مشروع متشدّدي "بريكست" لإطاحة ماي بين التأجيل والفشل

مشروع متشدّدي "بريكست" لإطاحة ماي بين التأجيل والفشل

20 نوفمبر 2018
تتجه محاولة الإطاحة بماي نحو التأجيل (Getty)
+ الخط -
تتجه محاولة الإطاحة برئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، من قبل المتمردين عليها من داخل حزبها المحافظ، والساعين إلى الزعامة الحزبية بدورهم، نحو "التجميد" حالياً، بانتظار التوقيت المناسب، إذا لم يكن الفشل. فمن جهة، غلب الاعتقاد أن استراتيجية معارضة ماي في البرلمان أسلم من تمزيق صفوف الحزب عبر الدخول في صراع على زعامته، ومن جهة أخرى، تمكنت رئيسة الوزراء البريطانية من إحباط أهداف معارضيها داخل حزبها، عبر اللعب على وتر تشتيت توحدهم.

وفيما فشل المتمردون المحافظون في حشد الأصوات الكافية لسحب الثقة من رئيسة الوزراء، حيث لم يستطيعوا جمع أكثر من 25 رسالة حتى مساء الإثنين، ظهر تمردٌ من نوع آخر، لكنه متوقع، بعدما وجّه الحزب الاتحادي الديمقراطي الأيرلندي طلقات تحذيرية في وجه حكومة ماي في برلمان ويستمنستر، أمس، عندما صوّت ضد عددٍ من بنود الميزانية، إلى جانب المعارضة العمالية.

متشددو "بريكست" يفشلون

وفشل متشددو "بريكست" في تأليب زملائهم ضد زعيمة الحزب، خاصةً بعد ظهور انقسامات شديدة بين قيادات المتمردين حول كيفية التعامل مع صفقة ماي المتعلقة بـ"بريكست"، والخلاف على من سيخلفها في حال الإطاحة بها.

إلا أن زعيم مجموعة الأبحاث الأوروبية، جاكوب ريس موغ، أحد أشد منتقدي خطة ماي لـ"بريكست"، حثّ النواب المترددين، اليوم، على التقدم برسائلهم إلى غراهام برادي، رئيس لجنة 1922 البرلمانية، والمطالبة بالتصويت على الثقة في زعامة الحزب. كما طالب، خلال مؤتمر صحافي صباح اليوم، الجميع بالصبر قائلا "الصبر فضيلة... وسنرى الرسائل القادمة في حينها".

وكان ريس موغ قد تقدم برسالته الخميس الماضي، في خضم الاستقالات الوزارية من حكومة ماي، محاولاً الاستفادة من زخم المعارضة ضدها، إلا أنه تساءل، اليوم، ومع فتور هذا الزخم: "هل يريد 47 آخرون الانضمام إليّ أم لا؟ قد أجد أنهم لا يريدون، أو ربما لن يفعلوا ذلك اليوم، بل عندما تطرح الصفقة أمام البرلمان. القرار لهم".

وكانت دوائر متشددي "بريكست" قد أكدت، أمس، أن اكتمال النصاب على تصويت الثقة على ماي سيكون في 24 ساعة. لكن مع مرور الوقت، يبدو أن محاولة الانقلاب الداخلية هذه تتجه نحو الفشل، بل إن الجهود التي تبذلها ماي وحلفاؤها نجحت إلى حد ما في إحباط مخططات المتشددين.

فبعد كلمة ألقتها أمام اتحاد الصناعات البريطانية، أكدت فيها التزامها بتطبيق "بريكست"، اجتمعت ماي بزعيمين من المتمردين، إيان دنكان سميث وأوين بيترسون، اللذين خرجا بروح إيجابية واصفين الاجتماع بأنه "بناء".

