تمديد مهمة "المينورسو": ترحيب مغربي واستعجال أميركي للتسوية

تمديد مهمة "المينورسو": ترحيب مغربي واستعجال أميركي للتسوية

01 نوفمبر 2018
مدد مجلس الأمن مهمة "مينورسو" لـ6 أشهر(فاضل سنة/فرانس برس)
+ الخط -


لم يكن مفاجئاً قرار مجلس الأمن الدولي، أمس الأربعاء، تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء "مينورسو" لمدة ستة أشهر، أي لغاية 30 إبريل/ نيسان 2019، إذ جاء القرار منسجماً مع التوصية الأميركية التي خالفت مقترح بلدانٍ حليفة للمغرب، خاصة فرنسا وإسبانيا، بالتمديد لعام كامل.

وأفاد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2440، الذي صاغته الإدارة الأميركية، وتمّ اعتماده بغالبية واسعة من أعضاء المجلس، بأنه تقرر تمديد مهمة "المينورسو" لغاية 30 إبريل/ نيسان من العام المقبل. 

ودعا مجلس الأمن إلى "أهمية تجديد التزام الأطراف المعنية بالمضيّ قدماً في العملية السياسية، استعداداً للجولة الخامسة من المفاوضات، في إطارٍ من الواقعية وروح التسوية"، مبدياً دعمه التوصية المتضمنة في تقرير 14 إبريل/ نيسان الماضي، التي تؤكد أن "الواقعية وروح التسوية ضروريتان لإحراز تقدم في المفاوضات".

ولم يفت مجلس الأمن دعوة أطراف نزاع الصحراء، إلى "الالتزام بصدق الإرادة السياسية من أجل الدفع بعجلة المفاوضات، والتعاون على أكمل وجه مع منظمة الأمم المتحدة، ومع بعضها البعض، وتعزيز انخراطها من أجل المضي قدماً نحو حلٍّ سياسي لهذا النزاع الإقليمي".

وأثنى المجلس أيضاً على قرار المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، هورست كوهلر، بعقد طاولة مستديرة يومي 5 و6 ديسمبر المقبل في جنيف، بهدف إعادة إطلاق العملية السياسية المتعلقة بقضية الصحراء، يحضرها أطراف النزاع، بما فيها الجزائر وموريتانيا.

وقابل المغرب جميع هذه القرارات والمطالب بالترحيب، إذ أكد وزير خارجية الرباط، ناصر بوريطة، الخميس في تصريحات صحافية، أن قرار مجلس الأمن "حافظ على جميع المكتسبات المغربية التي تم تثبيتها في القرارات السابقة، بما في ذلك أولوية المبادرة المغربية للحكم الذاتي، والطابع الجدي وذو المصداقية للجهود المغربية، والمطالبة بتسجيل ساكنة تندوف".

وأشار بوريطة إلى أن القرار تضمن مستجدات رئيسية، منها بتنظيم "الطاولة المستديرة"، و"تحديد مسؤوليات كل أطراف النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية بكل وضوح، ومن بينها الجزائر".

ووفق المسؤول المغربي، فإن القرار "يحثّ كافة المدعوين إلى المائدة المستديرة، وبالأخص الجزائر، على المشاركة بدون شروط مسبقة وبحسن نية، والعمل بكيفية بناءة مع المبعوث الشخصي هورست كولر، في جو من التوافق، من أجل التوصل إلى نتائج إيجابية".

من جهته، اعتبر الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أن القرار 2440 "يكرس للمرة الأولى دور الجزائر كطرفٍ رئيس في العملية السياسية"، وأن الجزائر "ستشارك في هذا الاجتماع بالصفة ذاتها، أسوة بالمغرب وموريتانيا".

وأوضح هلال أن قرار مجلس الأمن الدولي طالب جبهة "البوليساريو" بـ"عدم العودة إلى المنطقة العازلة منزوعة السلاح في الكركرات، وعدم نقل أي مبانٍ إدارية، مدنية كانت أو عسكرية، إلى أرض الصحراء"، وهو ما اعتبره "انتصاراً للطرح المغربي".

في المقابل، أفاد محمد عمار، ممثل جبهة البوليساريو لدى الأمم المتحدة، ضمن بيان عممه على وسائل الإعلام، بأن قرار مجلس الأمن "تحدث عن ضرورة التقدم في مسار المفاوضات المباشرة بين المغرب والبوليساريو فقط"، في إشارة إلى أن الجزائر غير معنية بالنزاع إلا من باب حضورها كمراقب.

ووصفت منابر تابعة لجبهة البوليساريو قرار مجلس الأمن بأنه "أسوأ قرار في تاريخ نزاع الصحراء"، باعتبار أنه لم يخفِ تثمينه لمقترح المملكة القاضي بإرساء الحكم الذاتي في أقاليم الصحراء، بينما تصر الجبهة على ما تسميه "حق تقرير المصير للشعب الصحراوي".


وحول هذا القرار، ورغبة الرباط بأن يكون التمديد قد جاء لعام كامل، رأى الدكتور عبد الفتاح الفاتحي، الخبير في ملف الصحراء، أن التمديد لنصف عام الذي جاء بضغطٍ أميركي قوي، لا يمكن تحميله دلالات سياسية تتعلق بأي جديد في الموقف الأميركي من النزاع، ما دامت واشنطن باتت تستعجل إيجاد تسوية لنزاعٍ طال أمده.

واعتبر الفاتحي في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "دلالة الاستعجال الأميركي قد لا تتعدى، في أغلب تقدير، تقليص النفقات المادية التي تتكلفها الأمم المتحدة من أجل ضمان استمرار مهام بعثة المينورسو في الصحراء، التي تراقب تطبيق بنود الاتفاق العسكري رقم 1"، الموقع بين المغرب وجبهة "البوليساريو"، تحت إشراف الأمم المتحدة منذ عام 1991.

ورأى الخبير، أن "الإصرار الأميركي على الانتصار لمسألة فعالية التجديد لمهام المينورسو في ستة أشهر يحفز أطراف النزاع أكثر، أو بالأحرى يبقيهم تحت ضغط أممي، من أجل التسريع بإيجاد توافق على صيغة سياسية لنزاع الصحراء".

وجزم الفاتحي، أن الولايات المتحدة "تعتقد أن حل نزاع الصحراء سيخفف الضغط على ميزانية الأمم المتحدة، فيما وجه اللوم إلى واشنطن، بشأن تقليص حجم مساعداتها المالية لمنظمات وبعثات الأمم المتحدة حول العالم"، مضيفاً أنه "نتيجة لذلك، من الطبيعي أن تدعم واشنطن مسألة تقليص مدة ولاية تجديد مهام المينورسو، طالما أن تقييمها يفيد بأن هذا التوجه هو الذي قد يحرك بشكل أكبر تداول نزاع الصحراء في أفق إيجاد حل سريع لهذا الملف الشائك".

واعتبر المحلل أن توقع دلالات غير ذلك قد لا يكون في محله، ولا سيما أن الموقف الأميركي "يبقى مستقيماً، وفي انسجام وتناغم تامين مع باقي مواقف الولايات المتحدة السابقة، التي تدعم حلاً سياسياً واقعياً ومتوافقاً بشأنه، يُضاف إليه ممارسة مزيد من الضغط، للتعجيل بإيجاد تسوية سياسية، تنهي ما يهدد الأمن والسلم في المنطقة، ويدفع أكثر إلى التنمية الاقتصادية لدول شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء".

المساهمون