مشاورات عراقية حاسمة بشأن الحكومة: عبد المهدي يهدّد بالاستقالة

مشاورات عراقية حاسمة بشأن الحكومة: عبد المهدي يهدّد بالاستقالة

19 نوفمبر 2018
أجّل البرلمان جلسته حتى يوم الأربعاء المقبل (فرانس برس)
+ الخط -


برزت خطوة إيجابية في ملف تشكيل الحكومة العراقية، أمس الأحد، مع إعلان مسؤولين وأعضاء في البرلمان، أن "رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، توصّل إلى تفاهم مع كتل سياسية عدة حول خمس وزارات من أصل ثمانٍ شاغرة في حكومته حتى الآن"، مؤكدين أن "تهديدات عبد المهدي بالاستقالة جدية وكررها على زعامات سياسية مختلفة، إذ اعتبر أن العمل في جو سياسي غير صحي يعني فشلاً محتماً، لأي رئيس حكومة يأتي لإدارة البلاد".

في هذا السياق، قال مسؤول في الأمانة العامة لمجلس الوزراء ببغداد لـ"العربي الجديد"، إن "وزارات التربية والتعليم العالي والثقافة والهجرة والتخطيط حُسمت، وهناك توافق كبير حول الأسماء المطروحة لشغل هذه الوزارات، غير أن وزارات الدفاع والداخلية والعدل، ما زالت عقدة في طريق الوصول إلى الحل، إذ ما زال تحالف الفتح بزعامة هادي العامري يصر على ترشيح فالح الفياض لوزارة الداخلية، وسط رفض كبير من تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر".

وأضاف أن "عبد المهدي أبلغ وزراء في حكومته يتولون حالياً إدارة الوزارات الشاغرة بالوكالة بالعمل بشكل اعتيادي وكأنهم وزراء أصل وعدم تأخير أي من برامج ومشاريع تلك الوزارات"، كاشفاً عن أن "هناك رغبة من رئيس الحكومة بالذهاب للبرلمان يوم الأربعاء المقبل بسلة وزراء واحدة، للوزارات الثماني الشاغرة في حكومته، لا أن يتم تقديم قسم وإبقاء آخر، والحوارات مستمرة من أجل إنهاء الخلاف على الوزارات الثلاث بتسوية شاملة قد تشمل منصب الأمين العام لمجلس الوزراء ومناصب وكلاء وزارة الداخلية وهيئة الإعلام والاتصالات وهيئة النزاهة".

وختم بالقول إن "فشل التوصل إلى حل لإكمال الحكومة قبل نهاية هذا الشهر، سيكون له أثر كبير على البلاد، وقد ينفّذ عبد المهدي تهديده بالاستقالة حال استمر ضغط الكتل والقوى السياسية في فرض شروطها عليه، فتدخل البلاد في أزمة جديدة أصعب من سابقاتها".

من جانبه، ذكر النائب عن تحالف "الفتح" حسن شاكر، أن "التفاهمات حول المتبقي من التشكيلة الوزارية وصلت إلى مراحل متقدمة"، لافتاً إلى أن "ما تبقى هو ثلاث حقائب وزارية فقط". وأوضح شاكر في تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام محلية أن "الحوارات مستمرة لحسم باقي التشكيلة الوزارية، فقد وصلت التفاهمات إلى خمس وزارات والمتبقي ثلاث فقط، وهي الدفاع والداخلية والعدل، مع وجود تفاهمات متقدمة بتلك الحقائب قد تجعلنا أمام حل لوزارتين من الثلاث المتبقية خلال هذه الأيام". ولفت إلى أن "عبد المهدي يستطيع المجيء بالوزراء الذين تم التوافق عليهم إلى البرلمان للتصويت عليهم، لكنه قرر الإبقاء على تلك الوزارات لحين حسم البقية والمجيء بها جميعاً".

وحول تلويح عبد المهدي بالاستقالة أكد أن "هذا القرار إن حصل فعلاً، فهو ليس في مصلحة الشعب وسيعود بنا إلى مرحلة البحث عن الكتلة الكبرى، وما رافقها من خلافات من دون الوصول إلى نتيجة"، مشيراً إلى أن "الكتل السياسية مطالبة بالتنازل للإسراع باستكمال التشكيلة الوزارية".



