ضغوط أميركية على السعودية لإنهاء الحصار مع قطر

ضغوط أميركية على السعودية لإنهاء حصار قطر بعد مقتل خاشقجي

17 نوفمبر 2018
هل حان الوقت لمراجعة سياسة السعودية؟ (مارك ويلسون/ Getty)
+ الخط -
كشفت عملية اغتيال خاشقجي مأزق تخبط السياسية الخارجية للسعودية، وكثفت الضغوط على الرياض لفك فتيل أزمات في المنطقة ساهمت في صنعها، وعلى رأسها حصار قطر.

وبحسب تقرير لـ"رويترز"، تقاوم السعودية دعوات من الولايات المتحدة لإصلاح العلاقات مع قطر، على الرغم من مؤشرات على أن الضغوط التي تهدف لإنهاء أزمة إقليمية أخرى هي حرب اليمن كان لها تأثير على الرياض منذ مقتل الصحافي جمال خاشقجي.


وقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول، ما تسبب في موجة غضب عالمية وأثار احتمال فرض عقوبات على السعودية وأضر بصورة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وقالت أربعة مصادر مطلعة إن واشنطن تعتقد أن لها مزيداً من النفوذ على الرياض الآن، في الوقت الذي تحاول فيه المملكة إصلاح الضرر الذي لحق بموقفها العالمي، وتريد الولايات المتحدة أن تستغل نقطة القوة تلك لإنهاء حرب اليمن وإعادة بناء موقف خليجي عربي موحد في مواجهة إيران.

وثمة تحرك بالفعل على إحدى الجبهتين، بحسب "رويترز"، إذ أوقف التحالف بقيادة السعودية، الذي يقاتل الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن، هجومه على مدينة الحديدة الساحلية يوم الخميس، في استجابة على ما يبدو لضغوط أميركية وبريطانية لإعلان وقف لإطلاق النار في اليمن بحلول نهاية الشهر الجاري.

وفرضت واشنطن يوم الخميس عقوبات على 17 مسؤولا سعوديا، بسبب دورهم في قتل خاشقجي، في مواصلة للضغط على الرياض. كذلك طرح أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون من شأنه إذا أقرّ ليصبح قانونا أن يوقف مبيعات الأسلحة للسعودية بسبب مقتل خاشقجي والحرب في اليمن.

ولم تستجب السلطات السعودية لطلبات التعليق. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن تدعو إلى حل منذ بدء الأزمتين القطرية واليمنية. وقالت هيذر ناورت "نحن مستمرون في تواصلنا المتعلق بالقضيتين مع شركائنا في المنطقة بما في ذلك السعودية".

وتابعت قائلة "الوحدة في الخليج ضرورية لمصالحنا المشتركة المتمثلة في مواجهة النفوذ الخبيث لإيران ومكافحة الإرهاب وضمان مستقبل مزدهر لكل شركائنا في الخليج".



تعمق الخلاف مع قطر
ترى الولايات المتحدة أن السعودية تلعب دورا أساسيا في جهود بناء موقف موحد بين دول الخليج العربية لتحجيم نفوذ إيران في الشرق الأوسط. وزار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الرياض بعد فترة وجيزة من مقتل خاشقجي. لكن واشنطن تعتبر أيضا أن حرب اليمن من عوامل زعزعة الاستقرار في المنطقة، وتريد إنهاء الصراع الذي تسبب في مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص ودفع سكان البلاد إلى شفا المجاعة.

كما أن لدى السعودية وحليفتها الإمارات حاليا ما يدفعهما للخروج من تلك الحرب التي أثبتت أنها مكلفة، في حين أنها وصلت أيضاً إلى طريق مسدود.

ووفقا لـ"رويترز"، سعى مسؤولون أميركيون أيضاً للتأثير على الرياض فيما يتعلق بخلافها مع قطر منذ مقتل خاشقجي، وهو سعودي كان مقيماً في الولايات المتحدة وكان منتقداً لولي العهد السعودي.

