الذي تم تبنيه بتأييد 156، لقرارات الجمعية العامة ذات الصلة كما استرشد بمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه. ونص القرار على تأكيد الجمعية العامة للأمم المتحدة على "دعوتها إلى القيام، دون إبطاء، بتحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها قرار مجلس الأمن 2334 (2016)" وهو القرار الذي يدين المستوطنات ولم تستخدم إدارة الرئيس أوباما الفيتو حينها لمنع إصداره.

ويؤكد القرار الأوربي كذلك على "مرجعيات مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية وخريطة الطريق التي وضعتها اللجنة الرباعية. وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في عام 1967، بما في ذلك احتلال القدس الشرقية، وتؤكد (الجمعية العامة) من جديد في هذا الصدد دعمها الثابت، وفقاً للقانون الدولي، للحل القائم على وجود دولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنباً إلى جنب في سلام  وأمن داخل حدود معترف بها على أساس حدود ما قبل عام 1967".