المصالحة الفلسطينية إلى مزيد من التعثر... وتدخل مصر مؤجَّل

المصالحة الفلسطينية "متعثرة" ومصر "تتريث" في التدخل

10 يناير 2018
انتقد عزام الأحمد تصريحات موسى أبو مرزوق حول المصالحة(الأناضول)
+ الخط -
لا تزال المصالحة الوطنية الفلسطينية في مرحلة التعثّر الذي دخلته بعد شهرين من توقيع حركتي "فتح" و"حماس"، في القاهرة، ورقة مبادئ لتطبيق ما تم التوافق عليه في الاتفاقيات الموقعة في سنوات الانقسام، رغم تنفيذ بعض متطلباتها، من دون إكمال الباقي.

وتوقّف تطبيق الجانبين لبنود الاتفاقية التي وقّعت في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتضاربت الروايات بينهما، لكن الراجح أنّ المصالحة دخلت مرحلة الموت السريري، و ما قبل الإعلان الرسمي عن انهيارها بشكل تام، إنّ لم يتدخّل الراعي المصري الذي اعتبر سابقاً نفسه أكثر من مجرد راعٍ، وتحدّث عن ضمانه للطرفين، ولتنفيذ الاتفاقية وتطبيقها على أرض الواقع.

ولا تزال مصر، من جانبها، وفق مصادر "العربي الجديد"، "تتريّث" في عودة وفدها الأمني إلى قطاع غزة الذي سحبته معترضةً على "تباطؤ" حكومة الوفاق الوطني في تنفيذ التزاماتها، واعتراضها على مواقف لـ"حماس" خلال تطبيق الاتفاقية، وهي اليوم تتذرّع بعدم جدية الطرفين وتهربهما.

وترى "حماس"، التي تُصرّ على أنها لن تعود للانقسام وأنها أتمّت ما عليها، أنّ السلطة وحكومة الوفاق الوطني تتهرّبان من تطبيق التزاماتهما، وخصوصاً في تسكين الموظفين (دمج القدامى بالجدد) الذين عينتهم خلال سنوات الانقسام العشر، إضافة إلى تهرّب الرئيس محمود عباس من عقد الإطار القيادي المؤقّت المنوط به إصلاح منظمة التحرير.

أما حركة "فتح" وحكومة الوفاق، فتتحدثان عن عراقيل كثيرة، من بينها الإضرابات التي يقوم بها موظفو حكومة غزة السابقة، إلى جانب منع "نقابة الموظفين في القطاع" لموظفي السلطة الفلسطينية من العودة لأماكن عملهم، وفق الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين.

ورغم ذلك، عقدت اللجنة الإدارية الخاصة بحلّ مشكلة موظفي غزة برئاسة نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، ثلاث جلسات في القطاع بمشاركة مسؤول ديوان الموظفين في حكومة غزة، وتسلّمت الكشف النهائي للموظفين المعيّنين في غزة.

وأعلنت اللجنة ومن قبلها حكومة الوفاق الوطني، أنها في وقت قريب ستعلن عن عدد من سيتم استيعابهم في الوظيفة الرسمية. لكن يبدو أنّ هذا الإعلان أثار مخاوف "حماس" والموظفين والنقابة التي تدافع عنهم، من قبول السلطة أعداداً أقل من المدنيين المعيّنين في وزارات الحكومة في غزة، وإحالة الآخرين للمجهول، رغم أنها تعهّدت بأن لا تترك أي موظف "في الشارع".

ورغم أنّ التعثّر لم يكن واضحاً في وسائل إعلام الطرفين في الأسابيع الأخيرة، إلا أنّه عاد هذه الأيام وبقوة، مُدخلاً المصالحة في طريق مسدود، عبر التراشق الإعلامي بين الطرفين، مع مسارعة كل منهما لتحميل الطرف الآخر مسؤولية ما يجري من جمود وتعثّر في المصالحة.

وشكّك عضو المكتب السياسي لـ"حماس" موسى أبو مرزوق، في إمكانية الوصول لمصالحة مع حركة "فتح" في العام الجديد، وذلك لتنصّل الأخيرة ورئيسها محمود عباس من تنفيذ المصالحة ومسارها السياسي الماضية به، بحسب قوله. وقدّم أبو مرزوق ملاحظات في الوقت ذاته على اتفاق المصالحة الأخير الموقع في القاهرة، كما أنه لمح لتراجع الراعي المصري عن تنفيذ ما تعهد به.

أما القيادي في حركة "فتح" ورئيس ملف المصالحة فيها، عزام الأحمد، فحمّل "حماس" مسؤولية ما يجري، معتبراً أن تصريحات أبو مرزوق "دليل على أنه لا توجد لدى الحركة إرادة حقيقية لتنفيذ اتفاق المصالحة" الموقع في 12 أكتوبر/تشرين الأول.

ورغم أنّ الظروف الحالية التي تعيشها الساحة السياسية الفلسطينية مدعاة لتشكيل دافع للتقارب والمصالحة وإنجاز ا
إنهاء الانقسام وترتيب البيت الداخلي، إلاّ أنّ ما يحدث يبدو عكس ذلك تماماً، إذ سرّع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال والتحركات الإقليمية الواضحة ضد السلطة الفلسطينية، من "تعثر" المصالحة، وربما وصولها لمرحلة الانهيار.

وعلى الأرض، أعلنت نقابة موظفي غزة إضرابا شاملا في ثلاث وزارات يوم الخميس المقبل احتجاجًا على "تنكّر الحكومة لصرف رواتب الموظفين". وقالت النقابة في بيان صحافي، إن الإضراب يشمل وزارات الأشغال العامة والإسكان والعمل والمرأة، وهي وزارات يرأسها في حكومة الوفاق وزراء من قطاع غزة.

لكن مثل هذا الاحتجاج، لا تعيره حكومة الوفاق الوطني اهتماماً، إذ إنه لا يؤثّر عليها بشكل مباشر، كما أنها تقول إنّ ملف موظفي غزة جرى تأجيله إلى فبراير/شباط المقبل بناءً على تفاهمات "حماس" و"فتح"، كما أنّها تؤكد أنّ الجباية الداخلية لا تحصل عليها إلى الآن، وهو ما يمنعها من تقديم دفعات مالية للموظفين في غزة.