عقدة مطار صنعاء تعكر خرق المعتقلين: إلى مشاورات يناير

عقدة مطار صنعاء تعكر خرق المعتقلين: إلى مشاورات يناير

13 ديسمبر 2018
من المقرّر مواصلة المشاورات الشهر المقبل (كلاوديو بريشياني/فرانس برس)
+ الخط -
بدت الأطراف اليمنية في السويد، أمس الأربعاء، على مشارف تحقيق خرق ثانٍ يتعلّق بملف مطار صنعاء، قبل أن تعود المفاوضات إلى دائرة الفشل، مع رفض الحوثيين تحويل المطار الدولي للعاصمة إلى محلي، ونقل صفة المطار الدولي إلى عدن، ليبقى الخرق الوحيد المحقق هو ذاك المتعلق بتبادل أسماء الأسرى والمعتقلين من الطرفين، والذين يفترض البدء في إطلاق سراحهم في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، عشية ختام جولة المشاورات، اليوم الخميس. ويعقد الاجتماع الختامي للاجتماعات التي بدأت في 6 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، بين وفد الحكومة "الشرعية" والحوثيين، اليوم، بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس. ومثّلت المشاورات خطوة أولى في طريق استئناف العملية السياسية، بل تحوّلت إلى ما يشبه "جولة تمهيدية" لمحطة مقبلة من المفاوضات مرتقبة الشهر المقبل. وسَرَت معلومات عن أن "وفدي الحكومة والحوثيين اتفقا أمس على إعادة فتح مطار صنعاء للرحلات الداخلية"، قبل أن ينفي النبأ كل من وفدي الحكومة والحوثيين الذين تمسكوا بتسيير رحلات دولية مباشرة من مطار صنعاء بلا تفتيشها في عدن وسيئون.

وبرزت عقبة أخرى أمس، مع إعلان الأمم المتحدة وجود منصات جديدة لإطلاق صواريخ إيرانية في مناطق الحوثيين، ما شكّل انتكاسة لأجواء الارتياح النسبية والحذرة. وأفاد تقرير نصف سنوي لـ أنطونيو غوتيريس، أمس الأربعاء، بأن "الأمانة العامة للأمم المتحدة فحصت حاويتين - قاذفتين لصواريخ موجّهة مضادة للدبابات كان التحالف بقيادة السعودية قد صادرها في اليمن، ولاحظت سمات خاصة بإنتاج إيراني وعلامات تتحدث عن تاريخ الإنتاج في 2016 و2017". وأضاف أنها "فحصت أيضاً صاروخ أرض - جو تم تفكيكه جزئياً وصادره التحالف بقيادة السعودية، ولاحظت سمات خاصة تتطابق على سمات صاروخ إيراني". وأوضح التقرير أن "التحقيق لمعرفة مصدر هذه الأسلحة مستمرّ". ونفت إيران باستمرار تسليم الحوثيين أسلحة.

وأفادت مصادر يمنية في أروقة المشاورات لـ"العربي الجديد"، أن "مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، أبلغ المشاركين بالتحضير لاختتام الجولة المنعقدة اليوم الخميس، مع تأكيد حضور غوتيريس وإجرائه محادثات مع الوفدين، على أن يلقي كلمة في ختام هذه الجولة من المفاوضات".

وخلال الحفل الختامي، في منطقة ريمبو التي يقع فيها مقرّ إقامة المفاوضين اليمنيين، سيعلن غريفيث عن مكان وزمان انعقاد الجولة المقبلة من المفاوضات، المتوقعة في يناير/ كانون الثاني المقبل، كما سيعلن حصيلة سبعة أيام من الاجتماعات التي عُقدت، وتشمل ملف الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسرياً وملف إعادة مطار صنعاء الدولي وإنهاء الحصار الذي يفرضه الحوثيون على عدد من مداخل مدينة تعز، فضلاً عن الملف الاقتصادي والإطار الشامل للحل السياسي. وقد أوضح وزير الثقافة في الحكومة مروان دماج أن "مقرّ المفاوضات وتوقيتها بالتحديد ما زالا قيد الدراسة"، مؤكداً أن "الجانبين يناقشان حالياً مقترحات مبعوث الأمم المتحدة بشأن مدينة الحديدة المحاصرة، والمطار في العاصمة اليمنية، صنعاء". وأضاف أن "الحكومة تريد من الحوثيين الانسحاب من الحديدة، وبعدها يمكن للجانبين مناقشة الخطوات الأخرى التي تتضمّن السماح بإشراف الأمم المتحدة وإقامة إدارة محلية من زمن ما قبل الحرب للمدينة".

كذلك ذكر مكتب غريفيث أن "المجموعة النسوية اليمنية الاستشارية ناقشت على هامش مشاورات السويد السبل الممكنة لإشراك النساء في عملية صنع السلام". والمجموعة مشكّلة وفقاً لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني (2014) التي نصّت على تخصيص حصة نسبتها 30 في المائة للنساء في المناصب العامة وفي الوفود واللجان خلال المفاوضات. وتضم المجموعة ثماني نساء يعملن مع مكتب غريفيث في جولة المشاورات الحالية. وذكر المكتب الأممي على موقعه الرسمي أن "المجموعة عقدت، يوم الثلاثاء الماضي، اجتماعات مع وفدي الحكومة اليمنية والحوثيين، على هامش مشاورات استوكهولم، وكذلك مع عدد من الدبلوماسيين، بالإضافة الى لقاء مع وزيرة خارجية السويد، مارغوت فالستروم". وأوضح أن "المجموعة النسائية المختصة بحثت السبل الممكنة لإشراك أصوات النساء اليمنيات في عملية صنع السلام. كما شاركت في تقديم أوراق واستراتيجيات عمل لدعم وساطة غريفيث لإنهاء الحرب".

