توجه مصري نحو تجديد مباحثات التهدئة في غزة

توجه مصري نحو تجديد مباحثات التهدئة في غزة

06 أكتوبر 2018
بات الأربعاء يوماً للاحتشاد أمام معبر "بيت حانون"(فرانس برس)
+ الخط -

لا يبدو أنّ التوصل إلى اتفاق مصالحة فلسطينية ممكن في المدى المنظور، في ظلّ المعطيات والمؤشرات التي تتزايد عن اتساع فجوة الخلاف بين طرفي الانقسام الداخلي؛ "حماس" و"فتح". ومع إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنّ جهود مصر الحالية للتوصّل إلى اتفاق مصالحة بشروطه، هي الفرصة الأخيرة لإتمام ذلك، تتزايد المخاوف من انتهاء كل محاولة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، مع تصاعد التراشق الإعلامي بينهما. وبينما وصل ملف المصالحة إلى طريق مسدود، تتجهّز مصر لإعادة تفعيل مباحثات التهدئة في غزة بين "حماس" والاحتلال الإسرائيلي.

ووفق مصادر، تحدّثت مع "العربي الجديد"، فإنّ "القاهرة، مدفوعة برغبة إسرائيلية، بتجنّب الحرب الرابعة في غزة والتي تدقّ الأبواب بقوة هذه الأيام، تريد إعادة تفعيل مباحثات التهدئة، حتى لو تجاوزت السلطة الفلسطينية". علماً أنّ هذا المسعى فشل أخيراً، بسبب وقوف السلطة الفلسطينية ضده. لكن هذه المرة الظروف والمعطيات مختلفة، ويتعزّز هذا الأمر (تجاوز السلطة الفلسطينية) مع التباعد الواضح بين السلطة الفلسطينية من جهة، ومصر من جهة أخرى.

وكانت جولة المباحثات الأخيرة التي عقدتها "حماس" والاستخبارات المصرية أخيراً للوصول إلى ما يمكن أن يقدّم حلولاً للخلافات مع حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية، قد فشلت. وجاء بيان "حماس" في حينه ليعزّز هذا الاعتقاد، حيث برزت فيه مصطلحات فضفاضة اعتاد الفلسطينيون على سماعها مع كل فشل في التوصل إلى اتفاق.

ووفق المعطيات، فإنّ السلطة الفلسطينية أضافت بنداً جديداً على شروطها للمصالحة، يتعلّق بسلاح المقاومة في غزة، إذ لم يكن هذا البند مطروحاً بهذه القوة وهذه الصياغة من قبل. ويقول المصريون إنّ السلطة تخشى من سلاح "حماس" في حال استلمت زمام الأمور في القطاع المحاصر.

إلى ذلك، أودعت "حماس" لدى مصر، وفق مصادر "العربي الجديد"، موافقتها غير المشروطة على الذهاب للانتخابات العامة؛ الرئاسية والتشريعية، بإشراف عربي ودولي، لكن حركة "فتح" ماطلت في الرد على هذا الأمر. وبدا من هذه المماطلة أنها ليست على عجلة من أمر الذهاب إلى الانتخابات.


ووسط كل هذه المراوحة والأخذ والرد، لا يزال أهالي غزّة يدفعون ثمن الحصار المفروض عليهم من قبل كل الأطراف، ولا سيما عبر معبر رفح الذي أعلنت السلطات المصرية، أمس الجمعة، إغلاقه بالاتجاهين، لمدة ثلاثة أيام متتالية، اعتباراً من يوم أمس، بدعوى أنّ يومي الجمعة والسبت عطلة أسبوعية، ويوم الأحد عطلة بمناسبة ذكرى حرب السادس من أكتوبر. ويأتي ذلك بعد فتح المعبر استثنائياً على مدار الأسبوع الماضي، لعبور المسافرين الفلسطينيين من الجانبين.

وبحسب مصدر مسؤول في إدارة معبر رفح، فإنه "سيتم استئناف العمل في المعبر اعتباراً من صباح الإثنين المقبل، لعبور المسافرين في الاتجاهين، وإدخال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية إلى قطاع غزة".

في غضون ذلك، يحشد الاحتلال الإسرائيلي مزيداً من القوات على الحدود مع قطاع غزة، بزعم نية "حماس" تصعيد العمل هناك، مع تلويح متجدّد بشنّ عدوان واسع على القطاع، على غرار الحروب الثلاث السابقة التي عاشتها غزة.

لكنّ "حماس"، التي لا تريد الحرب حالياً، على ثقة في أنّ الجبهات المشتعلة حول الاحتلال تمنعه في هذا الوقت بالذات، من شنّ حرب رابعة على القطاع، فيما يستمر رهان الحركة على مسيرات العودة وكسر الحصار على طول الحدود الشرقية والشمالية للقطاع مع الأراضي المحتلة، في ظلّ توسيع رقعة نقاط التماس. فبدلاً من خمس نقاط مواجهة، باتت اليوم على حدود غزة سبع نقاط ومسير بحري أسبوعي تجاه الحدود البحرية مع دولة الاحتلال.

ويوم الجمعة من كل أسبوع، على غرار ما حصل أمس، يحتشد آلاف الفلسطينيين قبالة السلك الشائك الفاصل مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 في خمس نقاط مواجهة ثابتة. كما يشهد يوم الإثنين مسيراً بحرياً واحتشاداً جماهيرياً قبالة موقع "زيكيم" العسكري البحري الإسرائيلي شمالاً، في حين بات الأربعاء يوماً للاحتشاد أمام معبر بيت حانون الذي يفصل شمال القطاع عن الأراضي المحتلة.

وتفكّر الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، وفق تصريحات أطلقها مسؤولوها أخيراً، في إضافة مزيد من نقاط التماس والمواجهة، وتصعيد العمل السلمي على الحدود، لدفع الأطراف المختلفة لمزيد من الضغط لتفكيك الأزمات التي باتت تسيطر على غزة، وحولتها إلى منطقة أزمات قاسية بامتياز.

إضافة إلى ذلك، جاءت تصريحات قائد "حماس" في غزة، يحيى السنوار، التي نقلتها وسائل إعلام إيطالية وإسرائيلية أخيراً، لتؤكد سعي الحركة إلى مواصلة مسيرات الحدود وتصعيدها في محاولة لمنع استمرار الانزلاق الحالي في غزة. وقال السنوار لدى حديثه عن وقف إطلاق النار والتهدئة، إنها ليست من أجل "حماس" أو "فتح"، وإنما من أجل غزة.