سورية: ترقب في السويداء لاستكمال صفقة النظام و"داعش"

سورية: ترقب في السويداء لاستكمال صفقة النظام و"داعش"

23 أكتوبر 2018
لا تقدّم لـ"قسد" بريف دير الزور الشرقي(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -


تنحصر المعارك على الساحة السورية بمواجهات ضد تنظيم "داعش"، إثر اتفاق سوتشي حول إدلب ومحيطها الذي أقر في 17 سبتمبر/أيلول الماضي، والذي سلك مساره نحو التطبيق وإنشاء منطقة عازلة في إدلب، غير أن النظام السوري لم يوقف وعيده باستعادة تلك المحافظة، في موازاة خرقه الهدنة بقصفه مناطق في ريف حماة. في المقابل، فإن النظام يستكمل صفقته مع "داعش" في ريف السويداء، لإطلاق سراح مختطفين لدى التنظيم، وسط تسريبات عن أنها قد تفضي إلى توفير ممر آمن لمسلحي "داعش" إلى البادية السورية.

واستمر أمس توقف المعارك في منطقة تلول الصفا في ريف السويداء الشرقي بين "داعش" وقوات النظام المدعومة بمليشيات محلية، في ظل مفاوضات تجري مع التنظيم من أجل إطلاق نساء وأطفال اختطفهم في يوليو/تموز الماضي. وأكدت مصادر مطلعة أن النظام عقد صفقة مع "داعش" بدأ تنفيذها السبت على مراحل، إذ أطلق التنظيم سراح امرأتين وأطفال. ويترقب أهالي محافظة السويداء استكمال المرحلة الثانية، وبعدها الثالثة، في الصفقة التي يفترض أن تفضي لإطلاق آخر سبع مختطفات لدى التنظيم، مع أربعة عشر طفلاً، من الذين اختطفهم عندما هاجم قرى في شرقي مدينة السويداء.

وقالت مصادر محلية في محافظة السويداء لـ"العربي الجديد"، إن عمليات التفاوض مع التنظيم "سرية"، تقوم بها عدة جهات، ولا يُعرف تحديداً حتى الساعة ما إذا كانت المرحلة الثالثة والأخيرة، ستفضي عند تنفيذها إلى نقل آخر عناصر "داعش" في منطقة تلول الصفا، والمقدر عددهم بنحو 1500 عنصر، إلى بادية دير الزور. وكانت المرحلة الأولى من العملية أنجزت السبت الماضي، ووصلت إلى السويداء امرأتان وعدة أطفال أفرج عنهم "داعش"، بالتزامن مع إطلاق النظام سراح 17 معتقلة مع ثمانية من أطفالهن وصلوا جميعاً إلى شمال غرب سورية في وقت لاحق.

من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الصفقة ككل، تتضمن تسليم 27 مليون دولار لتنظيم "داعش"، أي مليون دولار عن كل واحد من المختطفين لديه، فيما يحاول النظام التستر على الصفقة، مدعياً أنه تم تحرير مختطفين بعمليات أمنية. ويسعى النظام إلى تخفيف الاحتقان في محافظة السويداء من خلال هذه الصفقة، فضلاً عن كون قواته لم تستطع القضاء على مسلحي "داعش" في تلول الصفا، فاتخذ من قضية المختطفين مدخلاً لـ"التفاهم" مع التنظيم على الانسحاب إلى البادية للحصول على نصر إعلامي.


