منزلقات الشعبوية والفاشية عربياً

منزلقات الشعبوية والفاشية عربياً

01 نوفمبر 2018
تمددت الحركات الفاشية في أوروبا بالفترة الأخيرة (Getty)
+ الخط -
تكشف المآزق السياسية العربية تبنّي البعض خطاباً شعبوياً يتجاوز بتطرفه مثيله الغربي. ففي حين يعرف وزير الداخلية الإيطالي، اليميني الشعبوي، ماتيو سالفيني، الخطوط الحمراء، تبدو بعض النُخب العربية، كمن يرتدي لباساً أكبر من حجمه. وهذه الإطلالة الشعبوية العربية، تزايدت خلال فترة العام والنصف الأخيرة بتقليد خطير للخطاب الفاشي الغربي.

بجهل أو معرفة، باتت هذه النُخب جزءاً من المشهد السياسي والإعلامي، بالتلاعب وبالتضخيم، لاستهداف العقل العربي الشاب. وأكثر ما ميّز هذا الخطاب، إلى جانب احتضانه رسمياً، وقربه من دوائر صناعة القرار، تملّقه لفكرة الأسرلة والتطبيع، بمبررات ونعوت يصعب مهنياً نقلها. في التاريخ القريب يوجد مثال هو خطاب العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، القبائلي والعشائري، كنموذج لحالة كاريزما شعبوية غارقة في التشويش وجلد الذات، فتارة كان عروبياً، وفي أخرى مخالفاً تماماً.

مع اشتداد الأزمات العربية حديثاً، والإصرار على تغييب الديمقراطية والبرامج السياسية، بما تقتضيه المصالح على أقله، برزت في صفوف الشعبويين العرب حالة تتجاوز في عنصريتها وتطرفها مثيلتها الفاشية الغربية، وهي محزنة في فداحة النعوت والتصنيفات الخطيرة، لتبرير الإمعان في انتهاج سياسة لم تنتج سوى مزيد من الكوارث. على سبيل المثال، يبدو انتقاد الفلسطينيين للهرولة العربية نحو التطبيع، بكل مستوياته، محفزاً للبعض لاختراع اتهامات تطاول كل الفلسطينيين والعرب الرافضين لذلك، وتحمّلهم مسؤولية كل مآزق العرب التاريخية والحالية، وهي حالة يلتقي فيها معسكران يبدوان متناقضين مشرقياً وخليجياً. وحتى في قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، اعتبر المعسكر ذاته أنها أزمة مفتعلة يتحمّل مسؤوليتها "العرب الحاقدون".

في الغرب، يخشى ساسة ونخب المجتمعات تطور التعصب والشعبوية، فيما عربياً، وبغياب مؤسسات تحترم قيمة الإنسان، يبدو إطلاق النعوت والتحريض لـ"طرد المقيمين" العرب، كحل مزيف لحالة مأزومة في مناطق محددة، وكأنها استعارة لدعوات فاشية غربية، تتجاوز باستباحتها الخطابية خطوطاً حمراء مدمرة، حين يصمت عنها، أو يعززها من يُصنفون كـ"باحثين وأكاديميين".
مخاطر تجاهل نمو الخطاب الشعبوي عربياً، وتعمق الانقسام، يعيد العرب إلى حقب تاريخية حالكة، خصوصاً مع انقياد المقهورين له، تحت مرأى ومسمع الجميع، وهو ما تستغله سياسة دولية تحرز مصالحها على حساب انقسام واختصام العرب ومعاركهم.

المساهمون