اختفاء خاشقجي يزيد غضب الكونغرس: هل يتوقف السلاح للسعودية؟

اختفاء خاشقجي يزيد غضب الكونغرس: هل يتوقف السلاح للسعودية؟

واشنطن

العربي الجديد

العربي الجديد
12 أكتوبر 2018
+ الخط -
تقع السعودية في خانة "الحليف السيئ" للولايات المتحدة، أو "الشرّ الذي لا بد منه". لم تكن هذه المقولة، في أي يوم، أصدق مما هي عليه في هذه الأيام، بعدما وجّه محمد بن سلمان، عن قصدٍ أو غير قصد، بعد أيام قليلة من تصريح ابتزازي جديد للرئيس الأميركي دونالد ترامب للمملكة، حول حمايتها، وضرورة أن تدفع في المقابل ما يترتب عليها، صفعةً جديدة لجهود تعويم هذه العلاقة، وتلميعها من قبل الفريق المحيط بترامب شخصياً، وعلى رأسهم صهره جاريد كوشنير، ووزراؤه المقربون.

لكن حرج إدارة ترامب، ومحاولتها اليوم إيجاد مخرجٍ في القضية التي تحتل عناوين الصحف العالمية، وباتت الشغل الشاغل للإعلام الأميركي، وهي قضية اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، يقابله هذه المرة، غضبٌ متصاعد في الكونغرس الأميركي، بعدما باتت فرضية تصفية خاشقجي على يد "فريق اغتيال" أرسله بن سلمان إلى القنصلية، شبه مؤكّدة، وهو أمرٌ بنظر الكونغرس يشكل تخطياً غير مسبوق لمساحة "المسموح به" للمملكة، في مجال انتهاك حقوق الإنسان.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، أمام صحافيين في البيت الأبيض، ما يمكن وصفه بأكثر كلامه صدقاً ووضوحاً، في القضية. وشدّد على أن الجريمة "حصلت في تركيا، وخاشقجي ليس بأميركي"، ثم التفت إلى أحد الصحافيين ليتأكد منه قائلا "أليس هذا صحيحا أو.. نعم لديه إقامة"، قبل أن يضيف "لن نتخلى عن 110 مليارات دولار من السعودية، تنفق في الولايات المتحدة".

في المقابل، تواصل السلطات التركية تسريب المزيد من المعلومات للصحافة الأميركية خصوصاً، حول عملية تصفية خاشقجي داخل قنصلية بلاده. وفي آخر التصريحات، حول التسجيل الصوتي الذي تؤكد أنها تمتلكه، يقول مصدر تركي: "بإمكانك سماع صوته، وأصوات الرجال (فريق الاغتيال) يتكلمون باللغة العربية. بإمكانك أن تسمع كيف تمّ استجوابه، تعذيبه، ومن ثم قتله"، بحسب ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست".

أمام هذا الواقع، تعلو الصرخة داخل الكونغرس، لتجميد بيع السلاح للسعودية، وهو تجميد يحمل أكثر من رسالة، أولاً للرأي العام الضاغط باتجاه اتخاذ موقف أميركي صارم تجاه ممارسات المملكة، ورسالة إلى السعودية بوقف عملية ابتزازها للولايات المتحدة عن طريق عروضها المغرية بصفقات الأسلحة، وثالثاً إلى إدارة ترامب، التي وضعت نصب عينيها منذ بداية العهد الأميركي الجديد، تحسين فرص العمل للأميركيين، عن طريق ضخ المال في قطاع صناعة الأسلحة.

