أستانة وتحجيم المعارضة عسكرياً

أستانة وتحجيم المعارضة عسكرياً

14 يناير 2018
يصعد النظام السوري عسكرياً (عبد المنعم عيسى/فرانس برس)
+ الخط -
ما إن تم الإعلان عن مناطق تخفيف التصعيد في سورية منتصف سبتمبر/أيلول من العام الماضي، والتي جاءت كأهم مخرجات اتفاقات أستانة، حتى بدأت قوات النظام مدعومة من الطيران الروسي الضامن الرئيسي لهذه الاتفاقات بالتقدم في محيط العاصمة دمشق على حساب قوات المعارضة المكبلة بالالتزام باتفاق تخفيف التصعيد الذي تم إعلان الغوطة الشرقية كإحدى مناطقه، الأمر الذي قيّد قوات المعارضة في مناطق الغوطة وترك الفصائل التي تقاتل في بعض مناطقها القريبة من محيط دمشق، بسبب عدم تحديد خريطة واضحة لكل منطقة من مناطق تخفيف التصعيد والسماح لقوات النظام التعامل مع أجزاء من تلك المناطق وكأنها خارج إطار الاتفاق واستهدافها من قبل تلك القوات. وتم ذلك إما بحجة وجود تنظيمات إرهابية أو بحجة أن هذا الجزء غير مدرج ضمن خرائط مناطق تخفيف التصعيد، الأمر الذي مكّن قوات النظام من استعادة المبادرة بعد اتفاقات تخفيف التصعيد بالسيطرة على معظم مناطق محيط العاصمة.
وقبل انتهاء النظام من تأمين محيط العاصمة والسيطرة على كل المناطق المحيطة بها باستثناء جوبر، انتقل للسيطرة على المزيد من المناطق في كل من ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي كما فتح جبهة في ريف حلب الغربي باتجاه ريف إدلب الشرقي. واستطاع التقدم "بمساعدة القوات الروسية" ضمن مناطق محسوبة على مناطق تخفيف التصعيد. ولو تم التمعن في الخرائط التي تم تسريبها عن منطقة تخفيف التصعيد الرابعة شمالي سورية على أنها هي الخرائط التي تم الاتفاق عليها بين روسيا وإيران وتركيا، يتبين أن روسيا قد كلفت قوات النظام انتزاع المنطقة التي صنفت ضمن تلك الخرائط (كمنطقة منزوعة السلاح تحت الحماية الروسية) من المعارضة وفرض سيطرته عليها.
وهكذا استطاعت روسيا توظيف اجتماعات أستانة ومناطق تخفيف التصعيد التي تم الاتفاق عليها في تحجيم القوة العسكرية للمعارضة، والحد من فعاليتها للحدود الدنيا، من خلال تقسيم المناطق التي تسيطر عليها المعارضة إلى مناطق مباحة ومناطق يمنع التحرك العسكري فيها واستخدام النصرة وداعش كأدوات فقط في عملية الحد من قوة المعارضة، المستهدف الأساسي في كل تلك المعارك.

المساهمون