مصر: حرم مطار العريش يهدد بقضم نصف مساحة المدينة

مصر: حرم مطار العريش يهدد بقضم نصف مساحة المدينة

21 يناير 2018
أعاد القرار لذاكرة أهالي سيناء تهجير الآلاف برفح(فرانس برس)
+ الخط -

أثار إعلان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن قرار إقامة حرم لمطار العريش بمساحة تبلغ خمسة كيلومترات في اتجاهات المطار كافة، حالة من القلق على مصير مئات المنازل والمزارع المحيطة بالمطار، التي ستكون ضمن المنطقة العازلة التي سيقيمها الجيش المصري خلال الأسابيع المقبلة، في محاولة منه للسيطرة الكاملة على المنطقة المحيطة بالمطار.

وبحسب تصريح السيسي، مساء الجمعة، فإن مطار العريش مغلق منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، "حرصاً من الدولة على تحقيق الأمن للأهالي"، مضيفاً: "لما انضرب على الطيارة انضربت من المزارع اللي موجودة حول المطار ومكناش نحب كده". وقال إن الدولة "ستقوم بإنشاء حرم آمن للمطار، ولا بد من عودة العمل به بلا تهديد للدولة"، مضيفاً: "لن نسمح بالقول إننا لن نستطيع تشغيل المطار، الحرم سيكون على مساحة 5 كيلومترات وعلى الأهالي مساعدتنا".

وكان تنظيم "ولاية سيناء" قد استهدف طائرة وزير الدفاع الفريق صدقي صبحي ووزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار بصاروخ موجه أثناء زيارتهما لمحافظة شمال سيناء في ديسمبر/كانون الأوّل الماضي، مما أدى إلى مقتل مسؤول مكتب الفريق صبحي وقائد طائرته، وإصابة آخرين بجروح، في حادثة هي الأبرز خلال عام 2017، والاستهداف الأمني الأكبر في مصر باستهداف أرفع شخصيتين أمنيتين.

ووفقاً لحديث السيسي، فإن 25 كيلومتراً من مساحة مدينة العريش، البالغة إجمالياً 48 كيلومتراً، ستكون ضمن أرض المطار وحرمه، مما سيفقد المدينة نصف مساحتها، ويتبع ذلك تشريد آلاف السكان، وجرف مئات الدونمات من الأراضي الزراعية التي تعتبر مصدر دخل لآلاف من سكان المدينة.

وقال مصدر مسؤول في محافظة شمال سيناء لـ"العربي الجديد" إن إقامة حرم لمطار العريش "يعني إزالة نصف مساحة المدينة، ومن شأن ذلك إنهاء وجود عدد من القرى الواقعة جنوبها، وكذلك عدد من الأحياء السكنية المكتظة بالمواطنين، كحي العبور وأجزاء من حي الضاحية، إضافةً إلى إزالة المدرسة الصناعية والزراعية ومستشفى الحميات".

وأوضح المصدر ذاته أن توجيهات سيادية صدرت لمحافظة شمال سيناء بالبدء في حصر المنازل والمزارع الواقعة في نطاق حرم المطار الجديد، إيذاناً بإجراءات تنفيذ مشروع حرم المطار خلال الأسابيع المقبلة، مشيراً إلى أنه سيجري تعويض المواطنين المتضررين من إقامة المشروع.

وكشف المصدر أن العمل جارٍ منذ أشهر على توسيع مطار العريش بشكل لافت، من خلال الوحدات الهندسية التابعة للجيش، مؤكداً أن زيارة الوزيرين للمطار "كانت بهدف الاطلاع على تطورات التوسعة القائمة في المطار"، مما يشير إلى وجود مخطط فعلي لدى الدولة المصرية بخصوص المطار.

وأعادت خطة إقامة حرم لمطار العريش، لذاكرة أهالي سيناء، إقامة المنطقة العازلة في مدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة، إثر هجوم كرم القواديس في مدينة الشيخ زويد عام 2014، والذي أدى لمقتل وإصابة عشرات الجنود المصريين في هجوم لتنظيم "ولاية سيناء". وأدى إقامة المنطقة العازلة في تلك المنطقة إلى تهجير آلاف السكان وتدمير مئات المنازل، فيما وصلت إلى مراحلها الأخيرة في هذه الأسابيع.

وتعليقاً على ذلك، قال أحد وجهاء مدينة العريش لـ"العربي الجديد" إن "كارثة حقيقية تنتظر المدينة بقدوم مشروع حرم المطار المغلق منذ سنوات طويلة، والذي على إثره ستخسر المدينة نصف مساحتها، ومئات الدونمات من أشجار الزيتون والحمضيات التي تعتبر مورداً اقتصادياً رئيسياً لعشرات المزارعين". وأضاف أن "الظاهر من المشروع، وفقاً لحديث السيسي، أنه لمصلحة المواطن من باب تشغيل المطار مجدداً، لكن ما نراه بصورة أوسع أن إقامة حرم المطار تأتي كجزء من خطة التهجير لمدن محافظة شمال سيناء، بدءاً من رفح وانتهاءً بالعريش"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن استهداف التنظيم "لم يكن للمطار كمرفق حيوي كي تتم إقامة منطقة عازلة، بل للشخصيات التي تواجدت فيه".


وتابع "لطالما طالبنا المحافظة والدولة المصرية على مدار السنوات الماضية بضرورة نقل المطار إلى مناطق الصحراء وسط سيناء، بعيداً عن المدن السكانية، بما يسمح بتوسيع المطار، وإعطاء مساحة واسعة للاحتياطات الأمنية، إلا أنّ جميع الطلبات قوبلت بالتجاهل من قبل الجهات المعنية".

وبما أن الإعلان جاء من السيسي، أعلى الهرم في المستوى السياسي والأمني المصري، فإن القرار يبدو سيادياً، وتنفيذاً لمخطط كبير تطلّع إليه الجهات الاستخبارية والسياسية العليا، وفق ما يرى باحث في شؤون سيناء، في تصريح السيسي، عن حادثة استهداف الوزيرين في المطار والإجراءات المتخذة على إثرها وفي مقدمتها إقامة الحرم في محيط المطار.

ويشير الباحث إلى أن "إعلان السيسي عن المشروع الجديد يعني دخوله في مرحلة التنفيذ خلال الفترة المقبلة، وسيكون بشكل متسارع كسباً للوقت. عدا عن أنّ الجيش المصري يواجه معضلة السيطرة على مناطق جنوب مدينة العريش، وهذا المشروع سيمكنه من الانتهاء من منطقة جديدة شكّلت هاجساً له طيلة الأشهر الماضية، لتضاف إلى السيطرة المتوقعة على مدينة رفح بعد جرفها بشكل كامل، خلال الأسابيع المقبلة".

وبهذا المشروع، تزداد التخوفات لدى أهالي سيناء من المخططات التي يجري التمهيد لها في المنطقة، خصوصاً في ظل تزايد الحديث عمّا يسمى بـ"صفقة القرن" التي تمثل سيناء جزءاً محورياً فيها.