تباين بين الأحزاب التونسية بشأن المشاركة بالتعديل الوزاري المرتقب

التعديل الوزاري المرتقب في تونس: أحزاب ترحّب وأخرى ترفض

31 أكتوبر 2018
تتسارع مشاورات الشاهد مع الأحزاب لإجراء التعديل (ياسين غايدي/الأناضول)
+ الخط -

تتسارع مشاورات الحكومة التونسية برئاسة يوسف الشاهد، مع الأحزاب السياسية، لوضع اللمسات الأخيرة على التعديل الوزاري المرتقب، والذي يرجّح أن يتم في نهاية الأسبوع الحالي، قبل مناقشة موازنة العام 2019.

وفي الوقت الذي عبّرت فيه عدة أحزاب عن استعدادها للمشاركة في التعديل الوزاري، وعن نيتها الالتحاق بالفريق الحكومي الجديد، أكدت أحزاب أخرى أنّها غير معنية به، معتبرة أنّه لن يخرج البلاد من أزمتها، ولن يقدم حلولاً للوضع الراهن، وضمن فترة قصيرة قبيل الانتخابات التشريعية والرئاسية في خريف 2019.

وفي هذا الإطار، قال النائب عن الكتلة البرلمانية لحزب "مشروع تونس" حسونة الناصفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إنّ حزبه أبدى استعداده المبدئي للدخول في مشاورات مع الحكومة، مشيراً إلى أنّ "المشاورات في مرحلة متقدمة حالياً".

وبيّن الناصفي أنّ حزب "مشروع تونس" طالب رئيس الحكومة، في الوقت عينه، بجملة من الضمانات؛ أبرزها البرنامج الذي سيتم طرحه، وضرورة أن يكون واضحاً للفترة القادمة، وأن يتضمن حلولاً مستعجلة للأزمات القائمة.

وبعد دعوات لاستقالة حكومة الشاهد الذي أُقصي من حزب "نداء تونس"، نتيجة خلافات مع المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي، ابن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، دعت أحزاب أخرى، أبرزها "حركة النهضة" الشريك في الائتلاف الحاكم مع "نداء تونس"، إلى تعديل جزئي بالحكومة.

وبينما كانت حركة "النهضة" تفضّل أن يتم التعديل الوزاري بعد إقرار الموازنة، أي خلال الشهر الأخير من هذا العام، استقر الشاهد على عكس ذلك، بالإضافة إلى إصرار الحليف الجديد، حزب "مشروع تونس"، على أن يتم التعديل في هذه الفترة وليس بعد الموازنة.

وأوضح الناصفي أنّ لدى "مشروع تونس" شرطاً آخر للمشاركة في التعديل الوزاري، ويتعلّق بعمل بعض المؤسسات في تونس، لافتاً، في هذا السياق، إلى "هيئة الحقيقة والكرامة"، متهماً إياها بأنّها "تجاوزت صلاحياتها ودورها في المصالحة الشاملة، إلى ممارسات تتنافى وقرار مجلس نواب الشعب"، مشدداً على أنّ "الحزب، وفي حال كانت الصورة ضبابية، لن يقبل المشاركة في التعديل الوزاري لمجرد المشاركة فقط".

ووفق الناصفي، فإنّه "لم يتم التطرق إلى مسألة الحقائب الوزارية"، مشدداً على رفض "مشروع تونس" المحاصصة الحزبية لنيل حقائب معينة وطرح أسماء محددة، معرباً في الوقت عينه عن "الثقة في بعض الكفاءات في مشروع تونس، القادرة على تقديم إضافة للحكومة، وهو ما ستتم مناقشته خلال هذا الأسبوع"، بحسب قوله.

ورأى النائب عن "مشروع تونس" أنّ "الأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد، تتطلب من رئيس الحكومة أن يعجل بالتعديل الوزاري، قبل المصادقة على مشروع قانون الموازنة".


من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم "حركة النهضة" عماد الخميري، أنّ الحركة معنية بالتعديل الوزاري طالما أنّها جزء من الحكومة، مذكّراً، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، بأنّ "النهضة دعت إلى التعديل الوزاري، وإلى ضرورة انكباب الحكومة على الإصلاحات التي تنوي القيام بها، وتطبيق رؤيتها الاجتماعية والاقتصادية".

