تونس: السبسي يصعّد ضد "النهضة"

تونس: السبسي يصعّد ضد "النهضة"

29 نوفمبر 2018
"النهضة" انتقدت إقحام الرئاسة بملف قضائي (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
صعّد الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، اليوم الخميس، من خلافه مع حركة "النهضة"، بعد سقوط التوافق بينهما وتشكيل ائتلاف سياسي جديد يجمعها برئيس الحكومة يوسف الشاهد، وحزبي "مشروع تونس" و"المبادرة".

وجاء التصعيد الجديد لدى افتتاح الرئيس لأشغال مجلس الأمن القومي على غير العادة، حيث ألقى كلمة افتتاحية نشرتها الرئاسة، أكد خلالها أن بيان "النهضة" الأخير، بعد استقباله لممثلين عن هيئة الدفاع عن الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، حمل تهديدا له.

وأشار الرئيس السبسي إلى أنه يستقبل كل من رغب في ذلك، ولا يمكنه التغاضي عن المعطيات التي قدمت له، معتبرا أنّ ما أعلمته به هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي "معقول".

وأضاف متوجها إلى "النهضة" بالقول: "إذا خلا لك الجو فبيضي وفرّخي… ولن أسمح بهذا"، على حد قوله.

 

وقالت رئاسة الجمهورية، في بيان لها، إن المجلس تداول في ما ورد من معطيات قدمتها لجنة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي.

واستعرض مجلس الأمن القومي تقييما للأوضاع الأمنية محليا وإقليميا ودوليا، وقرر طلب التسريع في النظر في مشروع القانون الأساسي المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ من طرف مجلس نواب الشعب، لتعويض الأمر عدد 50 لسنة 1978، الذي لا يتماشى مع مقتضيات الدستور.

ويمكن اعتبار هذا الاجتماع لمجلس الأمن القومي استثنائيا سياسيا، إذ لم يكتف بالملفات الأمنية المعتادة، إذ سبقته ترجيحات من مستشارين في الرئاسة بطرح قضية اغتيال بلعيد والبراهمي، والنظر في الاتهامات المتعلقة بوجود تنظيم سري لحركة "النهضة" في تقاطع مع هذا الملف.

ويعتبر هذا الحدث تطورا سياسيا كبيرا في الصراع الدائر حاليا في تونس، ليس بين الرئيس ورئيس حكومته فقط، وإنما خصوصا بين الرئيس وحركة "النهضة"، التي يعتبر أنها "تنكرت لعقد التوافق معه واختارت الشاهد بديلا له".

ويأتي هذا التطور المهم بعد أن استقبل الرئيس السبسي منذ أيام ممثلين عن هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، اتهمت في تصريحات نشرتها رئاسة الجمهورية قياديين في الحركة بالوقوف وراء ما يعرف بـ"الجهاز السري للنهضة".

واستنكرت "النهضة" نشر مصالح الإعلام برئاسة الجمهورية تصريحات وفد لجنة الدفاع عن الراحلين عقب لقائهم بالرئيس التونسي السبسي، لما وصفته بـ"الإساءة والتهجمات الكاذبة على حزب النهضة".

وقال المتحدث الرسمي باسم حزب النهضة، عماد الخميري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هناك محاولات للزج بمؤسسة رئاسة الجمهورية في ملف محل تعهد قضائي وتحقيق من قبل العدالة"، مستغربا "إقحام رئيس الجمهورية، الذي يمثل رمزا لوحدة التونسيين، من خلال استغلال أطراف سياسية لقضية الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي لحسابات سياسوية ضيقة".

وحذر الحزب، في بيان رسمي، ما اعتبره "خطورة إقحام مؤسسة الرئاسة بأساليب مُلتوية بنيّة ضرب استقلالية القضاء وإقحامه في التجاذبات السياسيّة من طرف المُتاجرين بدم الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي".

وأعربت "النهضة" عن استغرابها لنشر الصّفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية لاتهامات "كاذبة ومُختلقة وتهجمات باطلة"، صادرة عن أطراف سياسية بنيّة الإساءة للحزب، معتبرة أن "ذلك يتعارض مع حياديّة المرفق الرسمي ودور الرئاسة الدستوري، الذّي يمثّل رمز الوحدة الوطنية وهيبة الدولة"، على حد توصيفها، وهو ما اعتبره الرئيس يحمل "تهديدا" له.

وأكد أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك، أن حديث حركة "النهضة" عن "إقحام رئاسة الجمهورية في قضية ما يُعرف بـ"الجهاز السري" أمر خاطئ، لأنه لم يتم اقحام رئاسة الجمهورية في الملف، بل إن رئاسة الجمهورية هي التى اقتحمت الملف ربما في إطار تصفية حسابات".

وكشف بن مبارك، خلال استضافته على قناة "الحوار" التونسية، عن أن "رئاسة الجمهورية هي التى طلبت، ومنذ أسابيع، لقاء هيئة الدفاع"، مضيفا أن "الهيئة رفضت اللقاء أكثر من مرّة، قبل أن توافق بشرط دعوة رئيس الجمهورية إلى انعقاد مجلس الأمن القومي".