تحضيرات "باليرمو" الليبي: مقترحٌ إيطالي لترتيبات أمنية وسياسية

تحضيرات مؤتمر "باليرمو" الليبي: اقتراح ترتيبات أمنية وسياسية تمهد لانتخابات بسبتمبر 2019

01 نوفمبر 2018
التقى القادة الليبيون رئيس الحكومة الإيطالية(ميشال سباتاري/Getty)
+ الخط -


كشف مصدرٌ دبلوماسي رفيع في طرابلس، عن توافق قادة ليبيا الأربعة على مقترح للحكومة الإيطالية بشأن رؤيتها لحلّ الأزمة الليبية، وعلى طرحه خلال جلسات مؤتمر باليرمو المرتقب، الذي سيعقد في 12 و13 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.

وقال الدبلوماسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة الإيطالية أبلغت شركاءها الدوليين بموافقة كلٍّ من رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، الذين زاروا روما خلال الأيام الماضية، على مقترحها، وعلى البنود التي يتضمنها.

وكان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق قد أعلن عن زيارة السراج الخميس الماضي إلى روما، ولقائه نظيره الإيطالي جوزيبي كونتي. وأمس الأربعاء، أعلن المكتب الإعلامي للمجلس أيضاً عن زيارة المشري للعاصمة الإيطالية، واضعاً الزيارتين في إطار مناقشة التحضيرات التي تجري في روما من أجل عقد مؤتمر باليرمو، فيما لم يعلن كلّ من حفتر وصالح عن زيارتيهما، إلا أن وسائل الإعلام الإيطالية أكدتهما، ووضعتهما كذلك في خانة الهدف ذاته. 

وأوضح الدبلوماسي الليبي الذي يعمل في السفارة الليبية في روما أن المقترح الإيطالي الذي تمّت الموافقة عليه تضمن مناقشة الجانبين الأمني والسياسي للأزمة الليبية في اليوم الأول من المؤتمر، في جلسة سيشارك فيها المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، وذلك للتوصل إلى توافقٍ بشأن توسيع دائرة بند الترتيبات الأمنية، بدءاً من وقف كامل لإطلاق النار في كل أنحاء البلاد، بالتزامن مع دعم حوارات الضباط الليبيين بشأن التوافق على صيغة لتوحيد المؤسسة العسكرية.

أما في ما يتعلق بالجانب السياسي، فبيّن المصدر أن القادة الليبيين الأربعة سيبحثون مقترحاً إيطالياً يقضي بالإبقاء على حكومة الوفاق كحكومة وحدة وطنية، وتجميد أعمال حكومة البيضاء المنبثقة عن مجلس النواب، وأعمال إدارات موازية للمصرف الليبي المركزي ومؤسسة النفط الليبية، في خطوة باتجاه توحيد المؤسسات السيادية.

واعتبر المصدر أن المقترح الإيطالي الذي ستسعى روما لحشد دعمٍ دولي وأممي له، سيتيح سبل تهيئة الأجواء لمرحلة الانتخابات العامة في البلاد، حيث سيتيح الاتفاق على موعد جديد للانتخابات مساحة من الزمن لإنتاج أطر دستورية كأساس قانوني لإجرائها، خلافاً للإعلان المتفق عليه في باريس حول حصول الانتخابات نهاية العام الحالي، مرجحاً أن يحصل اتفاق على تأجيل الانتخابات حتى شهر سبتمبر/أيلول 2019.

وأشار المصدر إلى أن حفتر لم يبد رضىً كاملاً عن المقترح الإيطالي، فهو يشعر، كما يشعر معه مؤيدوه في عواصم إقليمية، كمصر، أن "تجميد الأوضاع لا يخدم مصالحه، وقد يهدد وجوده في حال تنامي الرفض الداخلي له وتشتت جبهته"، معتبراً في الوقت ذاته أن موافقة الشخصيات الثلاث الأخرى على المقترح الإيطالي "تخدم رغبات بعضهم في البقاء في السلطة وإمكانية تغير الأوضاع لصالحهم مع الوقت".


ورأى المصدر أن الإخفاقات التي تعيشها جبهات حفتر في الجنوب الليبي ودرنة، وعدم قدرته على حسم الكثير من المعارك، سيوثر على موقفه الداخلي، وقد تطالب أطرافٌ سياسية مناوئة له بفرض الترتيبات الأمنية في مناطق ليبية معينة، مثل درنة، بعدما نجحت حكومة الوفاق نسبياً في فرضها في طرابلس برعاية أممية، ما يمكن أن يشكل قلقاً بالنسبة للواء المتقاعد، خاصة أن الفصائل المسلحة ملّت الحروب وتقديم مزيد من الضحايا لدعم حروبه.

وبحسب المصدر، فإن القادة الأربعة "على ثقة بأن المؤتمر لن يخرج عنه أي جديد، وبالتالي فإن تجميد الأوضاع سيخدم مصالح أغلبهم، وهم يدركون أن هدف روما هو الاستحواذ على الملف الليبي بدعم دولي وأممي، وإزاحة التأثير الفرنسي فقط لا غير"، مشيراً إلى أن اللاعبين المحليين يسيرون حالياً لاستثمار مخرجات باليرمو، عبر خلط الأوراق بشكل كبير، وهو ما تبدى في الرسالة التي القوية التي وجهها مجلسا الدولة والنواب الليبيين إلى المجتمع الدولي، والتي مفادها أن بإمكانهما التوافق أقلّه على إنتاج دستورٍ كأساس للانتخابات، كما أن حكومة الوفاق أشارت إلى إمكانية تقاربها مع مجلس النواب من خلال اعتمادها عبد الدرسي مرشح النواب لرئاسة جهاز الاستخبارات العامة وتمكينه رسمياً من منصبه.

ورداً على تساؤل عما إذا كان "المستهدف من التغييرات الجديدة هو حفتر؟"، أعرب عن عدم اعتقاده بأن أمر إنهاء دور اللواء المتقاعد سيكون سهلاً، لافتاً إلى أن روما ذاتها تعترف بذلك، وأن دعوته للمشاركة في باليرمو دليل على أنه واحد من القادة الأربعة المؤثرين في ليبيا. رغم ذلك، رجح المصدر أن يأتي المؤتمر في سياق متغيرات جديدة على المشهد، ستؤدي إلى إضعاف دور حفتر بشكل كبير، وهو أمر استشعرته موسكو، ما دفعها للإعلان، أمس، عن عدم حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمؤتمر، مع إمكانية تخفيض مستوى تمثيلها.

دلالات

المساهمون