لبنان يحضّر ملفاته بعد الإنذار الفرنسي: الأنفاق قديمة

لبنان يحضّر ملفاته بعد الإنذار الفرنسي: الأنفاق قديمة

15 ديسمبر 2018
يواصل الاحتلال مراقبة الأوضاع على الحدود (حسين بيضون)
+ الخط -

تنتظر لبنان معركة دبلوماسية مرتقبة في مجلس الأمن الدولي مع إسرائيل، على خلفية ملف الأنفاق التي يقول الاحتلال إنه اكتشفها خلال عملية "درع الشمال" وتعود لـ"حزب الله"، وتشكّل خرقاً للقرار الدولي رقم 1701، بحسب تل أبيب، فيما تُعد السلطات اللبنانية ملفاً لمواجهة الادعاءات الإسرائيلية، على الرغم من أن المعركة لن تكون سهلة بحسب ما بدأ يظهر من الموقف الفرنسي.

ويحاول لبنان في معظم اتصالاته الدولية تأكيد الالتزام بالقرار 1701، الذي أنهى عدوان 2006 بقرار إبعاد "حزب الله" إلى شمال نهر الليطاني بعيداً عن الحدود الفلسطينية المحتلة. بالتوازي، ووفق معلومات "العربي الجديد"، يُعد لبنان ملفاً يشمل الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية بالتفصيل، بهدف مواجهة إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، في موازاة إعداد بيروت ملفاً تفصيلياً يشير إلى أن الأنفاق التي ادعى الاحتلال وجودها، تعود لفترة الثمانينيات، إضافة إلى محاولة التشكيك بأنفاق أخرى والتأكيد أن الكلام عنها ملفق.

وأشار الرئيس اللبناني ميشال عون خلال استقباله منسقة الأمم المتحدة في لبنان، برنيل داهلر كارديل، الخميس الماضي، إلى أن لبنان ينتظر التقارير الميدانية التي تُعدّها قيادة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) حول الأنفاق قبالة الحدود الجنوبية، للتأكد ما إذا كانت تجاوزت "الخط الأزرق"، مجدداً تأكيد التزام لبنان احترام القرار 1701 بحرفيته، في وقت تواصل فيه إسرائيل انتهاك السيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً بمعدل 150 خرقاً كل شهر.
على أن البارز كان تصريح رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من لندن، والذي أكد فيه أن مسألة "حزب الله" هي إقليمية وإيرانية، مشيراً إلى أن الحروب الإسرائيلية ضد لبنان لم تُضعف الحزب، داعياً إلى "الجلوس إلى الطاولة لبحث" مسألة الحزب.

وبات في حكم المؤكد لبنانياً أن إسرائيل ستلجأ فور انتهاء عملية "درع الشمال" إلى مجلس الأمن، لتطلب عقد جلسة لبحث الملف، وإطلاع المجتمع الدولي على ما تسميه خروقات "حزب الله"، إضافة إلى بحث موضوع القرار الدولي رقم 1701، تمهيداً لطرح تعديل مهام "اليونيفيل" مجدداً، وتوسيع صلاحياتها لتشمل كل المعابر البحرية والبرية والجوية، وهو الأمر الذي طُرح مرتين في السابق خلال العام الماضي، وتحديداً خلال جلسات تمديد مهمة "اليونيفيل" التي تعقد دورياً بضغط أميركي، من دون أن ينجح المسعى الهادف إلى زيادة الضغط على الحزب اللبناني. وأدت فرنسا دوراً رئيسياً في إحباط محاولتي توسيع صلاحيات "اليونيفيل"، وذلك خوفاً من أن يؤدي هذا الأمر إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة من جهة، وخشية على حياة جنودها المشاركين في القوة الدولية من جهة ثانية.


إلا أنّ البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الفرنسية الأربعاء الماضي، وأعربت فيه عن "قلقها" من الأنفاق التي "تنتهك قرار مجلس الأمن 1701"، ترك قلقاً في بيروت، خصوصاً أنه سبقته رسائل فرنسية واضحة بضرورة الإسراع في تأليف الحكومة والتزام لبنان بالقرارات الدولية. وهذه ليست المرة الأولى التي تضغط فيها فرنسا من أجل تطبيق القرارات الدولية، خصوصاً القرار رقم 1701، والقرار رقم 1559 (الصادر في 2004 والذي يطالب جميع القوات الأجنبية المتبقية بالانسحاب من لبنان، ويدعو إلى حل جميع المليشيات اللبنانية ونزع سلاحها)، وهي فعلت ذلك في بيان مؤتمر "سيدر" (الذي عُقد في باريس ربيع 2018 بهدف تقديم قروض مالية للبنان شرط اتخاذه إجراءات اقتصادية وسياسية من خصخصة وبيع قطاعات عامة ومكافحة الفساد...). ويأتي ذلك في موازاة عودة الحديث دولياً عن ضرورة بحث الاستراتيجية الدفاعية للبنان، والتي كانت محط بحث في الحوارات السابقة التي عقدت بين القيادات اللبنانية بلا نجاح.
من هنا، يخشى كثيرون في بيروت أن تعود موجة الضغط الأميركي لتوسيع مهام "اليونيفيل"، من دون ممانعة فرنسية هذه المرة، وخصوصاً أن "اليونيفيل" قالت إنها تأكدت من وجود نفقين بعد زيارة وفد منها إلى الأراضي المحتلة.

وأكدت مصادر لبنانية حكومية لـ"العربي الجديد" أنه على الرغم من صعوبة المعركة في مجلس الأمن، لكن وردت إشارات دولية واضحة تستبعد أي عدوان إسرائيلي جديد، واضعة ما يحصل في خانة محاولات تطويق "حزب الله" ومحاصرته، واستكمالاً للمساعي الأميركية في ضربه مالياً وتجفيف منابع تمويله، إضافة إلى الحرب المفتوحة على إيران مالياً.

ونقلت وسائل إعلام عبرية في اليومين الماضيين أجواء من محاولة تل أبيب الضغط على بيروت من خلال واشنطن. لكن الأخيرة لا تزال رافضة لفرض أي عقوبات على لبنان وجيشه في هذه المرحلة. ويبدو أن عودة الحديث في أروقة بعبدا (القصر الرئاسي) عن الحوار الوطني، يهدف إلى تطمين المجتمع الدولي، وبعث رسالة واضحة بأن لبنان جاد في بحث الاستراتيجية الدفاعية، على الرغم من أن هذا الموضوع "أكبر من لبنان"، باعتراف الحريري نفسه.