على جبهة أخرى، هدأت الاشتباكات بين تنظيم "داعش" و"قوات سورية الديمقراطية" في ريف دير الزور الشرقي، غداة مجزرة ارتكبها التحالف الدولي بحق مدنيين في مناطق لا تزال تحت سيطرة التنظيم. وانخفضت وتيرة الاشتباكات في ريف دير الزور بين "داعش"، و"سورية الديمقراطية" (قسد) المدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، غداة مجزرة ارتكبها طيران التحالف بحق عشرات المدنيين في بلدة السوسة. وتبدو "قوات سورية الديمقراطية" التي تشكّل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي، عاجزة حتى اللحظة عن إحداث اختراق كبير يعجّل الحسم لصالحها، في ظل المقاومة التي يبديها التنظيم للدفاع عن معاقله الأخيرة في شرقي سورية. وكانت قوات "قسد" قد بدأت في العاشر من سبتمبر/أيلول الماضي بدعم جوي من طيران التحالف، معركة واسعة النطاق لطرد "داعش" من آخر جيوبه في مدينة هجين ومحيطها. وحققت المعارك في بداياتها تقدّماً للقوات المهاجمة على بعض محاور القتال، خصوصاً في محيط قرى السوسة والباغوز والشعفة ومدينة هجين، لكن التنظيم شنّ لاحقاً هجمات معاكسة شتتت شمل هذه القوات.
وذكرت مصادر محلية أنه جرت أمس الأول الأحد مفاوضات بين "داعش" و"قسد" حول إطلاق التنظيم لأسرى وجثث عناصر "قسد" المحتجزين لديه مقابل إدخال مواد غذائية إلى مناطق سيطرته، وفتح ممر آمن لمن يرغب بالخروج من مناطق سيطرة التنظيم في ريف دير الزور الشرقي.

في غضون ذلك، يسود هدوء حذر تتخلله خروقات من قوات النظام في شمال غربي سورية، بعد أيام من إقامة المنطقة منزوعة السلاح الثقيل وفق اتفاق سوتشي الذي أبرم بين الجانبين التركي والروسي، ونزع فتيل حرب كان من المتوقع أن تفضي إلى كوارث إنسانية بحق ملايين المدنيين.
وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن قوات النظام قامت بعد منتصف ليل الأحد-الإثنين بقصف أماكن في قرية الحواش بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، وأماكن أخرى في محيط وأطراف بلدة اللطامنة بالريف الشمالي لحماة، ما يعد خرقاً جديداً ضمن مناطق الهدنة التركية-الروسية والمنطقة منزوعة السلاح. وزعم المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن المخابرات التركية "تحاول بشتى الطرق إقناع الجهاديين بالانسحاب من المنطقة منزوعة السلاح الممتدة من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية، مروراً بريفي إدلب وحماة، وصولاً إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب". لكن مصادر في المعارضة نفت لـ"العربي الجديد" مزاعم المرصد، مؤكدة أن التنظيمات المصنفة متطرفة وأبرزها "هيئة تحرير الشام"، انسحبت من المنطقة منزوعة السلاح امتثالاً لاستحقاقات الاتفاق المذكور.

وينص الاتفاق الذي أعلن عنه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في سوتشي، على إنشاء منطقة آمنة تكون ما بين 15 و20 كيلومتراً، على الحدود الفاصلة بين إدلب ومناطق النظام السوري، وتكون خالية من السلاح الثقيل، مع بقاء فصائل المعارضة فيها واحتفاظها بالسلاح الخفيف، وطرد المتطرفين من المنطقة، فضلاً عن فتح الطريقين الدوليين حلب - حماة، وحلب - اللاذقية، قبل نهاية العام الحالي. كذلك نصّ الاتفاق على أن تُنشأ المنطقة العازلة بحلول 15 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، بعد تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق وهي "انسحاب التنظيمات الإرهابية من المنطقة منزوعة السلاح"، بعد أن تمّ إخراج الأسلحة الثقيلة منها. وستتخذ روسيا تدابير لمنع قوات النظام من شنّ هجوم على إدلب.

وكان نائب وزير خارجية النظام السوري، فيصل مقداد، كرر السبت مزاعم نظامه حول قدرته على استعادة السيطرة على شمال غربي سورية، مستبعداً حدوث مواجهة مع الجيش التركي، غير أنه قال إن لصبر نظامه "حدوداً". وطالب الجانب التركي بالوفاء بتعهداته وفق اتفاق سوتشي، مشيراً إلى أن أنقرة "قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات"، زاعماً أن نظامه سيستعيد السيطرة على محافظة إدلب ومنطقة شرقي الفرات التي تقع تحت سيطرة الوحدات الكردية.