نهاية وظيفة تنظيمات راديكالية

نهاية وظيفة تنظيمات راديكالية

13 أكتوبر 2018
أعلن الحاضن الشعبي ثورته على النظام والتنظيمات الراديكالية (Getty)
+ الخط -

لنعترف بأنه بعد السنة الثانية من الثورة السورية وحتى سنتها السادسة، انحاز قسم من الحاضن الشعبي للثورة السورية إلى بعض التنظيمات الراديكالية، لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بركوب تلك التنظيمات موجة الثورة، والإيحاء لحاضنها الشعبي بأنها وإياه في خندق واحد في محاربة النظام، ومنها ما يتعلق بامتلاك تلك التنظيمات للمال والسلاح، اللذين مكناها من قراءة احتياجات الناس الخدمية من خبز وكساء وإدارة أزماتها المعيشية، وفي الوقت نفسه تحقيق انتصارات ميدانية على النظام الذي كانت قواته تفتك بالمدنيين بأبشع أنواع المجازر.

وهناك قسم من الحاضن الشعبي للثورة انحاز إلى تلك التنظيمات في المناطق التي سيطرت عليها، بناء على مبدأ التماهي مع الأقوى، الأمر الذي ساهم في تشويه صورة الثورة السورية وتراجع الدعم الدولي لها، وفي الوقت نفسه مكّن النظام من الاستمرار وتسويق نفسه دولياً كمحارب للإرهاب، مع تركيزه على قمع كل ما يمت إلى أهداف الثورة بصلة.

لكن بعد التدخل الروسي، وحسم معظم المعارك لصالح النظام، وتراجع الدور العسكري لتلك التنظيمات، وكذلك الدور الوظيفي المرسوم لها في وأد الثورة، والحفاظ على استمرار النظام، بدأت تلك التنظيمات تلعب دوراً عكسياً، فبدأت باستثمار الموارد والخدمات التي تقدم للمواطنين من أجل تأمين تمويل ذاتي لها، سواء من خلال استثمار الماء والكهرباء وبيعهما للمواطنين، أو من خلال استثمار المعابر، حتى مع النظام، وتحقيق أرباح من خلال التجارة البينية معه، والذي ترافق مع تضييق على المواطنين أشد سوءاً من النظام. عندها بدأ الحاضن الشعبي للثورة باكتشاف الخديعة التي أوقعته فيها تلك التنظيمات، فبدا، خلال السنة الأخيرة، وكأنه استفاق من كابوس ليعلن ثورته مجدداً على النظام وعلى تلك التنظيمات التي لم يعد لها أي هدف سوى السيطرة، ولو على حساب مزيد من المجازر بحق المدنيين، فانتفضت مناطق المعارضة عن بكرة أبيها لتعيد الثورة السورية إلى أيامها الأولى، ولكن هذه المرة ضد النظام وضد كل التنظيمات الراديكالية التي ساعدت في استمراره.

إن تحرك الشارع الثوري واستفاقته لم تكن لتحصل لولا إرادة خارجية لم تكن ترغب في نجاح الثورة، ويبدو أنها قررت إلغاء الدور الوظيفي لتلك التنظيمات كأدوات، فساهمت بكشفها على حقيقتها أمام الجزء الذي انحاز لها من السوريين، وشجعت الجزء الآخر على كسر حاجز الخوف وإعلان الثورة عليها وعلى النظام وعلى كل أشكال الاستبداد.

المساهمون