"رعاية" المقربين من صالح: اختبار لتحالف الإمارات والحراك الجنوبي

"رعاية" المقربين من صالح: اختبار لتحالف الإمارات والحراك الجنوبي

16 يناير 2018
فصائل في عدن هددت بالانتشار المسلح (فرانس برس)
+ الخط -

لم تمض سوى أيام قليلة على ظهور طارق صالح، نجل شقيق علي عبدالله صالح، في محافظة شبوة، جنوبي اليمن، حتى تحوّل ذلك الظهور إلى أزمة، في ظل الأنباء عن وجوده في عدن، وتحديداً في أحد المعسكرات التي تشرف عليها قوات التحالف العربي، بقيادة السعودية والإمارات. هذا الأمر أثار حفيظة العديد من الأطراف الجنوبية، التي رأت في ذلك "خيانة للشهداء"، الذين سقطوا في مواجهة جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وحلفائها الموالين لصالح، وفي سبيل ما يعتبرونه "تحررًا" من "الشمال"، و"استعادة الدولة الجنوبية".

وخلال الـ48 ساعة الماضية، تحولت أزمة ردود الفعل الجنوبية إلى توتر في عدن، مع أنباء بتهديد فصائل ما يُسمى بـ"المقاومة الجنوبية"، بالانتشار المسلح في عدن، ونشر نقاط للتفتيش، رفضاً لوجود أي "عناصر" أو قوى عسكرية أو معسكرات تدريبية، لمن وصفها بيان صادر عن "مجلس المقاومة الجنوبية" في المحافظة، بـ"القوات العسكرية الشمالية في عاصمتنا الجنوبية عدن وكافة المحافظات الجنوبية المحررة". وذلك رداً على أنباء وجود طارق صالح، الذي كان الذراع الأبرز لعمه في السنوات الأخيرة، في أحد المعسكرات بعدن، لتجميع قوات موالية له، استعداداً للتوجه لمحاربة الحوثيين.

وجاءت الدعوة إلى الانتشار، بعد اجتماع عُقد مساء الإثنين الماضي لقيادات في "المقاومة الجنوبية" في عدن، والتي أصدرت بياناً شديد اللهجة، حمل تهديداً بالتصعيد، ودعا "كافة الوحدات الأمنية والعسكرية ورجال المقاومة الجنوبية في كافة المحافظات الجنوبية، إلى رفع درجة الاستعداد القتالي العالي، والبقاء على أهبة الاستعداد لتنفيذ التوجيهات ميدانياً".

ووجهت "المقاومة الجنوبية" تحذيرًا لـ"كافة الأطراف التي تسعى إلى تشجيع أو تقديم المساعدة والتسهيلات لتلك القوى العسكرية التي سبق لمقاتلي المقاومة الجنوبية مواجهتها ودحرها من أراضي الجنوب، وقدمت تضحيات جساما"، مضيفة، في بيانها، أنها "لن تقف صامتة أمام أي استهتار لتضحيات شعبنا الجنوبي من أي جهة كانت"، حسب تعبير البيان.


وجاء التوتر، فيما دعا رئيس ما يُسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، الحليف للإمارات، عيدروس الزبيدي، إلى اجتماع لقيادات "المقاومة"، لتحديد الموقف من التطورات التي لم يشر إليها. لكن مصادر محلية أفادت "العربي الجديد"، بأن انقساماً واضحاً برز في صفوف القيادات المحسوبة على الحراك الجنوبي من المقربين من الإمارات، ففي مقابل الرفض الذي برز، ولو من خلال مواقف ضمنية لدى قيادات الحراك و"المجلس الانتقالي الجنوبي"، نفت قيادات أخرى قريبة من المجلس، وجود طارق صالح في أحد معسكرات عدن من أساسه، وهاجمت ردود الفعل. في المقابل، التزمت قيادات أخرى الصمت، التزاماً بعلاقاتها مع التحالف، وأبوظبي على وجه التحديد، إذ تتولى الأخيرة، واجهة نفوذ التحالف في المحافظات الجنوبية في اليمن، وتحالفت مع القيادات الداعية إلى الانفصال، خلال العامين الماضيين، لتأتي التطورات الأخيرة، بمثابة اختبار للعلاقة بين الطرفين.


وكان طارق صالح، وعقب ظهوره في محافظة شبوة، الأسبوع الماضي، قد أثار موجة من ردود الفعل، توحدت فيها أطراف في الشرعية، التي طالبت قيادات حزب صالح بالتأييد الواضح للحكومة الشرعية، والعمل تحت ظلها، كما أبدت رفضها الضمني لأي توجهات ترمي إلى دعم قوى عسكرية خارج مظلة الشرعية، إشارة إلى ما يتردد عن دعم التحالف، طارق صالح، لتجميع قوات موالية له، استعداداً لتحركات في الفترة المقبلة ضد الحوثيين. ورأى العديد من قيادات الشرعية، أن الخطوة بمثابة إعادة تدوير لـ"مخلفات" نظام صالح، الذي تحالف مع الحوثيين بالانقلاب على الشرعية عام 2014 والحرب الذي تلتها.

ويُعد طارق صالح، أبرز القيادات العسكرية من عائلة صالح، وبقي إلى جانب عمه، في السنوات الماضية، على عكس أفراد آخرين يتواجدون خارج البلاد. وفي الشهور الأخيرة، تحوّل طارق من حليف للحوثيين إلى خصم، اتهمته الجماعة بالتحضير لـ"انقلاب" عليها في صنعاء، بالتنسيق مع التحالف، قبل أن تصل الأزمة أوجها، مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، بانفجار المواجهات ومقتل صالح وانتقال تركته للحوثيين. فيما تمكن طارق، الذي يوصف أيضاً بأنه المطلوب الأول للجماعة من فريق صالح، من الإفلات من مناطق سيطرتها. وتشير مصادر قريبة من الشرعية إلى أنه، وبالتنسيق مع التحالف، يشرف على تجميع موالين له استعداداً للالتحاق بجبهات المواجهة مع الحوثيين.

من زاوية أخرى، تُعد الإمارات بمثابة المتحكم الأول في الأوضاع العسكرية في جنوب اليمن، منذ أكثر من عامين، بتصدّرها نفوذ التحالف وحضوره الميداني والسياسي. وباتت عدن، ومحيطها من المحافظات الجنوبية، خالية تقريباً من أي تواجد لقوات ينحدر منتسبوها من المحافظات الشمالية، سواء من الموالية للشرعية أم للحوثيين، في وضع أقرب ما يكون إلى الانفصال. وكان للتحالف دوره في ترسيخ الوضع الحالي، ودعم إنشاء قوات عسكرية وأمنية، جنوبية، لا يتردد بعضها في رفض الاعتراف بالوحدة مع الشمال.

 ​