التدرّب على الائتلاف

التدرّب على الائتلاف

19 نوفمبر 2018
ستستمرّ الحكومة حتى الانتخابات المقبلة (ياسين القائدي/الأناضول)
+ الخط -

صادق البرلمان التونسي أخيراً على حكومة يوسف الشاهد الثالثة، وأنهى أشهراً طويلة وعسيرة من الانتظار والغموض. واعتبر البعض أن هذا الأمر أنهى الأزمة، في حين رأى كثيرون أنها على عكس ذلك، ستقود إلى مرحلة جديدة من القطيعة والتوتر. بكل الأحوال، هناك اليوم حكومة في تونس كسبت شرعية برلمانية تمكّنها نظرياً من بلوغ هدفها، في انتخابات العام المقبل. وأعلنت بذلك عن بداية السباق نحو البرلمان وقصر الرئاسة، لتفتح صفحة جديدة من صفحات التنافس التي يأمل كثيرون ألا تنحرف إلى صراعات قوية تهدد بلوغ هذا الموعد.

ولكن القلق التونسي متعدد المصادر، فبعد ثماني سنوات من الثورة وولادة الجمهورية الثانية ودستورها الجديد، يرى كثيرون أنه آن الأوان لمعالجة الأوجاع التي عطلت المشهد السياسي وتسببت في تعطيل قوي بين المؤسسات الدستورية وكادت تعصف بالتجربة. وترغب مجموعة كبيرة من الأحزاب والشخصيات في البحث عن صيغة أكثر توازناً، تجنّب الدولة هزات قوية في المستقبل، من دون أن يخلو ذلك من حسابات سياسية حزبية ضيقة وأوهام السيطرة بأغلبية انتخابية على المشهد الجديد. يحاول الرابحون، إلى حدّ الآن، تغيير النظام الانتخابي عبر رفع الحدّ الأدنى من الأصوات التي تُمكّن أي حزب من دخول البرلمان، للحدّ من تشتت الأصوات، حسبما هو معلن، غير أن الأحزاب الصغيرة اعتبرتها بمثابة "طرد لها من البرلمان".

حركة النهضة اعتبرت، في بيان لها، أن النظام السياسي، على عكس ما يراه كثيرون، أثبت متانته، لأنه مكّن من المصادقة على الحكومة رغم كل الخلافات، واستطاع البرلمان في نهاية الأمر حسم الصراع. ولكن ذلك كان على حساب التونسيين وتعطيل مصالحهم، بفعل حالة الجمود التي سبّبها الخلاف بين رئاستي الدولة والحكومة، حتى وإن كانت هناك محكمة دستورية، فإنها كانت ستأخذ من وقت الناس إلى حين الفصل. في هذا الإطار، فإن الأوضاع التونسية الاقتصادية والاجتماعية لا تحتمل الانتظار والتأخير والتلكؤ، بل هي في حاجة إلى مضاعفة السرعة ولمّ الجهود وتجميعها للبحث عن حلول لمشاكل تراكمت على مر السنين، وزاد الارتباك الحكومي المتكرر في تأزيمها، لأن بلداً كتونس لا يمكنه تحمّل كلفة حكومة كل سنة أو أقل، ولكن الشعارات التي يروّج لها البعض بشأن إمكانية تحقيق أغلبية مطلقة يمكنها أن تحكم بمفردها لا تستند على منطق، وعلى النخبة السياسية الاقتناع بأن الائتلاف هو النموذج الذي ينبغي أن تتدرب عليه.

المساهمون