100 يوم على فشل تشكيل حكومة السويد... انتخابات مبكرة؟

100 يوم على فشل تشكيل حكومة السويد... انتخابات مبكرة؟

19 ديسمبر 2018
الشارع بات يتهكّم على الطبقة السياسية (ناصر السهلي/العربي الجديد)
+ الخط -
لا تزال السويد تعيش مأزق فشل تكتل يمين ويسار الوسط، في تشكيل حكومة جديدة، بعد مرور أكثر من 100 يوم على انتخابات 9 سبتمبر/أيلول الماضي، وسط توقعات بإمكانية التوجه نحو انتخابات مبكرة، في سابقة لم تشهدها البلاد.

ومنذ أن احتل أعضاء البرلمان الجديد مقاعدهم، بدت واضحةً صعوبةُ حصول أي من الطرفين على الأغلبية المطلوبة (175 مقعداً) لتشكيل الحكومة، لا سيما مع حصول حزب اليمين المتشدد "ديمقراطيو السويد" (إس دي) على 64 مقعداً، وتعهد الأحزاب السياسية بعدم التعاون معه نتيجة مواقفه المتطرفة تجاه قضايا الهجرة.

وعلى الرغم من اتفاق تحالف يمين الوسط، خصوصاً "الديمقراطي المسيحي" مع كثير من طروحات "إس دي" في بعض النواحي الاجتماعية والاقتصادية، وسياسات الهجرة المتشددة، إلا أنّ التعهد بعدم التعاون معه، عمّق مأزق التوصل إلى تحالفات مع الوسط، تقبل بتشكيل ائتلاف حكومي.

خلال المائة يوم الماضية، كلّف البرلمان الذي يترأسه أندرياس نورلين من يمين الوسط، رئيس حزب "الاعتدال" أولف كريسترسون من المعسكر نفسه، ورئيس حكومة تصريف الأعمال ستيفان لوفين من "الاجتماعي الديمقراطي"، تشكيل حكومة سويدية جديدة.

فشلُ الكتلتين في التوافق على حكومة، بعيداً عن أصوات أقصى اليمين، يضع البلاد أمام احتمال الذهاب إلى انتخابات مبكرة، وهي قد تكون سابقة لم تعهدها السويد، بعد أن تستوفي 4 محاولات للحصول على 175 صوتاً برلمانياً.

وفشلت، في الأيام الماضية، محاولة لوفين الثانية، ما أعاد الكرة إلى رئيس البرلمان. وأمام نورلين محاولتان قبل أن يعلن عن انتخابات مبكرة، بعد أن عاشت الساحة السياسية السويدية مأزقاً يثير قلق الشارع، وتهكمه في الوقت نفسه من الطبقة السياسية.

واضطر رئيس البرلمان، لعقد مؤتمر صحافي، اليوم الأربعاء، بعد يوم من فشل لوفين في تأمين دعم الأحزاب لتشكيل حكومة جديدة.

وعبّر نورلين عن "الاعتذار" للشعب السويدي، لعدم تمكّن الساسة من تشكيل حكومة قبل أعياد الميلاد، مشدداً على أنّه "من غير المحتمل المضي نحو محاولة ثالثة قبل السنة الجديدة".

وأكد أنّ "المضي إلى انتخابات مبكرة، لن يتم قبل إجراء محاولة أخرى (من ضمن 4 محاولات) في 16 يناير/كانون الثاني المقبل"، وإذا فشلت المحاولة فربما تتجه السويد إلى انتخابات مبكرة في إبريل/نيسان المقبل.

يتخذ اليمين مواقف متطرفة تجاه قضايا الهجرة ( ناصر السهلي/العربي الجديد)


وتسود مخاوف بين مؤيدي يمين الوسط المعتدل، ويسار الوسط، من "تقدّم الأجنحة المتشددة على خارطة السياسة السويدية"، وفقاً لوصف المرشح البرلماني العربي على قائمة "الاجتماعي الديمقراطي"، لـ"العربي الجديد"، في استوكهولم.

ويُعتبر الفشل في تشكيل حكومة جديدة في السويد، بعد أكثر من 100 يوم، "محبطاً للسياسة السويدية عامة ولقادة الأحزاب"، بحسب وصف رئيس برلمان السويد، اليوم في مؤتمره الصحافي، والذي بدا فيه محبطاً، باعتبار الفشل "تعبيراً عن إمكانية إحداث ضرر جدي لكل الأطراف وللنظام الانتخابي في البلد".

