الاعتراضات الأوروبية على اتفاق بريكست: جبل طارق وصيد وتجارة

الاعتراضات الأوروبية على اتفاق بريكست: جبل طارق وصيد وتجارة

22 نوفمبر 2018
متظاهرون بريطانيون مؤيدون البقاءَ في أوروبا (دينندرا هاريا/Getty)
+ الخط -



بات مؤكداً أن ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيكون الملف الأكثر دقة في شتاء الاتحاد الأوروبي، بموازاة الانتخابات الأوروبية. في سياق "بريكست"، دعت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى ضمانات بشأن العلاقة المستقبلية مع بريطانيا، بما في ذلك الوضع المستقبلي لجبل طارق بالنسبة إلى إسبانيا وملف الصيد البحري بالنسبة إلى العديد من الدول.

وبرز أمس موقف لافت لرئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، التي قالت إنه "إذا رفض البرلمان مسودة اتفاق الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، فيمكن أن ينتهي الأمر بعدم مغادرة بريطانيا الاتحادَ". وخلال فترة استجواب رئيسة الوزراء الأسبوعية في مجلس العموم، ردت ماي بأن "بريطانيا تريد علاقة تجارية وثيقة بالاتحاد الأوروبي بعد بريكست". وحذّرت من أنه "إذا رفض البرلمان اتفاقها، فيمكن أن يعني ذلك مزيداً من عدم اليقين، مزيداً من الانقسام، أو أن يخاطر بعدم وجود بريكست على الإطلاق".

وبعد أن كان جبل طارق بمثابة ألم في الرأس بالنسبة إلى إسبانيا، فإنه من المرجّح أن يتحوّل إلى مصدرٍ للإحراج للاتحاد الأوروبي. فبعد تهديد رئيس الوزراء الإسباني، بابلو سانشيز، بعدم التوقيع على الاتفاق حول انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في القمة الأوروبية يوم الأحد المقبل، بدا نوع من القلق داخل الدوائر الأوروبية التي كانت تعتقد أن أوان طيّ ملف "بريكست" قد حان. وقال سانشيز في مؤتمر صحافي نظمته مؤسسة "إيكونوميست" في مدريد، إنه "لا يمكننا أن نتخيل أن ما سيحدث في المستقبل في ما يتعلق بجبل طارق يعتمد على المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي". فمدريد تعتبر أن "المادة 184 من مسودة الاتفاق لا تنصّ بوضوح على أن حالة ما بعد خروج بريطانيا من منطقة جنوب الجزيرة شبه الأيبيرية يجب أن تكون موضوع مفاوضات ثنائية منفصلة بين مدريد ولندن".

ويأتي هذا التهديد بعد حوالي أسبوع من التوصل إلى اتفاق بين المفاوضين الأوروبيين والبريطانيين بشأن مشروع اتفاق الانسحاب، الذي أُرفق به بروتوكول بشأن جبل طارق. وضعٌ دفع بالمتحدث باسم المفوضية الأوروبية، مارغاريتيس شيناس، إلى التصريح بأن "المفوضية على دراية بالتساؤلات الإسبانية"، مشيراً إلى أن "المبادئ التوجيهية التي قدمها رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي إلى المفاوضين الأوروبيين توضح أنه لا يمكن لأي اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا أن يُطبّق على منطقة جبل طارق، دون اتفاق بين إسبانيا وبريطانيا". غير أن شيناس امتنع عن قول ما إذا كانت ممكنةً إعادةُ النظر في نص مشروع الاتفاقية، الذي وافق عليه وزراء خارجية دول الاتحاد والحكومة البريطانية، لإدخال التعديلات المطلوبة في الإعلان السياسي المشترك للطرفين في إطار علاقاتهما المستقبلية. قائلاً: "لا أريد التعليق على المفاوضات الجارية".



