الحرب الإيرانية السعودية الجديدة

الحرب الإيرانية السعودية الجديدة

10 ديسمبر 2018
ترى إيران أنّ لهذه العمليات من يدعمها إقليمياً(فرانس برس)
+ الخط -
سارع الحرس الثوري الإيراني بعد وقوع هجوم تشابهار الذي استهدف مركزاً للشرطة في محافظة سيستان وبلوشستان قبل أيام، لتوجيه أصابع الاتهام نحو أجهزة استخباراتية أجنبية، فحدّد المتحدث باسم الحرس، رمضان شريف، السعودية بالاسم، معتبراً أنها على ارتباط بجماعات وصفها بالإرهابية، تدعمها لتنفيذ هجمات داخل إيران. هجوم تشابهار وقع في منطقة استراتيجية تحمل أهمية اقتصادية لإيران، وهي التي تفتح منفذاً أمامها عبر المياه الدولية، فتشقّ طريقاً للتجارة من المحيط الهندي وتحديداً من نقطة تقع في أقصى جنوب شرقي إيران، باتجاه دول آسيا الوسطى والقوقاز وشرق أوروبا. المنطقة ذاتها تقع في محافظة تعاني من الفقر ومعدلات بطالة مرتفعة للغاية. وهي التي تجاور أفغانستان وباكستان، وتعكرها الأجواء الأمنية وتشهد على أعمال مسلحة تتكرر بين الفينة والأخرى. إذ يتحرك على ذاك الشريط الحدودي تجار ومهربو المخدرات، فضلاً عن تواجد مجموعات تصنفها إيران كإرهابية، وتضم عناصر من البلوش السُنّة المعارضين، من قبيل "أنصار الفرقان" التي تبنت عملية تشابهار التي نفذها انتحاري كان يقود سيارة مفخخة، ما أدى لمقتل أربعة أشخاص وإصابة ثلاثين تقريباً.

تدرك إيران منذ مدة أنّ الخطر يحدق بها من ذاك الشريط الحدودي بالذات، رغم أنها تتعرّض لتهديد آخر من جهة الغرب المحاذية لإقليم كردستان العراق. لكن ضبط الوضع في سيستان وبلوشستان قد يكون أكثر تعقيداً، ويرتبط ذلك بالتضاريس الجغرافية الصعبة، وبتحرك أولئك بحريّة على الشريط المحاذي لباكستان وفرارهم نحو أراضيها بعد تنفيذ العمليات، كما حصل في مدينة ميرجاوه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث اختطفت عناصر جماعة تسمى بـ"جيش العدل"، اثني عشر عسكرياً إيرانياً، واستطاعت طهران بالتواصل مع إسلام أباد إعادة خمسة منهم.

وترى إيران أنّ لهذه العمليات من يدعمها إقليمياً، وكما تتهم الولايات المتحدة وإسرائيل، تشعر بخطر سعودي، وفقاً لتصريحات مسؤوليها. وكل هذا سيلحقه المزيد من التعزيزات الأمنية الحدودية، إلى جانب التنسيق مع باكستان بالذات. فالمؤتمر البرلماني الأخير الذي استضافته طهران بحضور رؤساء مجالس ست دول إقليمية من بينها أفغانستان وباكستان، ركّز كثيراً على البعد الأمني، وحاول الضغط باتجاه تشكيل تحالف سيحمي الغرب نفسه من تبعات الأزمات المتعددة التي قد تلحق بإيران والإرهاب واحد منها، وفقا لما لمّح إليه رئيس البلاد حسن روحاني. فطهران التي تسعى جاهدة لحشد التأييد الدولي على عدة صعد، تحاول عدم جرّ الأمور لمعركة مباشرة مع الرياض، مع أن ساحات الاشتباك بينهما في دول عدة بدأت بالاقتراب جغرافياً.