"داعش" يستشرس في الدفاع عن معاقله شرقي سورية وجنوبها

"داعش" يستشرس في الدفاع عن معاقله شرقي سورية وجنوبها

14 أكتوبر 2018
انطلقت عمليات "قسد" في سبتمبر الماضي (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

دخلت المعركة التي تخوضها "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، بدعم من طيران التحالف الدولي، ضد آخر معاقل تنظيم "داعش" شرقي الفرات، أسبوعها الخامس، من دون تقدم كبير من شأنه تعجيل الحسم، في وقت لا تزال قوات النظام ومليشيات تساندها تجد صعوبات في القضاء على فلول تابعة للتنظيم تتحصن منذ أشهر في منطقة صخرية وعرة في ريف السويداء الشرقي جنوبي البلاد.

وقالت مصادر محلية في محافظة دير الزور، لـ"العربي الجديد"، أمس السبت، إن عمليات قصف واشتباكات تشهدها جبهات بلدة هجين وقرية الشعفة القريبة منها، إذ تعتبر هذه المناطق معقلاً لآخر ما تبقى من عناصر "داعش" شرقي نهر الفرات، الذين يقدر عددهم بالمئات. واتخذ "داعش"، منذ تقهقره في محافظتي دير الزور والرقة، من مدينة هجين وبلدات وقرى محيطة بها في ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات معقلاً أساسياً له، إذ يعتقد بأن مدينة هجين تحوي مقرات قيادة التنظيم، فضلاً عن سجون تضم مئات المعتقلين. وهاجم مسلحو "داعش"، يوم الجمعة الماضي، مخيماً قريباً من آخر الجيوب التي يسيطر عليها في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، يُدعى مخيم "البحرة"، وسيطر عليه لساعات، قبل أن ينسحب منه، بعد اختطافه عائلات كانت تقيم فيه. وذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن عدد العائلات المُختطفة يبلغ "نحو 130 عائلة، غالبيتهم من النساء، بينهم نساء عناصر انشقوا عن التنظيم، بالإضافة إلى نساء مهاجرات هم زوجات لعناصر من التنظيم ممن قتلوا في وقت سابق وغالبيتهم من جنسيات غير سورية، حيث اقتادهم التنظيم إلى مناطق سيطرته ضمن الجيب الأخير له شرق نهر الفرات". وبعد هجوم "داعش" على المخيم، شنت "قوات سورية الديمقراطية"، التي تشكل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي، هجوماً معاكساً، تحت غطاء من طيران التحالف الدولي، وسيطرت عليه مُجدداً، بعد انسحاب التنظيم، مصطحباً معه العائلات المُختطفة.

وانطلقت المعركة، التي قالت قوات "قسد" إنها تهدف من خلالها لطرد "داعش" من آخر جيوبه في هجين ومحيطها، في العاشر من سبتمبر/ أيلول الماضي، بدعم جوي من طيران التحالف الدولي، الذي تقوده أميركا. وحققت المعارك في بداياتها تقدماً للقوات المهاجمة على بعض محاور القتال، خصوصاً في محيط قرى السوسة وباغوز والشعفة ومدينة هجين، لكن التنظيم شنّ لاحقاً هجمات معاكسة وأبدى شراسة في الدفاع عن آخر معاقله في ريف دير الزور شمال نهر الفرات. وقصفت طائرات التحالف الدولي، أول من أمس، بلدة الشعفة، ما أدى لمقتل أحد عناصر التنظيم، ويدعى محمد حسين علاوي، الذي يشتهر في سورية بكونه أول من أسقط طائرة "ميغ" للنظام السوري، في أغسطس/ آب 2012، عندما كان مقاتلاً ضمن فصائل الجيش السوري الحر في دير الزور، قبل أن يصبح عنصراً بتنظيم "داعش" في 2014. من جانبه، أعلن "داعش" عن حصيلة عملياته ضد قوات النظام و"قسد"، خلال الأسبوع الماضي. وذكرت وسائل إعلام مقربة منه، يوم الجمعة الماضي، أن 114 عنصراً، غالبيتهم من "قوات سورية الديمقراطية"، قتلوا شرق سورية، خلال الأسبوع الماضي، مشيرة إلى مقتل وإصابة 14 عنصراً من قوات النظام، خلال المعارك في بادية السويداء. كذلك تحدّثت عن تدمير وإحراق التنظيم عدد من الآليات في البادية السورية حتى الحدود العراقية، عبر هجمات بآليات مفخخة وعبوات ناسفة، إلى جانب أسر عدد من العناصر.

بموازاة ذلك، لا تزال قوات النظام ومليشيات تساندها عاجزة عن القضاء على فلول تابعة للتنظيم تتحصن في منطقة صخرية وعرة في ريف السويداء على أطراف البادية السورية، رغم مرور أشهر على عملية عسكرية بدأتها هذه القوات. وذكرت وكالة "سانا"، التابعة للنظام، أن قوات الأخير تابعت تعزيز انتشارها في عمق الجروف الصخرية على تخوم تلول الصفا في عمق بادية السويداء الشرقية، وأوقعت قتلى ومصابين بين عناصر "داعش" المتحصنين فيها. وأشارت إلى أن هذه القوات "واصلت عملياتها على محاور تحرك وتمركز مسلحي التنظيم في الجروف الصخرية ذات التضاريس البازلتية شديدة الوعورة والمليئة بالتشققات والمغاور والكهوف، التي يتخذونها كمخابئ وتحصينات طبيعية للتواري والقنص، عبر رمايات مدفعية وجوية مركزة أسفرت عن تدمير نقاط تحصين وأوكار وأسلحة وذخائر لهم مع القضاء على أعداد منهم". وقالت الوكالة إن هذه القوات "واصلت تشديد الطوق على مسلحي تنظيم داعش، واشتبكت مع أعداد منهم حاولوا التسلل باتجاه إحدى نقاطها في عمق الجروف، في محاولة يائسة لكسر الطوق عنهم، وأوقعت بينهم قتلى ومصابين". ولا يزال تنظيم "داعش" يفرض سيطرته على مساحات في البادية السورية، التي تتصل بصحراء الأنبار غربي العراق. وتقلص وجود تنظيم "داعش" في الجغرافيا إلى حيّز ضيق بعد أن سيطر خلال 2014 و2015 على نصف مساحة البلاد، وهدد مدناً كبرى، منها مدينة حمص وسط سورية. لكن لم تبق للتنظيم اليوم إلا جيوب سيطرة في البادية مترامية الأطراف وفي ريف دير الزور الشرقي جنوب نهر الفرات، حيث مناطق سيطرة قوات النظام، وفي شمال نهر الفرات حيث تتمركز "قوات سورية الديمقراطية"، التي تضم فصائل عدة، وتتلقى دعماً واسعاً من التحالف الدولي الذي يتخذ مما بات يعرف بشرقي الفرات منطقة نفوذ مباشر له.