بصيص ضوء

بصيص ضوء

09 نوفمبر 2018
لم يوقف أهالي غزة مقاومتهم الشعبية (حسن جدي/الأناضول)
+ الخط -
ليست التفاصيل والإجراءات المختلفة هي المهمة، بمقدار أهمية خطوة تلقّي آلاف الموظفين في قطاع غزة، جزءاً من رواتبهم المتأخرة، بفضل الدفعة التي قدّمتها دولة قطر، والاتصالات المتواصلة، ومن ضمنها الجهود المصرية، سعياً للتوصل إلى تهدئة في القطاع، ترفع عن كاهل الشعب الفلسطيني ويلات الحصار، وتبعد عنه شبح الكارثة الإنسانية. ولعل أهم ما تمنحه هذه الخطوة، التي تُرجمت أمس بطوابير طويلة من أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع ممن تأخرت رواتبهم لأشهر، وتراجعت قدرتهم على توفير أساسيات الحد الأدنى المطلوبة للوجود الإنساني، هو فرصة لطرفي الانقسام الداخلي الفلسطيني، للعودة أخيراً إلى مسارات المصالحة والحوار الوطني، أملاً في الوصول إلى اتفاق مصالحة حقيقي، أو البدء بتنفيذ اتفاقيات المصالحة السابقة بعيداً عن الحرب الكلامية وتراشق الاتهامات بين الطرفين.

صحيح أن اتفاق تهدئة بين حركة "حماس" ودولة الاحتلال بات على ما يبدو قريباً، لكن هذا لا يعني في حال حصوله، مع تحقيق مكاسب أولية برفع الحصار الإسرائيلي المفروض عن القطاع، أن يُستغل للمناكفة السياسية وتراشق الاتهامات، كما شهدنا أمس، بين "حماس" والسلطة الفلسطينية.

وبعيداً عن هذه المناكفة، وعلى الرغم منها، لا يمكن إنكار أن فرص التهدئة الحالية تأتي كما هو واضح بشكل جلي للعيان، بفعل صمود قطاع غزة، والمقاومة الشعبية السلمية أيضاً التي عكستها مسيرات العودة منذ انطلاقها في مارس/آذار الماضي، وإدارة الصراع والإصرار على مطالب رفع الحصار، من جهة، وعدم قدرة الاحتلال، بفعل حساباته العسكرية المختلفة، والاعتبارات الإقليمية وربما أيضاً الدولية، على شن عدوان عسكري على القطاع، على الرغم من ارتفاع أصوات داخل حكومة الاحتلال، وللمفارقة أيضاً من معسكر المعارضة الإسرائيلية، الداعية لإنزال ضربة قاسية بحركة "حماس"، من جهة أخرى.

السؤال المهم الآن، بعد الدفعة الأولى من رواتب الموظفين في غزة، هو كيف يمكن المضي قدماً في خلق أجواء ثقة بين "فتح" و"حماس"، وتحويل بصيص الضوء الذي ظهر أمس الجمعة إلى حزمة ضوء، تتبعها حزمات وصولاً إلى طرد عتمة الانقسام الفلسطيني، حتى يبزغ فجر المصالحة والوحدة، بما يعيد للشعب الفلسطيني الأمل بإطلاق مشروع موحّد هدفه الرئيسي والأساسي هو إنهاء الاحتلال والتحرر من قيوده وويلاته وسد الطريق أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية نهائياً.

المساهمون