في هذه الأثناء، ذكر عضو الحزب الشيوعي، مؤيد القيسي لـ"العربي الجديد"، أنه "على الرغم من مرور نحو شهر على تولي عبد المهدي الحكومة، إلا أن أي مؤشرات تؤكد أنه بدأ فعلا برنامجه الحكومي لم تتوفر بعد". وأضاف أن "رئيس الحكومة منشغل بمقارعة الكتل السياسية وضغوطها، وللأسف لم نرَ أي قرار منه يصب في مصلحة المواطن أو يحل مشكلة ما، بل على العكس حتى الموازنة المقدمة للبرلمان لعام 2019 بدت غير منطقية ومجحفة بحق شرائح من العراقيين".

وأعرب عن اعتقاده بـ"وجود من يحاول إفشال الحكومة الحالية ودفع رئيسها للاستقالة مبكراً، رغم أن هذا السيناريو كان متوقعاً من اللحظة التي أعلن فيها عن عبد المهدي رئيس حكومة توافقياً للتسوية بين المعسكرين المتصارعين على السلطة في العراق"، في إشارة إلى معسكر نوري المالكي وهادي العامري من جهة، ومعسكر مقتدى الصدر وعمار الحكيم وحيدر العبادي من جهة أخرى.

وأجّل البرلمان، جلسته، التي كان من المقرر عقدها اليوم الاثنين، ليحدد يوم الأربعاء موعداً جديداً لها، مؤكداً في بيان له أن "التأجيل جاء بسبب المولد النبوي، الذي سيكون يوم غد الثلاثاء"، غير أن مصادر داخل البرلمان أكدت لـ"العربي الجديد"، أن "التأجيل يأتي لمنح فرصة التوصل لحل في ظل وجود وسيط بين الصدريين وتحالف الفتح، لحل الإشكال على مرشح وزارة الداخلية واستبداله بآخر".

ومقابل الصراع على الوزارات، ما زالت الكتل السياسية داخل البرلمان في صراع هي الأخرى على رئاسة اللجان المهمة كالأمن والدفاع والنزاهة والمالية والخارجية وغيرها. وأكد برلمانيون، أنّه "وفقاً للقانون، يجب ألا تحسم رئاسة اللجان البرلمانية قبل حسم الوزارات". كما قال النائب عن تحالف الإصلاح حسين الزبيدي، لـ"العربي الجديد"، إنّه "بحسب العرف السائد، يجب أن يكون حسم رئاسة اللجان بعد حسم الحقائب الوزارية، حتى لا تكون الوزارات كاللجان، فلا يمكن أن تتولى الجهة السياسية نفسها وزارة أمنية مثلاً ورئاسة لجنة الأمن البرلمانية". وأشار إلى أن "بعض الجهات السياسية تسعى للقفز على ذلك، وتوجد اتفاقات سياسية لحسمها، وفقاً لمبدأ المساومة والابتزاز"، محذراً من "خطورة هذين الملفين، الذين يجب حسمهما بعيداً عن المساومة".

وتتصارع الكتل السياسية على رئاسة لجنة النزاهة، لما لها من ارتباط بملفات الفساد. وقال النائب عن تحالف سائرون، رياض دهش، في تصريح صحافي، إنّ "المرحلة الأولى لتشكيل الحكومة لم تكتمل بسبب الخلافات السياسية بشأن المرشحين للحقائب الوزارية، بينما اتجهت الأنظار نحو رئاسات اللجان البرلمانية الدائمة"، مشيراً إلى أنّ "أغلب القوى السياسية تسعى للحصول على رئاسة هيئة النزاهة، والصراع محتدم بشأنها".

ولفت إلى أنّ "سبب الصراع بشأن هذه اللجنة، هو الدور الكبير الذي ستؤديه الجهة التي تحصل عليها في متابعة ملفات الفساد"، مؤكداً أنّ "حزب الدعوة متمسك بهذه اللجنة، ويرفض التنازل عنها لأي جهة سياسية، على اعتبار أنّه حكم البلاد لدورات مختلفة، فهو يخشى من استهداف قياداته من خلال رئاسة اللجنة، وفتح ملفاتها السابقة".



المساهمون