وأشار الخميري إلى أنّ "هناك مشاورات مع رئيس الحكومة لإتمام التعديل الوزاري، ولكن تبقى لرئيس الحكومة الصلاحيات الكاملة لإجراء التعديل"، مبيّناً أنّ "المشاورات لا تتعلّق فقط بالتعديل الوزاري، بل أيضاً ببرنامج الحكومة والإصلاحات المقبلة، والمناخات الملائمة لإنجاح الاستحقاق الانتخابي عام 2019".

وتنتظر تونس استحقاق الانتخابات التشريعية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول 2019، والرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

رافضون للمشاركة بالتعديل الوزاري

في المقابل، أكد الأمين العام لـ"التيار الديمقراطي" غازي الشواشي، أنّ حزبه "غير معني بالتعديل الوزاري ولا المشاركة فيه"، مشيراً إلى أنّ "الحكومة لم تقدّم لنا أي طلب للتشاور معنا وأخذ رأينا بالتعديل، سواء كان ذلك بصفة رسمية أو غير رسمية، ربما لأنهّا تعرف موقفنا ضمن صفوف المعارضة"، كما قال.

وشدد الشواشي على أنّ "المناصب الوزارية لا تعنينا، وما يهمنا فقط هو البرامج الحكومية"، معتبراً أنّ "التعديل الوزاري برمته، والذي يأتي في الربع ساعة الأخير، أي قبل بضعة أشهر من الانتخابات، لن يقدّم أي إضافة ومآله الفشل، طالما أنّ الخيارات ومنهجية العمل ذاتها متواصلة".

ورأى الشواشي أنّ "الحكومة لن تكون قادرة على القيام بأي إصلاحات خلال سنة قبل الانتخابات في ظل التجاذبات الحالية"، مضيفاً أنّ "مشروع قانون موازنة 2019، لا يتضمن أي مشاريع أو إصلاحات تُذكر، ولا يتعدّى كونه مشروع حكومة تصريف أعمال لا أكثر".

وأعرب الشواشي عن اعتقاده بأنّ "الأمل الوحيد لتغيير المشهد السياسي، لن يكون في التعديل الوزاري، بل في انتخابات 2019، باتجاه تشكيل مشهد أكثر توازناً، وتقدّم أحزاب جديدة تطرح حلولاً وبرامج للبلاد"، مضيفاً أنّ "هذا الأمر تعيه الأحزاب الحاكمة وحتى تلك المعنية بالتعديل الوزاري، لأنّها لو كانت قادرة على التغيير لغيرت منذ 4 سنوات".


وفي المواقف أيضاً، عبّرت النائبة عن "الائتلاف الوطني" ليلى الشتاوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، عن رفض حزبها للمشاركة في التعديل الوزاري.

وقالت إنّ "عدة تحديات لا تزال موجودة؛ ومنها مشاريع قوانين هامة لم تمر رغم أنّها ضرورية لتحسين أداء الحكومة، إلى جانب الهيئات الدستورية التي لم يتم إرساؤها، مثل المحكمة الدستورية والشغورات في الهيئة العليا للانتخابات".

وكشفت الشتاوي أنّ حزبها طلب من كتل برلمانية أخرى تساند الحكومة ألا ترشح أي نائب لمنصب وزير، على اعتبار أنّ هناك كفاءات من خارج البرلمان قادرة على تقديم الأفضل.

وفي الوقت عينه، قالت الشتاوي إنّ رفض "الائتلاف الوطني" للمشاركة في التعديل الوزاري، لا يعني أنّه ضد إجراء التعديل برمته، مشيرة إلى أنّ الحزب "وعلى العكس يطالب بالتعجيل في إجراء التعديل الوزاري، لغلق هذا الملف نهائياً قبل المصادقة على مشروع الموازنة".

ورأت الشتاوي أنّ "التذبذب والضبابية في المواقف الصادرة من قبل بعض الأحزاب، لن يخدم الحكومة، ولا سيما أنّها تعمل تحت تأثير ضغوطات عدة وهو أمر مرفوض"، بحسب قولها، مرجحة أن "يُعلن عن التعديل الوزاري في نهاية الأسبوع المقبل على أبعد تقدير".

وفي سياق المواقف الرافضة أيضاً، أعلن مهدي جمعة، رئيس حزب "البديل" ورئيس الحكومة الأسبق، أنّ حزبه غير معني بالمشاركة في التعديل الوزاري، بينما يبدو أنّ حزب "المبادرة" بقيادة كمال مرجان، وحزب "المسار" (أمينه العام سمير بالطيب وزير الزراعة الحالي)، قد يشاركان في الحكومة الجديدة.

المساهمون