وفي الواقع، لم تنقطع الضغوط يوماً داخل الكونغرس لوقف بيع السلاح إلى السعودية، منذ الحرب على اليمن، التي أطلقها التحالف السعودي الإماراتي في العام 2015، بدعم أميركي كبير، والتي أدت إلى تأجيج حملة عالمية ضد السعودية، على خلفية أعداد القتلى المدنيين الذين سقطوا بضرباتها في هذا البلد، والوضع الإنساني المريع الذي خلفته هذه الحرب في بلد فقير مثل اليمن. لكن، لم يتمكن الكونغرس يوماً، من إقرار أي قانون يتعلق بوقف بيع السلاح إلى السعودية، رغم توصلهم إلى تجميد اتفاقيات، يحاول ترامب تحريكها، والكثير منها يعود إلى عهد باراك أوباما، الذي شهد ارتفاعاً غير مسبوق في توريد السلاح الأميركي إلى منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما السعودية، بعد أحداث الربيع العربي.

وكان مشرعون ديمقراطيون، قد "جمدوا" ما لا يقل عن أربعة اتفاقات لبيع عتاد عسكري للمملكة، لأسباب عدة، على رأسها الهجمات السعودية التي أودت بحياة مدنيين يمنيين.

واليوم، أعرب الرئيس الأميركي عن قلقه من وقف مبيعات الأسلحة على خلفية قضية خاشقجي، وقال إن المملكة، ستحول ببساطة أموالها إلى روسيا والصين. لكن المشرعين الأميركيين، وعلى رأسهم الديمقراطيون وبعض من حزب ترامب الجمهوري، يرون أن التقارير الواردة عن مقتل خاشقجي داخل القنصلية زادت المخاوف المتعلقة بالحكومة السعودية.

وقال السناتور بوب كوركر، الرئيس الجمهوري للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ، إن "هذا شيء يغضب الناس مثلما ينبغي له أن يفعل".

وتسمح عملية مراجعة غير رسمية للزعماء الجمهوريين والديمقراطيين للجنتي العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ والشؤون الخارجية في مجلس النواب بوقف صفقات الأسلحة الكبرى لدول أجنبية إذا كانت لديهم مخاوف، مثل ما إذا كانت الأسلحة ستستخدم في قتل مدنيين.

وفي هذا الإطار، قال كوركر إنه أبلغ متعاقداً دفاعياً في الآونة الأخيرة بألا يضغط للحصول على صفقة مع السعوديين، وذلك حتى قبل قضية خاشقجي. وأضاف "قلت له قبل أن يحدث هذا.. رجاء لا تضغط للحصول على أي (عقود) مبيعات أسلحة حاليا لأننا لن نقرها. لن يحدث ذلك. وفي ظل هذا (قضية خاشقجي) يمكنني التأكيد أنه لن يحدث لفترة من الزمن".

بدوره، قال السناتور روبرت مينيديز، أكبر عضو ديمقراطي بلجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، إن إدارة ترامب لم تتصد للمخاوف التي أثارها للمرة الأولى في يونيو/ حزيران الماضي، بشأن بيع ذخائر دقيقة التوجيه من إنتاج شركة "رايثيون" لأعضاء في "التحالف" السعودي -الإماراتي.

ولم تتوفر بعد تفاصيل كل صفقات السلاح السعودية المتوقفة، لكن إحداها تتعلق ببيع ذخائر عالية التقنية للسعودية والإمارات، بما قيمته مئات الملايين من الدولارات.

مشاريع الكونغرس بخصوص صفقات السعودية في عهد ترامب

في 19 مايو/أيار 2017، تمّ إعلام الكونغرس بصفقة محتملة لبيع ذخائر دقيقة التوجيه تبلغ قيمتها 510 ملايين دولار إلى السعودية، وذلك في إطار وقف العمل بتعليق هذه الصفقة من قبل إدارة أوباما في ديسمبر/كانون الأول 2016، نظراً للقلق الأميركي جرّاء مقتل المدنيين في اليمن.

وفي 25 مايو من العام ذاته، قدم أعضاء مجلس الشيوخ راند بول وكريس مورفي وآل فرانكن، مشروع قرار لوقف الصفقة، دعمه السيناتور ميركلي في السابع من حزيران/يونيو. وقدم ستة نواب مشروع القرار ذاته في مجلس النواب. كثر من هؤلاء النواب والسيناتوريين كان لهم دور سابق في العام 2016 لوقف صفقة بيع دبابات إلى السعودية، تبلغ فيمتها 1.15 مليار دولار (لم يتمكنوا من وقفها – صوّت 71 مع الصفقة مقابل 26).

