صواريخ "الجهاد الإسلامي" وتهدئتها: هل تحرج "حماس" في غزة؟

صواريخ "الجهاد الإسلامي" وتهدئتها: هل تحرج "حماس" في غزة؟

27 أكتوبر 2018
"حماس" ربما أكبر المتضررين من التصعيد (باتريك باز/فرانس برس)
+ الخط -
أسهم إطلاق عدد من الصواريخ من غزة على العمق الإسرائيلي، الليلة الماضية، الذي منح جيش الاحتلال الحجة للرد بكثافة، وضرب عشرات الأهداف للمقاومة الفلسطينية، في خلط الأوراق، وسط تواصل الجهود الدولية والإقليمية الهادفة للتوصّل إلى مسار تهدئة يفضي إلى رفع الحصار عن القطاع.

ومثلما أعلنت "الجهاد الإسلامي" أنّها أطلقت الصواريخ منفردة، فإنّها تولّت أيضاً إعلان وقف إطلاق النار مع إسرائيل، بوساطة مصرية، على لسان المتحدّث باسم الحركة داوود شهاب، الذي شدد على التزام الجهاد بالاتفاق، مقابل الالتزام الإسرائيلي.

وإطلاق الصواريخ، الذي أعلنت حركة "الجهاد" أنّها نفذته، يمثّل تجاوزاً لقواعد العمل التي تعمل على أساسها غرفة العمليات المشتركة، التي تضم الأذرع العسكرية للفصائل المسلحة في غزة، والتي توافقت على أساس أن يتم تنسيق عمليات المقاومة ضد إسرائيل، بحيث لا ينفرد تنظيم بتنفيذ عمليات يمكن أن توفر للاحتلال المسوغات لتكثيف العدوان، وتعزيز مكانته في الاتصالات الهادفة إلى التوصّل لمسار تهدئة جديد.

وعلى الرغم من أنّ قادة حركة "حماس" قد التزموا الصمت حيال ما جرى، إلا أنّ الحركة ربما تكون أكبر المتضررين من صواريخ "الجهاد"، التي برّرت إطلاق الصواريخ بالرد على استشهاد خمسة فلسطينيين وجرح العشرات، لدى قمع قوات الاحتلال المشاركين في "مسيرات العودة"، يوم الجمعة.

وبالفعل، استغلّت إسرائيل صواريخ "الجهاد" لضرب مرافق وبنى عسكرية تابعة لحركة "حماس"، تم إعدادها مسبقاً ضمن بنك أهداف تمّت صياغته بناء على معلومات استخبارية مسبقة.

ويندرج السلوك الإسرائيلي ضمن استراتيجية "المواجهة بين الحروب"، التي تعمل تل أبيب خلالها على استغلال أية فرصة لضرب مكامن القوى العسكرية لحركة "حماس"، لا سيما معامل إنتاج الصواريخ والقذائف والوسائل القتالية، الأنفاق، معسكرات التدريب، وغيرها، وذلك بهدف إضعافها وتقليص قدرتها على المواجهة.

وبحجة أنّها تعتبر حركة "حماس"، كسلطة أمر واقع، مسؤولة عما يجري في القطاع، فإنّ إسرائيل أقدمت، الليلة وصباح اليوم السبت، على ضرب عشرات الأهداف التابعة للحركة.

وتدّعي إسرائيل أنّ كثيراً من الأهداف التي ضُربت تُعدّ "بالغة الأهمية" لـ"حماس"، وسيؤثر المس بها على الجهد الحربي للحركة، في أية مواجهة شاملة مستقبلية مع إسرائيل.


في الوقت ذاته، فإنّ استهداف إسرائيل على نطاق واسع لبنى "حماس" العسكرية قد يدفع الحركة للرد، وهذا يمثّل بحدّ ذاته مسوّغاً لإطالة أمد المواجهة، بحيث تتوفر الفرصة لإسرائيل لاستنفاد ضرب بنك الأهداف المعد سلفاً، حتى يتدخل طرف إقليمي، في الغالب مصر، وينجح في التوصّل إلى وقف إطلاق النار.

إلى جانب ذلك، فإنّ هذا التصعيد قد يحرج حركة "حماس" أمام الوسطاء الإقليميين والدوليين الذين يعملون على محاولة تقريب وجهات النظر بين الحركة وإسرائيل، بشأن مسار التهدئة، وهذا ما قد يؤثّر على مركبات أي مسار تهدئة يمكن التوافق بشأنه مستقبلاً، إذ سيكون مثقلاً بالالتزامات التي تضمن عدم تجاوزه من قبل فصائل فلسطينية أخرى.

وسيمنح هذا التطور الأطراف الإسرائيلية التي تعارض التوصل إلى مسار تهدئة مع المقاومة في غزة، الفرصة لتسويغ موقفها وتبرير دعواتها، للمسارعة في شنّ حرب على قطاع غزة، بحجة استعادة الردع، على اعتبار أنّ هذا السلوك يضمن تحقيق مصالح إسرائيل الاستراتيجية والأمنية.

وإن كانت المؤشرات تدل على أنّ كلاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومعظم وزراء حزبه "الليكود"، وقادة الجيش والأجهزة الأمنية في تل أبيب، يؤيدون منح فرصة للتوصل إلى مسار تهدئة، ويتحفظون على القيام بعمل عسكري كبير ضد القطاع لدواع  استراتيجية، فإنّ التطورات الأخيرة تسهم في تعزيز موقف الذين يطالبون بشن عمل عسكري كبير، مثل وزير الحرب أفيغدور ليبرمان، ووزير التعليم نفتالي بينيت.

المساهمون