حزب جديد لابن أربكان: تحريك لخريطة الإسلام السياسي التركي

حزب جديد لابن أربكان: تحريك لخريطة الإسلام السياسي التركي

09 نوفمبر 2018
انطبع اسم أربكان الأب بالذاكرة الجماعية التركية(بولنت كيليك/فرانس برس)
+ الخط -

يعتزم فاتح أربكان، ابن الزعيم التركي الراحل نجم الدين أربكان، الإعلان عن تأسيسه حزباً سياسياً جديداً في تركيا، الشهر الحالي، للاستمرار بـ"الأهداف التي رسمها والده، ومشروعه في الاتحاد الإسلامي". وسبق لأربكان الأب، أن شارك وأسس أحزاباً عدة في تركيا، وواجه التيارات العلمانية ورموزها، وتعرّض لانقلابات والحظر السياسي، وآخر حزب أسسه هو حزب السعادة، برئاسة تمل قره موللا أوغلو، الذي تحالف مع أحزاب المعارضة العلمانية والقومية، خلال انتخابات 24 يونيو/حزيران الماضي.

ونشر فاتح أربكان أخيراً رسالة بعنوان "تفضلوا شاركوا بدايتنا"، مشيراً إلى أن "تاريخ الإعلان سيكون في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي"، متخذاً من مقولة والده "الربيع لا يكون بوردة، ولكن الربيع يبدأ بوردة". ولفت إلى أن "والده بدأ في عام 1969 مسيرته من أجل خلاص الإنسانية جمعاء، وبمناسبة ذكرى وفاته وذكرى بداية صمود الشعب في 29 تشرين الأول/أكتوبر، فإن الحركة الوطنية عليها أن تعيش ربيعها الثاني مستهدفة 7 مليارات إنسان، وتنطلق قافلتها مجدداً".

أما على الصعيد السياسي التركي، فإن تشكيل حزب جديد لابن شخصية مرموقة لدى التيار الإسلامي في تركيا، ربما يدفع حزب العدالة والتنمية لاستشعار الخطر، في ظل عدم فعالية حزب السعادة الذي أسسه أربكان الأب، غير أنه سيتم منح بعض الوقت للحزب الجديد والفرصة لإظهار نفسه، في ظل التأكيد على التمسك بمبادئ أربكان.

ولعل وجود هذا الحزب ذي التوجه الإسلامي، يعد بديلاً مناسباً للناخبين المحافظين، عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، وفي حال لم يحقق الحزب بداية جيدة كما حصل مع أربكان الأب، فإن المضي قدماً بخطى ثابتة ربما يؤثر في الحياة السياسية التركية، ويستقطب تيارات وقادة إسلاميين له، ممن لا يتوافقون مع توجهات حزب العدالة والتنمية.

في مقابل ذلك، فإن المعارضة التركية ربما تجد في الحزب الجديد بديلاً حقيقياً لحزب السعادة الذي يعتبر أداؤه باهتاً، لأن المعارضة تعمل على استمالة الإسلاميين عبر ترشيح رموز منهم، مثل التوافق على شخصية أكمل الدين إحسان أوغلو في انتخابات 2014 الرئاسية، ولكنها فشلت، فيما رئيس حزب السعادة، كان مخيباً في انتخابات يونيو/ حزيران الماضي، ولم ترتق كلماته لمستويات تجذب الناخب التركي المحافظ.

كل هذه التطورات تأتي قبل انتخابات الإدارة المحلية المقبلة، بعد أقل من 5 أشهر، وستكون الانتخابات مهمة ليظهر الحزب نفسه ربما عبر تحالفات معينة، تجعله يتمكن من المشاركة، لأن سن الحزب القانونية لا تسمح له بالمشاركة، ومهما كانت الأمور فإن عودة الحركة الوطنية الأربكانية للمشهد السياسي التركي، سيكون لها انعكاس، وإن لم يظهر على المدى القريب، ربما يكون خلال السنوات المقبلة.

ونجم الدين أربكان من أبرز زعماء تيار الإسلام السياسي في تركيا، وقد بدأ حياته السياسية بعد تخرجه من كلية الهندسة، وأصبح رئيساً لاتحاد النقابات التجارية ثم انتخب عضواً في مجلس النواب عن مدينة قونية، لكنه منع من المشاركة في الحكومات المختلفة بسبب نشاطه المعادي للعلمانية، وتولّى رئاسة وزراء تركيا في الفترة بين عامي 1996 و1997، أيام كان رئيساً لحزب الرفاه، قبل تنحيه بفعل تدخل الجيش، وحظر حزب الرفاه وأحيل أربكان إلى القضاء بتهم مختلفة منها انتهاك مواثيق علمانية الدولة، ومنع من مزاولة النشاط السياسي لخمس سنوات، لكن أربكان لم يغادر الساحة السياسية فلجأ إلى المخرج التركي التقليدي ليؤسس حزباً جديداً باسم الفضيلة بزعامة أحد معاونيه وبدأ يديره من خلف الكواليس. وتمّ حظر هذا الحزب في عام 2000. ومن جديد عاد أربكان ليؤسس بعد انتهاء مدة الحظر في عام 2003 حزب السعادة، لكن خصومه من العلمانيين، تربصوا به ليجري اعتقاله ومحاكمته في نفس العام بتهمة اختلاس أموال من حزب الرفاه المنحل، وحكم عليه بالسجن عامين وكان يبلغ من العمر وقتها 77 عاماً. وخلال وجوده في إحدى حكومات بولنت أجاويد، حاول أربكان فرض بعض قناعاته على القرار السياسي التركي، وأسهم في تطوير العلاقات مع العالم العربي، وأظهر أكثر من موقف مؤيد صراحة للشعب الفلسطيني ومعاد لإسرائيل.


دلالات