وفي يونيو /حزيران 2017، حصل تصويت في مجلس الشيوخ، وتمّ اعتراضه بنسبة 53 – 47، وهي نسبة مثيرة للاهتمام لجهة الفارق الضئيل الذي ذهب لصالح الصفقة.

وفي جهود موازية، قدم أعضاء مجلس الشيوخ، كريس مورفي وراند بول وديك دوربين وآل فرانكين، مشروع قرار لوقف بيع السعودية بعض الذخائر والسلاح جو – أرض، وذلك إلى أن يؤكد الرئيس الأميركي أن السعوديين يظهرون التزاماً بمحاربة الإرهاب، وفي تسهيل المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في اليمن. ووقع مشرعون آخرون لاحقاً على هذا المشروع. وتمّ تقديم مشروع آخر موازٍ في مجلس النواب في 25 مايو 2017.

وفي آذار/مارس 2018، صوت 44 سيناتوراً لصالح مشروع قرار، لو مرّ، كان بإمكانه أن يوقف الدعم الأميركي لحرب اليمن.

110 مليارات دولار صفقات أسلحة

يحمل دونالد ترامب دائماً على لسانه الرقم 110 مليارات دولار، ليتحدث عن الأموال الذي سيجنيها قطاع الإنتاج الحربي في الولايات المتحدة من وراء السعودية، وهي "الصفقة الكبرى" التي كانت باكورة لقائه الأول بالملك سلمان وابنه في السعودية في بداية صيف العام الماضي.

حتى اليوم، يصعب تحديد، على وجه الدقة، القسم من "الصفقة الكبرى" الذي يعود إلى حقبة أوباما، والقسم الجديد منها، والتواريخ الدقيقة لإبلاغ الكونغرس عنها. لكن التقارير الإعلامية تشير إلى أن 24 مليار دولار ربما تعود إلى عهد أوباما، على أن تكون صفقة "برنامج الدفاع الجوي ثاد" هي الأهم في الاتفاقات الجديدة.

يذكر أنه بين العامين 2009 و2017، وقعت الشركات الأربع الكبرى للإنتاج الحربي في الولايات المتحدة، على صفقات مع السعودية، على الشكل التالي: بوينغ – 14 صفقة، رايثون – 24 صفقة، لوكهيد مارتن – 17 صفقة، وجنرال ديناميكس – 25 صفقة (وهي الصفقات التي تمّ إبلاغ الكونغرس عنها)، وذلك وفقاً لمعهد إستوكهولم للسلام.

يقول الخبراء في شؤون الكونغرس الأميركي إن هناك "ترند trend" متصاعدا من الغضب هناك ضد "التحالف" الأميركي – السعودي. ولكن كيف ستؤدي حادثة خاشقجي إلى تقويته، وإلى أين قد يصل مداه؟ الأيام المقبلة كفيلة بكشف ذلك. ولكن مما لا شك فيه أن صورة السعودية في الكونغرس باتت مشوّهة أكثر.

ذات صلة

الصورة
مقاتلون حوثيون قرب صنعاء، يناير الماضي (محمد حمود/Getty)

سياسة

بعد 9 سنوات من تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن، لم يتحقّق شيء من الأهداف التي وضعها هذا التحالف لتدخلّه، بل ذهب اليمن إلى حالة انهيار وانقسام.
الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.
الصورة
تظاهرة ووقفة بالشموع أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن

سياسة

شهدت العاصمة الأميركية واشنطن وقفة بالشموع وتجمّعاً للمئات من الناشطين أمام السفارة الإسرائيلية تأبيناً للجندي آرون بوشنل و30 ألف شهيد فلسطيني في غزة.
الصورة

سياسة

نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال الأميركية" عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إدارة الرئيس جو بايدن تستعد لإرسال قنابل وأسلحة أخرى "نوعية" إلى إسرائيل.