ويبدو أن ماي تعول على أن تؤدي الخلافات الشخصية بين قيادات المتمردين إلى فشل انقلابهم. فقد نقلت صحيفة "ذي تايمز" عن مصدر حكومي أن أحد أسباب فشل الانقلاب حتى الآن هو "أن قيادات التمرد لم يجتمع رأيها على مرشح (لخلافة ماي) في حال نجاح انقلابهم. بوريس جونسون مصمم على عدم التنحي، ويرغب دومينيك راب في تجربة حظه، كما يسعى لذلك أيضاً ديفيد ديفيس، وهذا من دون ذكر الشخصيات الأصغر سنّاً".

من جهته، اتهم ستيف بيكر، نائب رئيس مجموعة الأبحاث الأوروبية، عدداً من النواب ممن قالوا إنهم بعثوا برسائلهم، بالكذب.

وتتجه ماي إلى بروكسل مع نهاية الأسبوع لوضع اللمسات الأخيرة على مسودة الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، لطرحه أمام قادة الاتحاد في القمة الأوروبية التي ستعقد يوم الأحد المقبل.


تحذير الحزب الأيرلندي الحليف

في هذه الأثناء، وجّه الحزب الاتحادي الديمقراطي الأيرلندي، طلقات تحذيرية في وجه حكومة تيريزا ماي في برلمان ويستمنستر، أمس، عندما صوّت ضد عددٍ من بنود الميزانية، إلى جانب المعارضة العمالية.

ويتهم الحزب الأيرلندي حكومة ماي بالتخلي عن وعودها التي بني عليها التحالف بينه وبين حزب المحافظين، خاصةً في ما يتعلق بعدم القبول بأيّ شروط أوروبية، تؤدي إلى الفصل التنظيمي بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية في اتفاقية "بريكست".

وكانت مسودة اتفاق "بريكست"، التي تسببت بهزّات ارتدادية في صفوف حكومة ماي، قد أدت إلى تساقط عددٍ من الوزراء، إضافة إلى حشد صفوف معارضي رئيسة الحكومة البريطانية في حزبها بهدف سحب الثقة منها، وقد نصّت في شطرها المتعلق بخطة المساندة، على إخضاع أيرلندا الشمالية لوضعٍ خاص، يمنع وجود الحدود في الجزيرة الأيرلندية.

وسعت ماي لتهدئة روع "الاتحادي الديمقراطي"، الذي يوفر الأغلبية البرلمانية لحكومتها، بقولها إنها ستعمل جهدها لضمان عدم تطبيق خطة المساندة، وإبقائها حبراً على ورق، وذلك إما من خلال التوصل إلى اتفاق تجاري قبل انتهاء المرحلة الانتقالية نهاية عام 2020، أو تمديد المرحلة الانتقالية ذاتها.

إلا أن الحزب الأيرلندي، المؤيد للتاج البريطاني والمعادي لدبلن، أظهر اعتراضه على صفقة ماي في البرلمان، يوم أمس، عندما رفض التصويت إلى جانب المحافظين على أربع فقرات من الميزانية، ممتنعاً عن التصويت على ثلاث، ومصوتاً إلى جانب العمال في الرابعة.

ورغم أن "الاتحادي الديمقراطي" نفى أن تكون صلاحية التفاهم مع حزب المحافظين قد انتهت، عبّرت مصادر من داخل الحزب عن غضبٍ عارم ضد ما يعتبرونه خيانة من جانب ماي لأيرلندا الشمالية، وهددوا بأنه في حال تمرير صفقة "بريكست" في البرلمان، فإن ذلك سيكون المسمار الأخير في نعش التفاهم بينهما.

وقال سامي ويلسون، متحدث "بريكست" في الحزب الأيرلندي، لهيئة الإذاعة البريطانية: "لقد توجب علينا فعل شيء للتعبير عن غضبنا"، مؤكداً أن التصويت يوجه تحذيراً لماي بأنها إن لم تحترم جانبها من الاتفاق، فإن حزبه لن يلتزم أيضاً.