احتفال متأخر في البرلمان التونسي بدستور الثورة

احتفال متأخر في البرلمان التونسي بدستور الثورة

30 يناير 2018
البرلمان غيّر مجريات الجلسة للاحتفاء بدستور الثورة (فرانس برس)
+ الخط -
غيّر البرلمان التونسي، بشكل مفاجئ، الثلاثاء، مجريات الجلسة العامة المخصصة لمناقشة قوانين واتفاقيات مالية، للاحتفاء بإحياء الذكرى الرابعة للمصادقة على دستور الجمهورية الثانية. وحاول البرلمانيون تدارك تأخر الاحتفال بذكرى الدستور، عبر تخصيص جانب من الجلسة العامة لمداخلات وخطابات متباينة بين مشيد بالمنجزات ومندد بالصعوبات التي اعترضت تطبيق الدستور.

وتتزامن مصادقة المجلس الوطني التأسيسي (أول برلمان بعد الثورة) على وثيقة الدستور بتصويت غالبية 200 نائب مع تاريخ 26 يناير/ كانون الثاني، فيما تم ختمه بصفة رسمية من قبل الرؤساء الثلاثة للبلاد حينها، مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس التأسيسي، وعلي العريض، رئيس الحكومة الانتقالية، والمنصف المرزوقي، الرئيس التونسي السابق، يوم 27 يناير/ كانون الثاني 2014، في حفل ضخم حضره عدد من رؤساء الدول ورؤساء البرلمانات ورؤساء منظمات وأحزاب وشخصيات دولية.

وتباينت مداخلات البرلمانيين من مختلف الكتل والأحزاب احتفاءً بدستور الثورة بين من يعيب عدم استكمال تنزيل بنوده وأحكامه، ومتخوّف من العودة بالبلاد إلى مربع الاستبداد، عبر خرق مضامينه، والاعتداء على الحقوق والحريات التي جاء بها.


وأشاد عدد من النواب بدستور الثورة، واعتبروه أهم ثمرات الانتقال الديمقراطي الناجح، وأكبر مكسب للتونسيين بعد ثورة الحرية والكرامة، مؤكدين عزمهم الالتزام بما جاء به، واحترام تعاليمه، والسهر على ضمان تطبيقه بين جميع السلطات.

وهنّأ النائب منجي الحرباوي، المتحدث باسم حزب "نداء تونس"، خلال كلمته، الشعب التونسي بدستور الجمهورية الثانية، منوهًا بما بذله المجتمع المدني والسياسي خلال اعتصام الرحيل عام 2013 من نضالات ومرابطة أمام مقر المجلس التأسيسي لأكثر من شهر، انتهى بعد مخاض ثوري طويل بالصياغة الحالية لدستور الجمهورية الثانية.

ودعا إلى عدم الاكتفاء بالاحتفال بدستور الجمهورية الثانية، بل ضرورة الاحتفاء أيضًا بـ"دستور حزيران 1956، الذي صاغه الرئيس الراحل، الحبيب بورقيبة، وعدد من قيادة الحركة الوطنية ممن قادوا مسيرة التحرر والاستقلال وبناء الجمهورية الأولى"، على حد تعبيره.

واعتبر النائب محمد زريق، من حزب "النهضة"، خلال مداخلته، أن "هذا الدستور عزيز على كل التونسيين، فقد وحّد جميع فئات الشعب حول هويتهم، ورسم سلطة برلمانية فعالة على المستوى التشريعي والرقابي والتمثيلي. كذلك رسم سلطة تنفيذية مسؤولة أمام الشعب، ورسم أيضًا سلطة قضائية مستقلة، وكرّس الهيئات الدستورية المستقلة، وسلطة محلية بديمقراطية تشاركية، وعزز ديمقراطية القرب، وكرّس مبادئ الثورة في الحرية والعدالة"، على حد تعبيره.

من جانبه، دعا النائب حسونة الناصفي، من كتلة "الحرة"، والمتحدث باسم حزب "مشروع تونس"، إلى "تكريس مبادى الدستور العليا والكونية، وتفعيل ما جاء به.. وإرساء جميع المؤسسات الدستورية بعيداً عن المزايدات السياسية، وتفعيل المبادئ والحقوق والحريات بعيداً عن التعالي والغرور".


ووجّه النائب المعارض، أحمد الصديق، رئيس كتلة "الجبهة الشعبية"، تحية إلى "جميع الشهداء الذي قضوا فداء للقيم والمبادئ التي كرسها الدستور الجديد، واستشهدوا من أجل أن يعيش التونسيون أحراراً في وطن حر"، مترحماً كذلك على القياديين في الجبهة، شكري بلعيد، ومحمد البراهمي.

وعبر النائب المعارض سالم الأبيض، رئيس "الكتلة الديمقراطية"، عن أسفه حيال "الاحتفال بالدستور بهذه الطريقة الفلكلورية التي لا تعطيه معنى وقيمة"، معتبراً أنه كان من الأجدى أن يخصص أسبوع كامل من الاحتفال عبر تنظيم الندوات والمحاضرات، محذراً من "قوى لا تريد تكريس هذا الدستور، ولا ترغب في تفعيل معانيه وبنوده، وهي قوى الشد إلى الوراء التي تحن إلى مقولات قديمة في دساتير قديمة"، على حد قوله.

ولفت الأبيض إلى أن الدليل على ذلك هو "التبشير المستمر بتعديل الدستور، والرغبة في العودة إلى نظام رئاسي والواقع هي رغبة في إعادة نظام رئاسوي ونظام حكم العائلات وسيطرتها"، على حد قوله.

المساهمون