"لوفيغارو": كيف تفرض السعودية الصمت على الغرب؟

"لوفيغارو": كيف تفرض السعودية الصمت على الغرب؟

11 أكتوبر 2018
رد فعل مقتضب صدر عن فرنسا بعد اختفاء خاشقجي(Getty)
+ الخط -
كشفت قضية اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بتركيا، وردود الفعل الغربية، عن موقف الغرب المداهن للسعودية، باسم "الواقعية السياسية"، التي تعني رفع المصالح الاقتصادية  والتجارية فوق أي اعتبار، أما حقوق الإنسان، فعليها أن تنتظر، إلا في حالة الدول الضعيفة والفقيرة.

والحال في فرنسا لم يختلف عن باقي دول الغرب. وهذا ما يؤكده الصحافي الفرنسي جورج مالبرونو من صحيفة "لوفيغارو"، في مقال تحت عنوان: "كيف تفرض السعودية الصمت على الغرب".


وفي هذا الإطار، يكتب مالبرونو، بأنه لم يصدُر عن فرنسا إلا رد فعل مقتضب بعد اختفاء خاشقجي. وينقل عن دبلوماسي فرنسي قوله: "إننا لا نستطيع قول أي شيء، ولكن السعودية لن تتصرف معنا كما تصرفت مع كندا"، وهو يحاول أن يشرح له كيف أن فرنسا، وخلافًا لكندا، تلتزم الصمت إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. وهو حَذَرٌ يتأكد في قضية خاشقجي.

وفي ردة فعل مقتضبة، صادرة عن وزارة الخارجية، بعد مرور ستة أيام على اختفاء الصحافي السعودي، أعلنت فرنسا عن "انشغالها"، وأنها "تأمل أن تتضح الوضعية بأسرع وقت ممكن".
وخلافًا لموقف الخارجية الأميركية، لم تطالب الخارجية الفرنسية بأي "تحقيق معمق ومستقل".

ويضيف الصحافي الفرنسي بأن الصمت الفرنسي بعد طرد السعودية للسفير الكندي كان "مدوّيًا"، إذ لم تصدر أي كلمة تضامن مع كندا، التي كان سفيرها في الرياض قد عبّر عن "قلقه الكبير" تجاه موجة الاعتقالات التي طاولت مناضلي حقوق الإنسان. 

ويستذكر في هذا السياق حادثة وقعت، قبل أسابيع، بين باريس والرياض، وتتعلق بانتظار السفير الفرنسي في اليمن، والمتواجد في الرياض، عدة أيام في جيبوتي، طائرة تُقلّه إلى صنعاء، التي ترفض السعودية السماح له بالتوجه إليها، إذ لم تكن السعودية تريد أن يتوجه المبعوث الفرنسي إلى اليمن لدى جماعة "أنصار الله" (الحوثيين).

ويتذكر أحد المراقبين أن "هذه القضية زعزعت العلاقات بين الطرفين". ولكن رغم هذا الحادث، لم تشدد فرنسا من لهجتها. بصفة عمومية، على الأقل.

ويرى الصحافي الفرنسي أن فرنسا، بقرارها، سنة 2015، نقل سفيرها في اليمن إلى الرياض، وضعت القَيد في يديها، في صراع اتخذت فيه موقفَ الحليف للسعودية والإمارات ضد الحوثيين. وهو خيارٌ لم تُقدم عليه ألمانيا، مثلًا، التي تتابع ما يجري في اليمن من الأردن.

وقد اضطر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من أجل تنظيم مؤتمره الإنساني حول اليمن، في نهاية يونيو/حزيران الماضي، إلى التماهي مع ولي العهد السعودي، الذي أصرّ على عدم توجيه الدعوة إلى المليشيات الحوثية. وهو ما تسبّب، إضافة إلى الهجوم الإماراتي على ميناء الحديدة، في وأد المؤتمر في المهد.

ولكن الصحافي الفرنسي سرعان ما يسرد الأسباب الحقيقية التي تقود الموقف الفرنسي في الصراع اليمني، إذ إن فرنسا "محتاجةٌ" إلى الرياض من أجل بيع الذخائر وصُوَر الأقمار الاصطناعية، التي تُظهر للطائرات السعودية المواقع الحوثية المرشّحة للقصف.

ويسأل الصحافي الفرنسي أحد المصنّعين الفرنسيين، والذي تربطه علاقات بالرياض، عن ذلك، فيجيب: "لقد كان العامل السياسي، دائمًا، عنصرًا مهمًا في توقيع السعودية على صفقات مع شركائها الغربيين. ولكن تحت حكم محمد بن سلمان، أصبح هذا العنصر، تقريبًا، هو المُحدِّد".

إذن فالسؤال الذي يطرح نفسه، كما يطرحه الكاتب، هو: "كيف يمكن انتقاد هذه الملكيّات من دون تقويض الصفقات معها؟" وهو ما يجيب عليه المصنّع الفرنسي، المعتاد على الأسواق السعودية، بالقول: "من خلال تمرير الانتقادات أثناء اللقاءات الثنائية والانفرادية بين زعماء الدول، وليس على الفضاء العمومي".

ذلك هو ذاته موقف الرئيس ماكرون الحَذِر، رغم ما كان يؤكده أثناء حملته الانتخابية بأنه سيتعامل مع السعودية "من دون مُجامَلة". وقد فسّر موقفَه، مؤخرًا، أمام منظمات غير حكومية، قائلًا "لم أكن، أبداً، من جوقة معتنقي محمد بن سلمان، ولن أتملَّقَه، كما أني لن أضيّق عليه".

ويتذكر الصحافي الفرنسي بدايات ماكرون المتشددة مع بن سلمان: "أثناء أول لقاء لماكرون في ديسمبر/كانون الأول مع بن سلمان، وقف في وجه الأمير السعودي، الذي أعلن بأن الشركات الفرنسية التي ستتعاقد مع إيران، لن يُرحَّب بها في السعودية، قائلًا: لا يُتحدَّث بهذه الطريقة مع رئيس الجمهورية".