وأصيبت الوحدة بين دول الخليج العربية، التي تعتبرها واشنطن حصناً في مواجهة إيران، بضربة قوية عندما قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها التجارية وخطوط النقل مع قطر في يونيو/ حزيران 2017 واتهمت الدول الأربع الدوحة بدعم الإرهاب وإيران وهي اتهامات تنفيها قطر.



وقال مصدر مطلع على السياسة الأميركية "إنهم يستغلون الفرصة لمحاولة إنهاء النزاع القطري". وأشار مصدران آخران إلى أن واشنطن كانت تريد استعادة الوحدة بين دول الخليج العربية للمساعدة في تحجيم نفوذ إيران في المنطقة قبل دخول عقوبات أميركية جديدة على طهران بسبب برنامجها النووي حيز التنفيذ في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني.

وزادت آمال الغرب في أن الرياض قد تصلح علاقاتها بالدوحة بعد تصريح أدلى به ولي العهد السعودي عن قوة الاقتصاد القطري خلال مؤتمر للاستثمار عقد في 25 أكتوبر/ تشرين الأول.
لكن دبلوماسيين ومصادر في منطقة الخليج قالوا إنهم لم يروا اقتراحات جديدة ولا خطوات ملموسة من الرياض أو من حلفائها لإنهاء الخلاف مع قطر.

وقال دبلوماسي عربي لـ"رويترز" إنه لا يرى أي تغير فيما يتعلق بقطر، وأضاف أن تصريح ولي العهد تم تفسيره بشكل خاطئ، مشيراً إلى أن الرسالة من وجهة نظره كانت موجهة للولايات المتحدة ومفادها هو ألا تقلق على الاقتصاد القطري، والدول الأخرى التي قاطعت الدوحة من حلفاء الرياض ولديها خلافات سياسية وأمنية منذ فترة طويلة مع قطر.

وقال مصدر خليجي إن محمد بن سلمان سيتجنب اتخاذ أي خطوة قد تفسر على أنها ضعف لدى محاولته احتواء تداعيات دبلوماسية لمقتل خاشقجي.
وقدمت الرياض تفسيرات متباينة لاختفاء خاشقجي، قبل أن تقر بمقتله في عمليه وصفتها بأنها خرجت عن مسارها. وساند العاهل السعودي الملك سلمان، الذي تدخل لحل الأزمة، ولي عهده الذي ركز السلطة في يديه.

احتواء الأزمة
قالت الكويت هذا الشهر إن هناك ما وصفته بتوجه إيجابي لاحتواء أزمة الخليج، وقال مصدر مطلع على السياسة الأميركية إن دبلوماسيين يطرحون خطة تتعلق بقطر. 



وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية الشهر الماضي إن مقتل خاشقجي يجب أن يعتبر جرساً للإنذار. وقال أكبر الباكر الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية، يوم الثلاثاء إنه لا يتوقع انفراجة قريبة في الأزمة. وقال للصحافيين إنه لا يشعر بالتفاؤل في ظل القيادة السعودية الإماراتية، مشيراً إلى أن الطريقة الوحيدة التي تحفظ ماء الوجه لهم على حد قوله هي الاعتذار.

ويقول دبلوماسيون إن الرياض وأبوظبي تؤكدان لواشنطن باستمرار أن الخلاف لن يمنع تشكيل حلف أمني مقترح للشرق الأوسط سيشمل الدوحة. وأضافوا أن الإمارات تساند بقوة بن سلمان في مواجهة إيران وفي الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي يسعى لتنفيذها، إذ ترى أبوظبي أنها ضرورية لمحاكاة النموذج الإماراتي المشجع لقطاع الأعمال والمتسامح دينيا في مواجهة التطرف.


وقالت إليزابيث ديكنسون، وهي محللة لشؤون شبه الجزيرة العربية في مجموعة الأزمات الدولية "الإماراتيون يرون أن السعودية هي الخيار الوحيد لقيادة المنطقة. ولم يتراجعوا ولو للحظة عن اعتقادهم بأن خطط الإصلاح التي تنفذها الرياض هي الأفضل وهي الخيار الوحيد".

(العربي الجديد)