مصر: مطالبات قبطية بالتسلح بعد جريمة المنيا

مصر: مطالبات قبطية بالتسلح بعد جريمة المنيا

06 نوفمبر 2018
أثناء تشييع ضحايا اعتداء المنيا (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

يشهد المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر هذه الأيام انقساماً حاداً حول طريقة إدارة البابا تواضروس لأزمة قتل 7 وإصابة 19 شخصاً، بعضهم في حالة خطيرة، من الأقباط يوم الجمعة الماضي، عندما كانوا عائدين من دير الأنبا صموئيل في المنيا، وذلك وسط مسارعة الأجهزة الأمنية المصرية لإعلان مقتل 19 شخصاً وصفتهم بـ"التكفيريين والإرهابيين"، يوم الاثنين الماضي، قائلة إنهم "ضالعون في الجريمة التي استهدفت زوار الدير". والسبب الرئيسي للاستياء داخل أوساط قبطية إزاء تواضروس، هو ما يقولون إنه صمته على محاولات النظام الحاكم التعتيم على الجريمة وعدم الاهتمام بها إعلامياً وإهمال خطورتها لصالح منتدى الشباب العالمي الذي يقيمه رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي في مدينة شرم الشيخ.

في هذا السياق، أفادت مصادر كنسية قبطية لـ"العربي الجديد"، بأن "تياراً متنامياً داخل المجمع المقدس على رأسه الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي وأنصنا والأشمونين، والأنبا باخوم أسقف سوهاج والمراغة، والأنبا أغاثون أسقف العدوة ومغاغة، كرروا مطالبتهم للبابا بمخاطبة السيسي ونقل مطالبات جموع الأقباط في صعيد مصر بالسماح بتسليحهم ضد الإرهابيين المتربصين بهم، على أن يكون هذا التسليح بناء على لوائح محددة تضعها الكنيسة والشرطة، ويشرف على تنفيذها الأساقفة وفقاً لتقسيمهم الجغرافي، وبشكل محدود يضمن تشكيل مجموعات من الشباب الأقباط لحماية الأديرة في الظهير الصحراوي لمحافظات الصعيد، والقوافل المتنقلة منها وإليها".

وأضافت المصادر أن "الأساقفة الثلاثة، ومعهم عدد من المطارنة الآخرين، يلحون لعقد جلسة عاجلة للمجمع المقدس لممارسة مزيد من الضغط على البابا تواضروس للدخول في مفاوضات جادة مع النظام لتأمين هذا المطلب، وذلك على خلفية قلاقل واسعة بدأت تشهدها بعض الكنائس في مناطق الصعيد، وتلويح مجموعات متزايدة العدد باطراد من شباب الأقباط باللجوء لاستخدام السلاح فردياً للدفاع عن أنفسهم وكنائسهم".



وتابعت المصادر "ترى هذه المجموعات من الشباب القبطي التي تعبّر عن آرائها ومخاوفها على وسائل التواصل الاجتماعي، أن النظام لا يضع سلامة المواطنين المسيحيين على رأس أولوياته، ويعتبرهم مجرد ضحايا حتميين في حربه مع التنظيمات التكفيرية، وأنه لا يتخذ إجراءات تأمينية حاسمة إلّا في حالات استهداف أماكن شهيرة أو في العاصمة لأنها تكون على درجة عالية من التأمين، ويعكس استهدافها فشلاً مروعاً، أما استهداف الأديرة وقوافل الزيارات فلا تحرّك لأجهزته الأمنية ساكناً. وتدعم الشباب في آرائهم مجموعات من الرهبان والقساوسة الذين يعتبرون أن تواضروس يكمم أفواه المعارضين، ويضيّق على الشباب أصحاب الرأي المخالف سياسياً لوجهة النظر الرسمية". وأضافت أن "كل هذه العوامل متضافرة تصبّ الزيت على نار الغضب المستعرة في قلوب الأقباط بسبب الحادث الأخير، فتزيد الأزمة تعقيداً على تواضروس وفريقه داخل المجمع المقدس".

المصادر كشفت أيضاً أن "بعض المقربين من البابا تواضروس طالبوه باتخاذ أي إجراء احتجاجي في ظل صعوبة التفاوض مع السيسي ومدير المخابرات العامة عباس كامل على مسألة تسليح الأقباط، ورفض ذلك بشكل مطلق من قبل الشرطة، وتخوّف تواضروس نفسه من انعكاساتها على السلم الأهلي في الصعيد، والمناطق الفقيرة، بعد أن طالبه البعض بالاعتكاف أو الدعوة للصيام، كنوع من التعبير الصامت عن الحزن والغضب، لكن تواضروس لم يتحمس لمثل هذه المقترحات، وأوضح لبعض الأساقفة أنه سيلتقي السيسي خلال أيام، فهناك العديد من المطالب التي يمكن الحديث عنها قبل تسليح مجموعات مدنية واستخدامها بدلاً من الشرطة".

وشكّك الأقباط الغاضبون في رواية الأجهزة الأمنية الرسمية عن تورط المتهمين المقتولين وعددهم 19 في اعتداء يوم الجمعة، فاعتبروا أن "الشرطة كالعادة تحاول غسل سمعتها وإظهار أنها تثأر للقتلى قبل أن تجف دماؤهم، في حين أنها لم تقدم دليلاً واحداً على ضلوع المقتولين في الجريمة، كما لم تلق القبض على أي شخص، ما يسمح ببقاء المجرمين الحقيقيين بعيداً عن العدالة لفترة طويلة، ومزاولة نشاطهم الإجرامي ضد المسيحيين في موقع آخر، وربما في نفس الموقع الذي شهد 3 اعتداءات متقاربة المجريات حتى الآن".

وكانت مصادر أمنية قد ذكرت أن "العملية الإرهابية الأخيرة تحمل بصمات غير معتادة ومثيرة للحيرة، بسبب استخدام الإرهابيين لأسلحة غير حديثة، وأسلحة خرطوش، واقترابهم من الضحايا والاعتداء على بعضهم بالضرب بأجسام معدنية، وأن الأسلحة مغايرة تماماً لتلك التي استخدمها التنظيم الداعشي المعروف باسم (جنود الخلافة) في يناير/ كانون الثاني 2017 في عملية استهداف كمين النقب بمحافظة الوادي الجديد، وهي قذائف آر بي جي ورشاشات بي كيه وغرينوف سوفيتية الصنع، تم تثبيتها على ظهر سيارات نصف نقل، وكذلك أسلحة الخلية التابعة لتنظيم (المرابطين) في منطقة الواحات في أكتوبر/ تشرين الأول 2017". ورجّحت المصادر أن "تكون المجموعة المسؤولة عن هذه العملية تضم عنصراً أو أكثر على اتصال مباشر بتنظيم ولاية سيناء الداعشي، نظراً للأهداف السياسية الواضحة خلف اختيار توقيت العملية قبيل افتتاح منتدى الشباب الدولي بشرم الشيخ، أي إحراج السيسي دولياً وشعبياً، وتعرية الفشل الأمني للنظام وعدم قدرته على كبح جماح تلك المجموعات في وادي النيل".