وكانت جلسة المشاورات قد تمحورت منذ انطلاقها في السادس من الشهر الحالي حول القضايا الإنسانية، وتصدرها ملف الأسرى والمعتقلين، والذي يمثل التقدم بشأنه التطور الأبرز خلال الأيام الماضية، إذ تبادل الطرفان كشوفات تضم آلاف الأسماء من المعتقلين والمفقودين، وأغلبهم في سجون الحوثيين. واتفق الطرفان على تشكيل لجنة متابعة لتنفيذ مضامين الاتفاق بالإفراج المتبادل عن جميع الأسرى والمعتقلين، على أن تبدأ الخطوات التنفيذية العملية بالاتفاق، في غضون أسابيع بحضور اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بعد استكمال الملاحظات المقدمة من الطرفين. وأكد العضو في وفد الحوثيين، عبد الملك العجري، لوكالة "فرانس برس"، أمس، أن "هناك تقدماً وإن كان بصعوبة. تقدم بطيء. هناك تعنت من الطرف الآخر"، مشيراً إلى أن "الأمور قد تصبح أكثر وضوحاً اليوم". من جهته، أكد العضو في وفد الحكومة عسكر زعيل، أن "وفده سيتمسك بشدة بقرار مجلس الأمن الدولي 2216 الصادر في إبريل/ نيسان 2015، وينص على انسحاب المتمردين من المدن التي سيطروا عليها منذ عام 2014، بما في ذلك الحديدة".

ومثّل مطار صنعاء الدولي والوضع الإنساني في محافظة تعز عناوين بارزة في نقاشات الأيام الماضية، إذ طالب الحوثيون بإعادة فتح المطار أمام الرحلات المدنية والتجارية، في ظل المعاناة التي سببها إغلاق المطار للآلاف من اليمنيين، وفي المقابل اشترط الجانب الحكومي فتحاً جزئياً للمطار، فتتوقف الرحلات في مطار عدن الدولي الخاضع للقوات الحكومية والتحالف (السعودية والإمارات)، وهو ما رفضه الحوثيون، في ظل استمرار النقاشات حول التفاصيل، والأمر نفسه ما يتعلق بالوضع في تعز، والتي قدم حولها المبعوث الأممي ورقة للنقاش، تتضمّن العديد من نقاط التهدئة.

وكان من الطبيعي أن تمثل الحديدة التحدي الأبرز خلال مشاورات السويد، وهو ما أثبتته اجتماعات أسبوع من المفاوضات، وكان التقدم الأبرز بشأن المدينة، هو تسريب ما قيل إنه نصّ مبادرة أممية تقترح جملة من الترتيبات الأمنية والإدارية في الحديدة، من شأنها نزع فتيل المعركة وإيجاد وضع استثنائي للمحافظة اليمنية الحيوية التي تعد الشريان الرئيسي في البلاد، تكون فيه الكلمة الأولى مؤقتاً على الأقل، للأمم المتحدة، كوسيط ومراقب وضامن لتنفيذ الاتفاق المقترح، والذي أبدى الجانب الحكومي تحفظات بشأن القبول به.

وبالنظر إلى مختلف التصريحات سواء عن المبعوث الأممي أو عن المفاوضين، فإن جولة المشاورات في السويد هدفت لتحقيق تقدمٍ نوعي في ملفات "بناء الثقة" (يتصدرها ملف الأسرى ومطار صنعاء)، بالإضافة إلى الاتفاق حول الإطار المقترح للحل السياسي الشامل، الذي سيجرى التفاوض بشأنه في الجولة المقبلة.

وفي تكريس للمسار السياسي، أبلغت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، السيناتور الديمقراطي جاك ريد، عزمها استرداد تكاليف الإمدادات بالوقود المقدّمة للعمليات العسكرية في اليمن، من السعودية والإمارات. وأضافت أن "واشنطن توفر بالفعل الدعم لعمليات السعودية والإمارات في اليمن، وأن الدعم يأخذ شكل تقديم خدمات التزود بالوقود جواً وتوفير المعلومات الاستخباراتية التي تجمعها الطائرات من دون طيار". وجاء ردّ وزارة الدفاع بناء على استجواب قدمه ريد، بشأن "تسلّم القيادة المركزية الأميركية من السعودية والإمارات بدل خدمات التزود بالوقود وساعات طيران طائرات التزوّد بالوقود للفترة ما بين عامي 2015 و2018". وتشير التقديرات إلى أن قيمة الخدمات التي قدمتها الولايات المتحدة لطائرات التحالف بقيادة السعودية خلال الفترة المذكورة يمكن أن تصل إلى مليارات الدولارات. مع العلم أن السعودية أعلنت الشهر الماضي إيقافها تلقي خدمات إعادة التزود بالوقود من الولايات المتحدة.