أين ذهب الشعب؟

أين ذهب الشعب؟

08 يناير 2018
يشكو الشباب من غياب فرص العمل (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
قضى المراقبون السياسيون التونسيون نهاية أسبوع مضطربة جداً، بسبب تلاحق المواقف الحزبية التي جاءت لتغير، في الظاهر، شكل المشهد السياسي القائم وتقود ربما إلى مشهد جديد.

حركة "نداء تونس" قررت فك الارتباط مع حركة "النهضة" وأعلنت نهاية حقبة التوافق بينهما والمرور مباشرة إلى مرحلة التنافس. وفي نفس اليوم، أي يوم السبت الماضي، وعلى بعد ساعات قليلة أصدر حزب "آفاق تونس" بدوره بياناً يؤكد فيه على عدم التحالف مع "النهضة" لا وطنياً ولا جهوياً ولا محلياً!

لم تطلب "النهضة"، على حد علمنا، من "آفاق" أن يتحالف معها، ما جعل البيان غريباً وفي غير محله في الظاهر، لكنه مفهوم في سياق المشهد التونسي، الذي يتنافس فيه الجميع على منافسة "النهضة"، حتى أنه يذكّر بتلك اللعبة التي كنّا نلعبها صغاراً، مجموعة أطفال تدور في حلقة حول كرسي وعندما يطلق الحكم الصفارة يتنافس الجميع للفوز بالكرسي والجلوس عليه، بمعنى أن السباق السياسي في تونس يدور حول المقعد الذي يقابل مقعد حركة "النهضة"… هذا تفسير كاريكاتوري لمسار الصراع السياسي في تونس الذي لم يتخلص أبداً من تبعات استقطاب 2013 و2014، عندما فُرزت الساحة على أساس إيديولوجي، ويظن كثيرون اليوم أن تلك المرحلة وتلك المعايير يمكن أن تكون صالحة لـ2018(الانتخابات البلدية) و2019 (الانتخابات الرئاسية والتشريعية)، ما يعني أنها أحزاب في غيبوبة كاملة عما يحدث في البلاد، وفي حالة صمم وعمى سياسي كامل.

ففي نفس اليوم، السبت، انتحر شاب تونسي في مدينة على الحدود التونسية الجزائرية، بسبب حالة الفقر التي كان يعيشها، وبعد أن أعياه البحث عن شغل، وقبلها بيوم جاء خبر انتحار تونسي شنقاً بجزيرة لامبيدوزا الإيطالية، بعد أن ألقى بنفسه في البحر بحثاً عن فرصة وعندما وصل إلى الساحل الإيطالي لم يجد إلا السراب والوهم، فانتحر شنقا بمركز الإيقاف.

ولم يصدر لا "آفاق" ولا "النداء" ولا أي حزب تونسي موقفاً من ذلك، لم ينتبهوا أصلا للقضية، كانوا منهمكين في رقعة الشطرنج البائسة، بينما تحترق الدنيا من حولهم، ويتنافسون. علام التنافس؟ على الفقر؟

خرج الممثل الذي كان يلعب دور الزعيم إلى الشارع، لم يجد أحداً، وتساءل: أين ذهب الشعب؟