توافقات عراقية على تأجيل الانتخابات لا ترضي التحالف الحاكم

توافقات عراقية على تأجيل الانتخابات لا ترضي التحالف الحاكم

09 يناير 2018
الدستور لا يحوي فقرة تجيز تأجيل الانتخابات(صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -
نحو أربعة أشهر فقط تفصل العراق عن الموعد المحدد لإجراء الانتخابات التشريعية، والتي من المقرر أن تفرز برلماناً وحكومة جديدين، يضاف إليها في اليوم ذاته، إجراء انتخابات الحكومات المحلية للمحافظات، إلا أن الخلافات حول موعد إجرائها ما زالت قائمة، بين رغبة بتأجيلها من قبل أطراف سياسية وإصرار على إجرائها في ظل تعثر واضح لسن قانون الانتخابات الخاص بها، أو حتى تخصيص المبلغ الذي طالبت به مفوضية الانتخابات المستقلة في البلاد، البالغ نحو 250 مليون دولار. وأبلغ قيادي بارز في التحالف الوطني الحاكم في العراق، "العربي الجديد"، أمس الإثنين، عن اتخاذ الأخير قراراً نهائياً بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد مطلع مايو/أيار المقبل، وهو القرار ذاته الذي يتبناه رئيس الوزراء حيدر العبادي. ووفقاً للمصدر ذاته فإن "الدستور العراقي لا يحوي أي فقرة تجيز تأجيل الانتخابات التشريعية إلا في حالة الحرب أو تعذر مشاركة 3 محافظات في الانتخابات"، لافتاً إلى أن "الحكومة ستخصص مبالغ مالية للمفوضية من موازنة الطوارئ بهدف إجراء التحضيرات اللازمة". وأكد أن التحالف الوطني اتفق على أنه في حال استمرت مماطلة الكتل السنية العربية والكردية بالتصويت على قانون الانتخابات الجديد، سيصار إلى اعتماد القانون القديم الذي تم من خلاله إجراء انتخابات 2014.

وينقسم المشهد السياسي العراقي إلى فريقين، بين مُصر على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في 12 مايو/أيار المقبل، محذراً من أن تأجيلها سيدخل البلاد في فراغ دستوري كبير من شأنه أن يؤثر على البلاد، أمنياً وسياسياً، ويعطل فرص الخروج من حالة هشة يمر بها بعد تنظيم "داعش"، وآخر يريد تأجيلها. وحول ذلك يقول القيادي في التحالف الحاكم، عبد الهادي السعداوي، لـ"العربي الجديد"، إن "الانتخابات لا يمكن تأجيلها والقرار بإجرائها اتخذ من قبل التحالف الوطني". وأضاف إن "بعض القوى السياسية السنية تريد التأجيل، كون شعبيتها تراجعت في المدن الرئيسية لها، وتخشى أنها لن تتمكن من الفوز أو تسويق نفسها مجدداً بسبب نقمة الناس هناك، والقوى الكردية لديها مشاكل داخلية كبيرة في إقليم كردستان، وكذلك مع بغداد. لهذا يريد الطرفان التأجيل، لكن التحالف الوطني، وهو كمسؤول عن الدولة العراقية، يتحمل مسؤولية كبرى في هذا الملف تحديداً، كونه يرى خطورة حقيقية في تأجيلها على مستوى أمني وسياسي، ولذلك كان القرار الذهاب إلى إجرائها بلا تأجيل".

ويوضح النائب عن "تحالف القوى العراقية" السني، أحمد السليماني، أن "مبررات التأجيل واضحة وقانونية ومنطقية، ولا يوجد دافع شخصي أو حزبي وراء ذلك". ويضيف، لـ"العربي الجديد"، "نريد تأجيل الانتخابات، لأن هناك نحو مليوني ونصف مليون نازح بين الخيام أو الهياكل الفارغة، فكيف نصادر حق هؤلاء؟ ونريد التأجيل لأن المدن مدمرة، ولا خدمات ولا بنى تحتية ولا يمكن للناخب المشاركة. ونريد التأجيل ريثما تنتهي تأثيرات الجماعات المسلحة على المدن ويمتلك الناخب حريته في صوته الذي سيدلي به. الموضوع ليس شخصياً، بل هذا واقع. وتأجيل لبضعة أشهر، ريثما تنهي الحكومة هذه المشاكل وتنتفي الأسباب للتأجيل، لا يمكن أن يكون صعباً، بل هو تمتين وشفافية للعملية الانتخابية". ويتابع "لا يوجد تكافؤ فرص، ولا الظروف مهيأة للانتخابات. هناك محافظات مدمرة وأهلها مشردون، وأخرى مستقرة وتنعم بكل شيء من الاستقرار والأمن والخدمات. فكيف سيكون الحال خلال الانتخابات؟".


