4 مطالب جزائرية لفتح الحدود والتطبيع مع المغرب

4 مطالب جزائرية لفتح الحدود والتطبيع مع المغرب بعد خطاب محمد السادس

07 نوفمبر 2018
ترقب للرد الجزائري الرسمي على دعوة محمد السادس (Getty)
+ الخط -
ألقى خطاب العاهل المغربي، الملك محمد السادس، ليلة الثلاثاء، حجرا في مياه العلاقات الجزائرية المغربية الراكدة منذ أكثر من 23 سنة، عبر دعوته الجزائر إلى "فتح حوار جدي بين البلدين، عبر آلية سياسية يتم الاتفاق عليها"، واستعداد الرباط لمناقشة أي اقتراحات قد تطرحها الجزائر، بهدف تطبيع كامل للعلاقات، وضمان حسن الجوار، وفتح الحدود المغلقة منذ ديسمبر/ كانون الأول 1994.

ولم تعلن الجزائر إلى الآن عن أي رد رسمي بشأن دعوة العاهل المغربي للحوار وفتح الحدود، لكن استطلاعا أوليا لقراءة دبلوماسيين جزائريين ومسؤولين في الخارجية الجزائرية يشير إلى أن الجزائر لن تعترض على هذه الدعوة، وأنها قد تبدي انفتاحا تجاه المغرب.

وفي السياق، أوضح دبلوماسي جزائري لـ"العربي الجديد"، أن "الجزائر لا يمكن أن ترفض دعوة العاهل المغربي، لكن الأمر يحتاج إلى مرحلة لبناء الثقة أولا، ثم وضع أسس واضحة وملزمة للتفاهم".

وأكد الدبلوماسي ذاته أن الجزائر "ما زالت عند مطالبها الأربعة نفسها في علاقتها بالمغرب: وقف الحملات الدعائية والإعلامية والدبلوماسية بين البلدين، ووقف تدفق المخدرات إلى الجزائر، وحسن الجوار والتسوية الشاملة بالحوار، وتحييد قضية الصحراء الغربية وإبقاؤها ضمن سياق المعالجة ضمن مقررات الأمم المتحدة"، مشيرًا إلى أنّ "هذه المطالب يجب أن يتفق عليها البلدان قبل مباشرة أي حوار جدّي، لأنه لا يمكن إطلاق الحوار في ظروف من الدعاية والحرب الدبلوماسية، وفي الوقت الذي يعتبر فيه المغرب الجزائر طرفا في قضية النزاع في الصحراء". 

وشدد المتحدث ذاته على "إصرار الجزائر على استبعاد قضية الصحراء من أي نقاش ثنائي، كونها قضية تخص الأمم المتحدة، تُستدعى فيها الجزائر كبلد جار وملاحظ".


وأشار إلى أنه "من المهم أن يجري التذكير بتفاهمات فبراير/ شباط 2013، حيث سبق للجزائر والمغرب أن اتفقتا على ما سبق ذكره، وكان هناك توجه لتبادل الزيارات على مستوى عال بين المسؤولين، غير أن الرباط ألغت كل هذه المراحل في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2013"، حيث أعلنت الجزائر أن الطرف المغربي "حرق هذه التفاهمات". 

واتهمت الجزائر الرباط بـ"الاستمرار في حملة التشويه التي تقوم بها وسائل إعلام رسمية ضدها، وبعدم التعاون في مجال مكافحة المخدرات، وتهديد السلامة الإقليمية للجزائر بتصرفات غير مسؤولة من بعض السياسيين، بعضهم يشكلون جزءا من الائتلاف الحكومي"، في إشارة إلى تصريحات حادة أطلقها وزير الخارجية المغربي الأسبق صلاح الدين مزوار، ضدّ الجزائر باستخدام عائداتها من النفط للضغط على الدول الأفريقية لإبقاء اعترافها بجبهة البوليساريو، ردّ عليها لاحقا وزير الخارجية الجزائري عبدالقادر مساهل، الذي اتهم المغرب بـ"استخدام وتبييض أموال المخدرات في دول أفريقية".

