من يحمي صحافيي الداخل؟

من يحمي صحافيي الداخل؟

01 ديسمبر 2018
ثلاثة أنواع من الحماية للصحافيين والناشطين (ثائر محمد/فرانس برس)
+ الخط -

في كل مرة يتعرض فيها صحافيون وناشطون فاعلون في الداخل السوري لاستهداف، سواء من قبل قوات النظام أو من قبل الجماعات المتطرفة، تبدأ حملات التنديد والاستنكار، كما تبدأ مختلف الجهات بطرح المبادرات التي تدعو لحماية من تبقى من ناشطين وصحافيين في الداخل، ثم ما تلبث تلك المبادرات أن تتلاشى شيئاً فشيئاً مع خبو مظاهر العزاء والاستنكار والتضامن مع الضحايا. لكن عملياً هناك ثلاثة أنواع من الحماية يتم العمل على تطبيقها، دون أن يكون لها أي نتائج من الممكن أن تؤدي إلى حماية فعلية لناشطي الداخل. النوع الأول، هو الحماية الذاتية التي يتبعها الناشطون أنفسهم اعتماداً على خبراتهم الشخصية في الحماية الجسدية والحماية الرقمية، وهي خبرات في معظمها تم اكتسابها من الممارسة العملية، لكنها في غالب الأحيان قد تخونهم ولا تكفي لحمايتهم من المخاطر.

فيما النوع الثاني من الحماية هو برامج السلامة المعتمدة لدى المؤسسات التي يعمل لصالحها هؤلاء الناشطون، وهي برامج في معظمها تعتمد على سياسات سلامة ممتازة نظرياً، لكنها بما يخص ناشطي الداخل مرتبطة بإجراءات قانونية تجعل منها غير فعالة في حمايتهم. فعلى سبيل المثال هناك إجراءات في معظم برامج السلامة لإخلاء أي ناشط صحافي في حال تعرضه لخطر من قبل أية جهة، إلا أن هذه الإجراءات مقيدة باتباع الوسائل القانونية في عملية الإخلاء، أي أن تتم عملية النقل إلى مكان آمن وفق الطرق القانونية، وهذا الأمر غير ممكن في مناطق المعارضة بسبب إغلاق الحدود مع الجانب التركي، وعدم قدرة المؤسسات على إقناع الجانب التركي بإخلاء الحالات التي تتعرض للتهديد، الأمر الذي يجعل هذه العملية مستحيلة وفق برامج السلامة، ما يضطر بعض الناشطين للتصرف واللجوء إلى طرق التهريب للابتعاد عن التهديد، الأمر الذي ينطوي أيضاً على الكثير من المخاطر إضافة إلى الكلف المادية الكبيرة.

أما النوع الثالث من الحماية، فهو البرامج التدريبية التي تقوم بها المنظمات الدولية، وهي برامج تعتمد على التدريب على السلامة الجسدية والرقمية والنفسية، إلا أن هذه البرامج لا تصل إلى محتاجيها من الناشطين بسبب عدم قدرة المنظمات على الدخول للمناطق التي يتواجد فيها الناشطون واكتفائها بتدريب الصحافيين والناشطين الموجودين في تركيا على تفادي مخاطر هم أساساً لا يتعرضون لها بسبب عدم تواجدهم في مناطق الخطر. طبعاً هذا عدا عن أن معظم برامج الحماية التي تقدمها المنظمات قد تكون مصممة لمناطق أخرى في العالم تختلف طبيعتها وواقعها عن الواقع السوري، الأمر الذي يحول معظم تلك البرامج لمجرد وسيلة لصرف ميزانيات تلك المنظمات، ليبقى الناشطون السوريون في الداخل بانتظار حلول حقيقية تقلل من المخاطر المحيقة بهم وتضمن لهم قدراً أكبر من السلامة.