ويوضح النائب عن محافظة نينوى، طالب العماري، لـ"العربي الجديد"، أن "نينوى لا تعتبر الانتخابات أولوية، وحالياً المحافظة لديها ما هو أهم من ذلك بكثير". ويضيف "أهل نينوى في الخيام، موزعون أو مهجرون بين المحافظات، هل من المعقول أن تجرى انتخابات في محافظة بلا سكان، وأين سيفتح صندوق الاقتراع، في المخيمات أم فوق الأنقاض؟ والانتخابات صارت قضية ثانوية للسكان، فالمفقودون والقتلى تحت الأنقاض والنازحون والجرحى والمرضى والأوبئة والمعتقلون والدمار الذي يضرب مدن المحافظة هو الأولية الآن"، معتبراً أن إصرار التحالف الحاكم على إجراء الانتخابات يأتي لأن "محافظاتهم مستقرة وناخبيهم جاهزون"، مشيراً إلى أن "تأجيل الانتخابات ستة أشهر أخرى سيكون مناسباً، لكن حتى الآن لم يحصل أي توافق".

المادة 56 من الدستور العراقي لم تتضمن أي عبارة تأجيل للانتخابات، بل ألزمت بأن تكون دورة البرلمان أربع سنوات فقط، على أن تجرى الانتخابات قبل 45 يوماً من انتهاء الدورة البرلمانية السابقة، بحسب الخبير القانوني، رياض الخالدي، الذي أشار إلى أن إجراء الانتخابات في مثل هذه الأوضاع سينتج عنه برلمان مشوه. ويضيف الخالدي "هناك محافظات مختلطة، مثل ديالى وبابل والبصرة وواسط وبغداد وصلاح الدين وكركوك ونينوى، وجمهور الكتل السنية والكردية غير متواجد فيها أو أنه مضعضع، ولن يكون حاضراً فيها، كونه مهجراً أو عاد للتو إلى بلدة مدمرة. لذا سيكون حصة مقاعد البرلمان لهذه المحافظة من حصة التحالف الشيعي، وهذا هو سبب الخلاف الأول". ويتابع "على سبيل المثال، المناطق السنية في بابل جنوب العراق خالية من الحياة، وأهلها في الخيام على عكس المدن المجاورة لها التي تعج بالحياة، لذا سيخرج ممثلون عن بابل من مكون واحد، وهذا الأمر واقعي، فرضته المحاصصة الطائفية للعملية السياسية في العراق". ويعتبر أن "موضوع لجوء الحكومة إلى المحكمة الاتحادية وارد جداً في إلزام الآخرين بموعد الانتخابات، والمحكمة ستتعامل مع الموضوع بشكل جامد من ناحية قانونية، وبالتأكيد ستحكم لصالح الإجراء في الموعد المحدد، لكن هذا لا يعني أنه صحيح، ويمكن اعتبار الفقرة الدستورية الخاصة بالانتخابات إحدى المشاكل التي تعتري الدستور العراقي".

وعدا عن أسباب التأجيل الأخرى، فإن الكتل الكردية والسنية، على حد سواء، تطالب بالكشف عن طريقة إيجاد قاعدة بيانات الناخبين، خصوصاً وأنها أتلفت بشكل شبه كامل بعد اجتياح "داعش" للمحافظات العراقية الشمالية والغربية. ويقول القيادي في التحالف الكردستاني، حمة أمين، لـ"العربي الجديد"، إن "المفوضية لا تمتلك مراكز انتخابات قانونية، ولا يمكن لها أن تعيد كل قاعدة بياناتها عن الناخبين، كونها أتلفت من قبل داعش، كما أنها لم تتحدث عن المدن والمناطق المتنازع عليها ومصير الناخب الكردي، وهل يمكن أن تتحدث عمن وضع 6 ملايين عراقي في الخارج؟ خصوصاً أنهم زادوا مليوناً بعد داعش ولم يراجعوا السفارات العراقية. ثم ما مصير العراقيين المسيحيين، أين هم؟ مدنهم ومناطقهم مدمرة وتواجدهم بالغالب خارج العراق، وكذلك باقي الأقليات، لذا نعتقد أن غالبية الأصوات التي ستقصى قسراً بسبب الظروف المذكورة ستكون من جمهورنا، وهذا يصب في صالح الطرف الآخر، ولا يعكس بالنهاية برلماناً حقيقياً يمثل كل العراقيين"، وفقاً لقوله.