ووفقاً للنص الحالي لمسودة الاتفاق، "سيتم إنشاء لجان ثنائية، بين إسبانيا وبريطانيا، للتعامل في مجالات الجمارك والشرطة والبيئة ومكافحة التهريب. وسيكون للعمال عبر الحدود حقوق متساوية في ما يتعلق بأجورهم ومعاشاتهم ونظامهم الصحي ومدفوعات التسريح من العمل. كما سيتمتعون بحق الدخول والخروج دون أي إجراءات إضافية، على الأقل خلال ما يسمى بالفترة الانتقالية ما بعد خروج بريطانيا، والتي ستمتد حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2020، وربما قد يتم تمديدها".

وشرح الخبير في الشؤون الأوروبية، باكو أوجي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "تمّ وضع آلية للتنسيق لمعالجة ملفات القمامة والصيد والبحث العلمي وجودة الهواء"، مضيفاً أن "الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بشأن آثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على جبل طارق، يخلق إطارَ تعاون جديداً وغير مسبوق بين لندن ومدريد. لكن يبدو أن مدريد لا تعتبر أنه يقدم الضمانات الكافية بخصوص مستقبل جبل طارق".
وشهد فريق كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي لملف "بريكست"، ميشال بارنييه، في الأيام الأخيرة ارتفاعاً في عدد الاعتراضات أو التساؤلات التي قدمها بعض سفراء الدول الأعضاء؛ فالعديد من الإجراءات طرحت مشاكل في صفوف الدول الأعضاء. إجراءات ستطبق فقط بعد نهاية الفترة الانتقالية، أي انطلاقاً من يناير/كانون الثاني 2021 والتي، بالنسبة إلى الكثير منها، لن تدخل حيز التنفيذ إلا في حال عدم وجود اتفاق آخر، يعوض شبكة الأمان بالنسبة إلى حل مشكلة الحدود الأيرلندية.

وقال أوجي عن هذا، إن "مسألة المنافسة العادلة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، على سبيل المثل، تشكل مصدر قلق للعديد من الدول الأعضاء. وتوجد فرنسا في الصدارة، ولكن أيضاً ألمانيا وهولندا". وأضاف أنه "إذا اختارت بريطانيا البقاء في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، فإن الهدف هو تجنب تشويه المنافسة. ففي اتفاقية الانسحاب، طُلب من بريطانيا أن تتوافق مع القواعد الاجتماعية والمالية والبيئية للاتحاد. ولكن لا يوجد أي تحديد للمدة الزمنية في وقت تشهد هذه القواعد تطوراً وتغيراً بشكل سريع". وفي محاولة لطمأنة الدول الأعضاء، قالت المفوضة الأوروبية المكلفة بالمنافسة، مارغريتي فيستاغر، إنها "تعمل عن كثب بشأن هذه المسألة مع ميشال بارنييه".

أما السبب الآخر للقلق فيتعلق بقطاع الصيد؛ إذ تريد دول الاتحاد الأوروبي التي يهمها المجال، فرنسا وهولندا والبرتغال وإيطاليا واليونان وبلجيكا والدنمارك، ربط الصيد في المياه البريطانية، الغنية بالأسماك، بحق تعامل البريطانيين في المنطقة الجمركية الموحدة. وفي هذا الإطار، قال أوجي: "في هذه المرحلة، يخلو اتفاق الانسحاب ومشروع الإعلان السياسي بشأن العلاقات المستقبلية من أي إشارة إلى هذا القطاع الحساس للغاية والاستراتيجي". كما برزت اعتراضات أخرى في الدول الأعضاء في شرق الاتحاد، في بولندا وسلوفاكيا خصوصاً، حيث يسكن العديد من المواطنين من بريطانيا. وتطلب هذه الدول من المفوضية الأوروبية ضمانات إضافية بشأن التعاون القضائي في مجال القانون المدني بين لندن وبروكسل وأيضاً التساوي بين أنظمة الضمان الاجتماعي.



المساهمون