وبالرغم من انتماء رئيس البرلمان، إلى حزب يمين الوسط "مودراتا" (الاعتدال)، إلا أنّه لم يخف رغبته في أن ينجح "الاجتماعي الديمقراطي"، ورئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي ستيفان لوفين في تشكيل حكومة وسط، مرجّحاً أنّ الفترة "حتى العام الجديد ستكون متاحة للدخول في نقاشات عميقة، حتى أثناء فترة أعياد الميلاد".

ويسعى رئيس "الاعتدال" أولف كريسترسون، ولوفين، إلى استغلال الفترة القادمة لتحشيد دعم ترشح كل منهما إلى رئاسة الوزراء، رغم فشلهما، بدورتين، في محاولات الحصول على الأغلبية من الأعضاء الجدد الذين انشغلوا طيلة فترة ما بعد الانتخابات، بحسابات ما يمكن أن ينقذ السويد من مأزق غياب التوافق لأكثر من 3 أشهر على حكومة للبلد.

قلق في الشارع من فشل الساسة تشكيل حكومة قبل أعياد الميلاد (ناصر السهلي/العربي الجديد)


ولفتت صحيفة "داغنس نيوهتر" في استوكهولم، اليوم الأربعاء، إلى أنّ تأخر تشكيل الحكومة "بات يصبّ في مصلحة جناح التشدد في يمين الوسط"، مشيرة إلى أنّ حزب "المسيحي الديمقراطي"، المتشدد في هذا المعسكر، بات يحرز تقدماً في الاستطلاعات على حساب حزب الوسط.

ويُعتبر تراجع الوسط، إضعافاً لموقف زعيمته آني لوف، في مسعى "الاجتماعي الديمقراطي" لضمها إلى ائتلاف حكومي كان يأمل تشكيله.

لقد أظهر استطلاع لـ"إيبسوس"، تراجعاً بثلاث نقاط للوسط، من 10 إلى 7%، مقابل تقدّم المسيحي من 5 إلى 8%، في أكبر حصيلة له منذ عام 2003.

وبالرغم من محاولات حزب "ديمقراطيو السويد" المتشدد، استغلال ركنه جانباً في مداولات تشكيل الحكومة (مع حصوله على 64 مقعداً، وتعادل تقريبي بين كتلتي يسار الوسط ويمينه بواقع 144 و143 نائباً) للعب دور الضحية ودغدغة مشاعر السويديين.

غير أنّ استطلاع "إيبسوس" يظهر أنّ حصول الحزب على 20% في استطلاعات الشهر الماضي، تراجع إلى 18%، في الاستطلاع الجديد المنشور اليوم الأربعاء.


وتحذر درودا دالروب أستاذة العلوم السياسية في جامعة استوكهولم، من أنّ "الوضع بات معقداً ومنغلقاً"، معربة عن اعتقادها بأنّه "لا مخرج للأزمة سوى بالذهاب إلى انتخابات مبكرة، رغم أن ذلك أيضاً لن يحلّ الاستعصاء الذي تعيشه مملكة السويد بشكل استثنائي"، بحسب تصريحات نقلتها "سفنسكا داغبلاديت".

وفي ضوء التوقعات المتزايدة من التوجه نحو انتخابات مبكرة، باتت أحزاب الوسط تخشاها، كما عبّرت عن ذلك آني لوف من "الوسط" قائلة إنّ "احتمالين لا ثالث لهما، فالانتخابات المبكرة لن تصبّ سوى في مصلحة (ديمقراطيو السويد)، أو الذهاب إلى النموذج الألماني لإقامة تحالف يكون فيه العمل متجاوزاً للكتل، بين (الاجتماعي الديمقراطي) و(الاعتدال)، في ظل غياب أغلبية لدى المعسكرين".

ويقول إميل صرصور المرشح العربي على لائحة "الديمقراطي"، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إنّ "احتمالية استغلال الوقت المتبقي للدخول في مساومات عملية تقوم على البراغماتية السياسية بين يسار الوسط ويمينه، تظل محل مراهنة، حتى لا يمنح (ديمقراطيو السويد) فرصته التي يبحث عنها".

ويتابع: "رغم ذلك، فالذهاب أيضاً إلى انتخابات مبكرة، ربما يعيد البريق لـ(الاجتماعي الديمقراطي) بعد أن رأى الشعب كيفية تصرّف الأحزاب في محاولات رئيس الحكومة الحالي ستيفان لوفين البحث عن حلول وسط، وهي سياسة سيستمر بها دون التفريط بمبادئ الحزب".

 

المساهمون