النظام السوري يحاول إعادة ترميم جيشه بتعليمات روسية

النظام السوري يحاول إعادة ترميم جيشه بتعليمات روسية

20 أكتوبر 2018
صراع روسي إيراني على جيش النظام (فرانس برس)
+ الخط -


يسعى النظام السوري جاهداً لحل إحدى أكبر المشكلات التي واجهته خلال السنوات الماضية، وهي أزمة عزوف مئات آلاف الشباب السوريين عن الخدمة العسكرية الإلزامية، ما جعله يعتمد على مليشيات، عبر إجراءات جديدة، تُحيد ملف المطلوبين للخدمة الاحتياطية مقابل التحاق الشباب المطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية بصفوف القوات النظامية خلال الأربعة أشهر المقبلة.

وقالت مصادر مطلعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها، لـ"العربي الجديد"، إنه "منذ تدخل الروس عسكرياً في الأزمة السورية في العام 2015، وهم يضغطون باتجاه إعادة بناء قوة الجيش النظامي، وترميم الفاقد العددي الكبير الذي أصابه، والذي تقدره بعض التقارير بنسبة 75 في المائة من عديده بشكل عام، وعليه شكلت ما يُعرف بـ "الفيلق الخامس اقتحام"، أو فيلق التسويات، والذي ضم أعداداً من المتخلفين والفارين من الخدمة، إضافة إلى مقاتلين دخلوا في مصالحات" مع النظام. وأضافت المصادر "الروس هم أول من تحدث بداية أكتوبر/تشرين الأول الحالي عن قرب صدور مرسوم عفو، وسرعان ما أصدر رئيس النظام بشار الأسد، في التاسع من الشهر الحالي، المرسوم التشريعي رقم 18 الذي منح عفواً عاماً عن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي المنصوص عليها في قانون العقوبات العسكرية، وأن القرار لا يشمل المتوارين عن الأنظار والفارين من وجه العدالة إلا إذا سلموا أنفسهم خلال 4 أشهر بالنسبة للفرار الداخلي و6 أشهر بالنسبة للفرار الخارجي. كما نص على منح عفو عام عن كامل العقوبة في الجرائم المنصوص عليها في قانون خدمة العلم رقم 30 لعام 2007 وتعديلاته".

وتابعت المصادر "قام النظام بتشكيل لجان عسكرية وحزبية للتسويق لهذا المرسوم، بالترغيب والترهيب". وأشارت إلى أن "اللجان بدأت تسوق أن هذا العفو هو الفرصة الأخيرة للشباب السوري، وأن ما بعد العفو ليس كما قبله، إذ ستتم ملاحقة الشباب واقتيادهم بالقوة للخدمة العسكرية. وفي الوقت ذاته، تحدثوا للناس عن تسهيلات للمطلوبين للاحتياط وبمناطق قريبة من أماكن إقامتهم. إلا أنه يبدو أن الأمر لم ينجح حتى اللحظة في استقطاب الشباب المتخلفين عن الخدمة، فنحن نتحدث عن نحو 1.5 مليون شاب تقريباً مطلوبين إما للخدمة الاحتياطية أو الإلزامية". ولفتت المصادر إلى أن "النظام قرر، الخميس الماضي، تحييد المطلوبين للخدمة الاحتياطية عن الأزمة، وهم يشكلون ما يزيد عن النصف بقليل، عبر تضمين التعليمات التنفيذية للمرسوم طي طلبات الاحتياط، وإعادة المفصولين من وظائفهم على خلفية امتناعهم عن الالتحاق بالخدمة الاحتياطية، وهذا مقابل أن يلتحق بالخدمة العسكرية المطلوبون للخدمة الإلزامية أو الفارون". ورأت المصادر أن "العقدة اليوم هي في الشباب الذين فروا من الخدمة العسكرية وزملاء لهم ما زالوا ضمن الاحتياط. فهؤلاء، يقول النظام اليوم إن عليهم أن يخدموا ذات المدة التي خدمها زملاؤهم بذات الدفعة، ما يعني أن من خدم زملاؤه خمسة أعوام احتياط، فإن على الفار من الخدمة أن يخدم الآن نفس المدة، الأمر الذي يبدو غير منطقي. فبهذا الإجراء يكون العقد الثالث أو الرابع ضاع من عمر كثير من الشباب السوري، لذلك يبقى هذا الطرح غير نهائي حتى يتبين الأمر خلال الأيام المقبلة".



من جانبه، قال مصدر معارض من دمشق، طلب عدم ذكر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "مسألة الخدمة العسكرية السورية ليست بجديدة، فطوال العقود الماضية، وقبل الأزمة، كان الشباب يذهبون مكرهين، ومنهم من كان يعتقل ليؤدي تلك الخدمة، ومنهم من كان يسجن مرات عدة بسبب فراره من الخدمة. ومن ينهي الخدمة تقام له الاحتفالات وتذبح الأضاحي. حتى أن الأمن أصبح يلاحق كل من يحتفل لأنه سرح من الخدمة العسكرية". وأضاف "هذا لأن الفساد يضرب بعمق داخل المؤسسة العسكرية، وهو العصب الحقيقي لها، وإن كان بلبوس الولاء للأسد. وطبعاً العلاقة متبادلة بين الفساد والولاء، ما يعني أن العسكري لا يحصل على كامل حقوقه، خصوصاً في الطعام الجيد والإقامة والإجازات الدورية، وهذا الفساد استشرى خلال الأزمة، وتحول الكثير من المجندين إلى عمال تعفيش وتسويق لما يتم نهبه". وتابع "المشكلة الرئيسية خلال الأزمة، هي سقوط كذبة الجيش العقائدي، وعدم قناعة الشباب السوري بمعركة النظام، وإن تغير نوعاً ما هذا التوجه مع وجود تنظيم داعش وجبهة النصرة، إلا أن شريحة واسعة من المجتمع السوري بدأت ترى أن ما يحصل خلال المعارك عبارة عن استلام وتسليم، في وقت أن من يُقتل أو يُجرح لا يجد الرعاية الصحية من قبل النظام ولا التعويض المناسب. كل هذا، جعل حتى ما يمكن أن تعتبر حاضنته الشعبية تتراجع عن اندفاعها للقتال، وسرعان ما تحول الأمر عند جزء كبير منهم إلى مصدر ارتزاق بعيداً عن أي شيء آخر".

وقال المصدر المعارض "اليوم مسألة الجيش أيضاً هي مسألة صراع روسي إيراني. فبعدما كانت إيران تدعم فكرة إنشاء المليشيات الطائفية، والتي أثبتت فشلها في سورية حيث لا تعتبر العقيدة الدينية هي العصب الأقوى في المكونات الاجتماعية، وذلك له ارتباط وثيق بمستوى الفساد الذي وصل إليه المجتمع والنظام، استطاع الروس الحد من فاعلية المليشيات الإيرانية، التي ارتبطت فاعليتها بتدخل الطيران الروسي والقوات الخاصة على الأرض". ولفت إلى أن "الإيرانيين اليوم بدأوا متأخرين بمد نفوذهم داخل بعض القطع العسكرية التابعة للقوات النظامية، وعلى رأسها الفرقة الرابعة التي يقودها اللواء ماهر الأسد شقيق رئيس النظام. كما أن هناك صراعَ نفوذٍ داخل أجهزة استخبارات النظام، فحين تُحسَب شعبة الاستخبارات العسكرية على أنها مقربة من الروس، يعتبر الأمن الوطني وشعبة الاستخبارات العامة مقرَّبَين من الإيرانيين".

المساهمون