موريتانيا تتريث بحسم موقفها من محادثات الصحراء

موريتانيا تتريث بحسم موقفها من محادثات الصحراء

06 أكتوبر 2018
يفترض أن تستقبل جنيف مفاوضات الصحراء (Getty)
+ الخط -

عاد ملف الصحراء بقوة إلى الواجهة، مع رفض المتحدث باسم الحكومة الموريتانية محمد الأمين ولد الشيخ، إعطاء الجواب حول حضور موريتانيا من عدمه للمحادثات حول منطقة الصحراء التي دعا إليها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء هورست كوهلر في شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل في جنيف السويسرية. وقال ولد الشيخ، في مؤتمر صحافي بنواكشوط، إنه "بالنسبة لما يتعلق بالرسالة من الأمم المتحدة حول مشكلة الصحراء، فستتم الإجابة عنها من الحكومة بالطرق المناسبة التي تختارها، وفي الوقت المناسب".

وشكّلت طريقة رد المتحدث باسم حكومة موريتانيا على الموضوع تحفظاً واضحاً من الطرف الموريتاني على موقفه حتى الآن من حضور محادثات جنيف التي أعلن كل من المغرب و"جبهة البوليساريو" الموافقة على حضورها، بينما لا تزال الأمم المتحدة تنتظر رد الجانبين الموريتاني والجزائري بالقبول أو الرفض. وكان كوهلر قد وجّه الدعوات إلى الجهات المعنية لحضور مباحثات في جنيف يومي 5 و6 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ومنح الجميع حتى 20 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي للرد على تلك الدعوة.

في هذا الصدد، رأى رئيس تحرير وكالة الأخبار المستقلة بموريتانيا، أحمدو ولد محمد المصطفى، أن "ملف الصحراء من الملفات المقلقة بالنسبة للدبلوماسية الموريتانية، التي لم تنجح إلى الآن في بناء خط يجسّد الحياد الإيجابي الذي اعتمدته منذ عقود". وأضاف في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "إحدى أبرز إشكاليات الدبلوماسية الموريتانية هو هذا التأرجح الدائم بين الجزائر والمغرب، والمرتبط بشكل مباشر بالموقف من ملف الصحراء"، معتبراً أن "قدر موريتانيا، لأسباب كثيرة، ليس أقلها تأثيراً التاريخ والجغرافيا والتداخل الشعبي، أن يكون دورها بارزاً في هذا الملف، وعليها أن تكون جزءاً من الحل، وأن تساهم في إزالة بعض العقبات التي تعترض هذا الملف، وتعيق حلّ هذا المشكل المزمن".

وأضاف ولد محمد المصطفى أن "موريتانيا لم تعلن إلى الآن موقفها بشأن الدعوة التي وجهت إليها لحضور جنيف، وهذا التأخّر في الإجابة يلمح لحد ما إلى موقف الحرج الذي تستشعره الحكومة، وكذلك توجسها من التطورات اللاحقة للجلسة، وما يمكن أن تتركه من تأثير على علاقاتها مع البلدين الجارين".

وأشار إلى أن "نواكشوط الآن في طور ترميم علاقاتها مع الرباط بعد سنوات من البرودة كادت خلالها السفارة الموريتانية هناك تخلو من الموظفين، كما أن علاقاتها مع الجزائر لم تخل هي الأخرى من مطبات وصلت إلى درجة تبادل البلدين طرد المستشار الأول من السفارتين، وكانت نواكشوط البادئة".



وختم ولد محمد المصطفى بالقول "هنا أعود لما بدأت به، وهو أن الملف جد حساس، وأن أي تحرك موريتاني يجب أن يكون مدروساً، ويضمن عدم التأثير على علاقات البلاد بأي من المغرب والجزائر، وهذا يقتضي السير على خط حرج، هو خط الحياد الإيجابي الذي اخترناه منذ سنوات، والسير عليه يحتاج إلى تجربة وإحاطة بخفايا الملف لا أعرف مدى توفرها في فريقنا الدبلوماسي الحالي". ويعرف عن الجزائر رفضها إجراء مفاوضات مباشرة مع المغرب حول قضية الصحراء، وذلك لكونها ترى أن النزاع يجب أن يحل بين البوليساريو والمغرب.

ورأى مراقبون أن "ردّ موريتانيا المتحفظ على موقفها حضور المفاوضات من عدمه، تلكؤ عن الإجابة قبل ردّ الجزائر التي لا يزال كوهلر ينتظر ردها، إضافة لانتظاره موقف نواكشوط قبل انتهاء المهلة المحددة لحضور المفاوضات". وباتت العلاقات الموريتانية ـ الجزائرية في أحسن فتراتها منذ وصول الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى سدة الحكم، بعد الأزمة الدبلوماسية التي شهدتها علاقات البلدين، والتي أدت إلى تبادل طرد الدبلوماسيين قبل أكثر من سنتين.

في المقابل ظلّت العلاقات بين الرباط ونواكشوط تعيش حالة من التوتر والصمت سنوات عدة، قبل أن تشهد تحسناً منذ أشهر أسفر عن تبادل السفراء بين البلدين، بعد فترة من الجفاء الذي عبّر عنه الطرفان أكثر من مرة وترجمته بعض القرارات الدبلوماسية والسياسية السابقة للطرفين.

وتنامى دور موريتانيا في الصحراء بعد انسحاب السلطات الإسبانية من الصحراء بعد الاتفاق الثلاثي لتقسيم الإقليم بين موريتانيا والمغرب، في عام 1975. ودخلت موريتانيا في حرب بشأن الصحراء انتهت عام 1978، كما دخل المغرب في نزاع مسلح مع البوليساريو امتدّ هو الآخر إلى عام 1991 بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار. وظل لموريتانيا دور بارز في ملف الصحراء، إلى جانب الجارتين المغرب والجزائر، وهو الدور الذي أدّى بالأمم المتحدة إلى طلب حضور الجميع مفاوضات جنيف حول ملف الصحراء.



المساهمون