الذكاء الاصطناعي للرئاسة الجزائرية

الذكاء الاصطناعي للرئاسة الجزائرية

19 ديسمبر 2018
تتردد معلومات عن احتمال تأجيل الانتخابات الرئاسية (توماس تروتشيل/Getty)
+ الخط -
دَرس السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتَخَصص في الذكاء الاصطناعي، وإليه تنسب مجمل العمليات السياسية والقرارات التي تتخذها الرئاسة، خصوصاً في الفترة التي تلت تعرض الرئيس لوعكة صحية قبل خمس سنوات.

في الأيام الأخيرة يطرح الذكاء الاصطناعي للرئاسة الجزائرية أحدث إنتاجاته السياسية، "الاستمرارية" و"التمديد" و"تأجيل الانتخابات" و"ندوة وفاق وطني"، وإلى حد ما تشبه هذه الأفكار السياسية قوارير المياه المعدنية، حيث الماء هو نفسه طعماً ومذاقاً في أكثر من علبة وعلامة ليس إلا، ذلك أن مؤداها واحد، وهو أن يستمر الرئيس بوتفليقة إلى ما بعد عام 2019، سنة أو بضع سنوات أو لعهدة رئاسية كاملة، وحده الله يعلم.  

لكن ثمة سؤالاً يطرح على هامش النقاش الجديد الذي يدور في الساحة الجزائرية بشأن هذه الأفكار السياسية، هل السلطة فعلاً في أزمة؟ وهل هي بحاجة إلى خدمات قوى سياسية (من الموالاة أو من المعارضة ) لتمرير أي من مشاريعها التي سينتهي خيارها إليها، الولاية الرئاسية الخامسة أو تأجيل الانتخابات والتمديد للرئيس أو عقد ندوة للوفاق الوطني؟

في مثل هذا التوقيت السياسي من عام 2008 كانت السلطة أمام مأزق دستوري جدي، لأن الرئيس بوتفليقة كان قد استهلك حقه الدستوري في الترشح للرئاسة مرتين مثلما ينص عليه الدستور، ولم يكن متاحاً له الترشح لولاية ثالثة، ومع ذلك أبدع الذكاء الاصطناعي للرئاسة فكرة تعديل الدستور وفتح العهدات الرئاسية وأمكن لبوتفليقة أن يواصل فترة ثالثة من حكمه.

وفي مثل التوقيت أيضاً من عام 2013، كانت السلطة أمام مأزق دستوري آخر، كان الرئيس بوتفليقة في حالة عجز طبي لا يسمح له بشغل منصب الرئاسة بعد وعكة أبريل/نيسان 2013 ومكوثه حتى يوليو/تموز من نفس السنة في مستشفى باريسي، ووجد الذكاء الاصطناعي للرئاسة الحل في أن يتم ترتيب مشهد تلفزيوني لتقديم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لملف ترشحه إلى المجلس الدستوري ويستقبل عدداً من الضيوف الأجانب، وتالياً تقوم أحزاب الموالاة وشبكة الجمعيات الموالية والكارتل المالي بمستلزمات الحملة الانتخابية.

وفي ظروف أكثر اختلالاً من الراهن لم تكن السلطة قلقة. لا تعوزها الفكرة ولا تعدم الوسيلة، خصوصاً إذا كانت تمتلك "الذكاء الاصطناعي". وفي محطات سياسية واستحقاقات مشابهة، كانت مؤسسات النظام تعمد إلى اصطناع مأزق سياسي وحالة من الغموض واختلاق هامش من الجدل، تعتقد خلاله المعارضة أنه فرصتها لتعزيز موقفها وتحسين شروط المشاركة السياسية، ريثما تصنع ميكانيكا النظام المخرجات الممكنة بالذكاء الاصطناعي.

دلالات