ولا يخفي دبلوماسيون جزائريون محاذير في شكل تساؤلات تطرح في سياق تقدير الموقف، من أن يكون تحول الموقف المغربي بالنسبة للعلاقة مع الجزائر له علاقة بتداعيات إقليمية ترتبط بمؤشرات خلخلة مرشحة في منطقة الخليج بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وكذا بعد التطورات في علاقة البلدين مع جارتهما موريتانيا.

وبحسب مراقبين، فإن مبادرة الملك المغربي قد تشجع الجزائر على تقديم رد إيجابي، بغض النظر عن ظروف ودوافع الرباط في مسعى تطبيع العلاقة بين البلدين.

ناشطون يعلقون على دعوة ملك المغرب

إلى ذلك، تباينت ردود فعل النشطاء على دعوة الملك المغربي بين مرحب بالدعوة وحذر تجاهها.

وينظر عبد الهادي كلكلي، وهو إعلامي ينشط في الحقل الاقتصادي، إلى خطاب الملك بأنه "كان جد بناء وإيجابياً. أتمنى أن تكون ردة الفعل الجزائرية مماثلة، يجب تجاوز حالة الجمود بين البلدين، والنظر إلى المستقبل بإيجابية، لأن المستقبل للشعوب، والشعوب هي الباقية".

وطرح الإعلامي ايدير دحماني مجموعة عوامل يعتقد أنها ضرورية لنجاح الحوار السياسي بين البلدين، وأكد أنه "لن ينجح أي حوار أو تقارب أو اتحاد ما لم تتوقف الحاشية الحاكمة في كل من الجزائر والمغرب عن التكالب على السلطة، وتكوين الثروات ونهب الأموال وتعميم الفساد وقمع الحريات وإهانة كرامة الإنسان، وعدم احترام الحقوق، ومنع التداول على الحكم، والإبقاء على الشعوب في حالة فقر، ورهينة صراعات سياسية تهدف إلى تخديرها وإبعاد نظرتها عن المشاكل الحقيقية".

وطرح الإعلامي هشام موفق، في تعليقه على طلب العاهل المغربي للحوار السياسي مع الجزائر، جملة من التساؤلات حول ما إذا كان الموقف الجديد للمغرب "يعبر عن نية صادقة لحلحلة الوضع الجزائري المغربي، بعد تأكد الأخير من أن أحداثا جساما ستمس المنطقة بعد تلك الحاصلة بالمشرق العربي"، أم أن الأمر يتعلق "بمناورة سياسية للاستغلال والاستثمار في الاضطراب الحاصل الآن داخل نواة النظام بالجزائر من جهة، ورسم صورة معينة للجزائر أمام الرأي العام الدولي"، أم أنها "مجرد محاولة للالتفاف على معطيات ميدانية، أمنية واقتصادية بالأساس، تكون قد حصلت أخيرا؟".


وبرأي الناشطة المدنية في الجزائر أميرة بوراي، تعليقا على خطاب محمد السادس: "ملك المغرب يريد تحسين العلاقات بين الجزائر والمغرب، شيء جميل جداً، ولكن لم تكن يوما العلاقات بين الشعبين سيئة، فعلاقاتكم سيئة مع النظام، لأن بينكم وبينه تغذية لمؤامرات ليس لها أساس من الصحة لتخويف الشعوب وتغذية الكراهية".

 لكن بوراي أشارت إلى ضرورة أن تصلح الأنظمة نفسها أولا، "على النظام الجزائري إطلاق سراح الأبرياء والمناضلين، وعليكم إطلاق سراح الزفزافي وأصدقائه، ثم يكون الأمر سهلا. وليس أن تتصرف الأنظمة في البلدان كالصعاليك وثم تقدم نفسها بشكل جيد"، واعتبرت أن "الشعوب أصبحت أكثر وعيا من الأنظمة".

من جهته، اعتبر النائب السابق في البرلمان الجزائري، يوسف خبابة، الدعوة المغربية إيجابية، وقال "المغرب الشقيق يقترح حوارا مباشرا مع الجزائر الشقيقة، لكن لماذا يخاطب الجيران بعضهم بعضا عبر وسائل الإعلام، ما دور السفراء والبعثات الدبلوماسية إذن؟ هل هي إرادة حقيقية في الحوار وتجاوز الخلاف أم تسجيل نقاط فقط؟ ذلك ما تكشفه الأيام، وما تبوح به الخارجية الجزائرية بعد فك شيفرة خطاب الملك".