حرب أهلية باردة في لبنان

حرب أهلية باردة في لبنان

29 يناير 2018
باسيل خارجاً من جلسة لمجلس الوزراء (حسين بيضون)
+ الخط -


تطرح القوى السياسية اللبنانية اليوم معادلة جديدة لحرب أهلية باردة بين المكونات التي اجتمعت في عهد رئاسي جديد، من دون أن يتخلّص كيان الدولة المريض من التبعات الثقيلة لتعطيل الحياة الديمقراطية في البلاد طوال سنوات. وعلى أعتاب أول انتخابات نيابية تجري في أكثر الدول العربية ديمقراطية منذ عام 2009، شرّعت هذه القوى لنفسها خطاباً سياسياً حاداً "من تحت الحزام". ولأنه أحد أكثر الشخصيات السياسية إثارة للجدل (وكل السياسيين مُثيرون للجدل)، فإن رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية جبران باسيل، قد علّم مسيرته السياسية بسقطة جديدة مع وصفه رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ"البلطجي" بسبب "تعطيله مجلس النواب عندما يريد". وهو الفعل نفسه الذي شارك باسيل في تبريره طوال سنوات بعد أن عطّل "حزب الله" وحلفائه، وعلى رأسهم بري، مجلس النواب حتى وافقت مُختلف القوى السياسية على انتخاب ميشال عون رئيساً. ولأن السياسة في لبنان توريث، فإن خلاف عون - بري الذي يعود إلى أحداث الحرب الأهلية اللبنانية قد انتقل بالوراثة إلى صهر الأول وإلى مستشار الثاني. برز وزير المال ومستشار بري، علي حسن خليل، في الصورة ليتولى الرد على كلام باسيل، زوج ابنة الرئيس. وهو ما يحّول مجلس الوزراء إلى ساحة اشتباك أُخرى، لم تتوقف النزاعات فيها خلال العهد الجديد إلّا لإفساح المجال أمام تمرير الصفقات والضرائب. تحمل هذه الأجواء انتقال حُمّى التفكك من التحالف العريض الذي أنهى الاحتلال السوري للبنان بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، إلى حلفاء النظام السوري في لبنان وأبرزهم "حزب الله" الذي تجتمع حوله أحزاب طائفية لم تتجاوز أدبياتها حدود الحرب الأهلية.

عبثاً حاولت المكونات السياسية التفرّد بحكم لبنان وطرح رؤيتها للدولة وفق تصورها الضيق، وهو ما أفشلته المجريات السياسية الإقليمية والدولية على مدار العقود. فاتجهت هذه القوى رغماً عنها إلى خيار المُساكنة السياسية في حكومات جامعة قابلة للسقوط عند أول مطبّ داخلي أو خارجي. ولم تستقر الأمور لأن أصل المشكلة ليس في التحالفات السياسية، وإنما في تركيبة النظام اللبناني الذي تجتمع فيه كل أشكال التعطيل والاحتكاك، ويتحالف فيه الخصوم دون قواعد اشتباك. ​

المساهمون