مصر: انشقاقات في "القاعدة" لمصلحة "ولاية سيناء"

مصر: انشقاقات في "القاعدة" لمصلحة "ولاية سيناء"

07 أكتوبر 2018
شنّت قوات الجيش هجمات عدة في سيناء(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
كشف مصدر قبلي في مصر، أن "تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش، استقبل، خلال الأيام القليلة الماضية عشرات المنشقين من تنظيم القاعدة، في منطقتَي جنوب رفح والشيخ زويد بمحافظة شمال سيناء، بعد أن قرروا الانضمام إلى تنظيم داعش، في ظل توغل حملات الجيش المصري في مناطق تمركزهم خلال الأسابيع القليلة الماضية". وفي التفاصيل، ذكر المصدر لـ"العربي الجديد" أن "الليالي الماضية شهدت لقاءات بين مسؤولين في تنظيم القاعدة ونظرائهم في تنظيم ولاية سيناء، في إحدى القرى، للاتفاق على انشقاق العشرات من القاعدة وانضمامهم إلى تنظيم ولاية سيناء، لمواجهة حملات الجيش المتوغلة في مناطق جنوب رفح والشيخ زويد منذ أسابيع عدة، في ظل امتلاك ولاية سيناء قدرات عسكرية يفتقدها تنظيم القاعدة".

وأشار المصدر إلى أن "التقاء المصالح أوجد هذه الحالة الجديدة، بعد عداء باطن لسنوات، وظهر في مواقف عدة خلال السنوات الماضية"، بينما كشف الموقف الحالي أن الخوف من المصير الناتج من حملات الجيش دفع أفراداً ومسؤولين في "القاعدة" للانضمام إلى "ولاية سيناء"، خصوصاً أن الأخير موجود في مناطق جنوب رفح والشيخ زويد منذ أشهر، في ظل التصدي للعملية العسكرية الشاملة التي بدأها الجيش المصري في مطلع شهر فبراير/شباط الماضي، فيما شنّ "ولاية سيناء" اعتداءات عدة ضد الجيش، كان آخرها في ظلال اتفاق التنظيمين.

وتابع المصدر أن "ولاية سيناء استفاد من هذه الحالة، بزيادة أعداد مقاتليه في جنوب رفح خصوصاً، حيث مناطق تمركز المناصرين والعاملين ضمن صفوف تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى امتداد السيطرة على مناطق جنوب رفح، وتقليل مساحات السيطرة للمليشيات العسكرية التابعة لرجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني المقرب من دوائر الاستخبارات المصرية". وأكد أن "الأيام المقبلة ستشهد زيادة في وتيرة الاستهدافات لقوات الجيش العاملة جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد، في ظل حالة الاندفاع التي تسيطر على المنضمين الجدد لتنظيم ولاية سيناء بهدف الانتقام من قوات الجيش".


والجدير ذكره أن قوات الجيش شنّت حملات عسكرية مركزة على مناطق رفح والشيخ زويد، تخللها هدم عشرات المنازل، مما أوجد حالة من الغضب في صفوف الأهالي، في ظل عدم وقوع قراهم ضمن مناطق المنطقة العازلة التي بدأ الجيش المصري في إنشائها على الحدود مع قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014، وطاولت غالبية أحياء وقرى شرق وشمال رفح على مدار السنوات الماضية، وازدادت وتيرتها في ظل العملية العسكرية الشاملة، وامتدت في اتجاه الجنوب والغرب، بهدف الهدم الكامل لمدينة رفح وجميع قراها المحيطة. وهذا كان أحد الأسباب الدافعة لانضمام الأفراد الجدد إلى "ولاية سيناء" الذي استطاع تنفيذ هجمات "نوعية" ضد قوات الجيش خلال الأسابيع الماضية.

وكان عداء ظاهر قد وقع في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حينما أعلن تنظيم "جند الإسلام" التابع لتنظيم "القاعدة" عن استهدافه مجموعة من تنظيم "ولاية سيناء" لاعتدائهم على نقاط رباط تابعة لـ"الجند"، إلا أن هذا العداء ما لبث أن اختفى في ظل القدرات العسكرية لـ"ولاية سيناء"، واتفاق التنظيمين على العمل المشترك في سيناء. وهذا ما حدث فعلياً في الوقت الحالي، في مواجهة الجيش المصري.

من جهته، قال باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد" إن "التنظيمات الجهادية لا مشكلة لديها في التحالف مع أي جهة أخرى في حال شعرت بقرب القضاء عليها وانتهاء وجودها. وهذا ما حصل في مناطق رفح والشيخ زويد، إذ إن حملات الجيش المصري الأخيرة استهدفت مناطق جنوب المدينتين، بهدف إنهاء الوجود السكاني فيها، مما كشف تحركات المجموعات العسكرية التابعة لتنظيم "ولاية سيناء" المتصدر مشهد الهجمات ضد قوات الأمن المصرية بسيناء.

وأضاف الباحث أن "كلا الطرفين سيستفيدان من هذه الحالة الطارئة، والتي سيكون لها بالتأكيد تأثير في المشهد الأمني في سيناء خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً أن عناصر تنظيم القاعدة هم الأقدم في ساحة سيناء، ولديهم الخبرة الكافية، لمعرفة دروب المنطقة، كما تعرّضوا للملاحقة في فترات عدة على مدار العقود الماضية، بالإضافة إلى أنهم ذوو سمعة جيدة في أوساط المواطنين. وهي ميزة يفتقدها تنظيم ولاية سيناء، الذي خسر تأييد جميع فئات المجتمع السيناوي، بسبب سياساته في التعامل مع المواطنين على مدار السنوات الماضية التي سيطر فيها على مناطق واسعة من سيناء".

وأشار إلى أن "ما يجري يمثل حالة طارئة، قد تنتهي في أي وقت لاحق، مع تغيّر العوامل المحيطة بنشوء هذا التحالف الجديد، الذي من شأنه أن يزيد من حدة التصدي لقوات الجيش العاملة في مناطق جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد خلال الأسابيع المقبلة. ولذلك تأثير في مناطق أخرى من مصر، خصوصاً أن مناصري تنظيم القاعدة منتشرون في محافظات مصرية عدة، ومن شأن ذلك أن يغير المشهد الأمني العام في مصر، ما سيستدعي اهتماماً من الدوائر الأمنية خلال الفترة المقبلة، لمتابعة تطورات هذه الحالة الجديدة".

المساهمون