المعارضة السورية تتحرك لمواجهة استحقاقات يناير ومقاومة الضغط الروسي

المعارضة السورية تتحرك لمواجهة استحقاقات يناير ومقاومة الضغط الروسي

14 يناير 2018
هاجم النظام دي ميستورا أخيراً (فابريس كوفريني/ فرانس برس)
+ الخط -



تحرّكت المعارضة السورية على أكثر من مستوى سياسي أخيراً، من أجل مواجهة استحقاقات مهمة في شهر يناير/ كانون الثاني الحالي، وفي مقدمتها جولة جديدة من مفاوضات جنيف، على الرغم من يقينها أن هذه المفاوضات وصلت "إلى طريق مسدود"، فضلاً عن مؤتمر سوتشي الروسي، مع سعي المعارضة إلى محاصرته لعدم حرف القضية السورية عن مسار جنيف الأممي مع محاولة النظام وحلفائه تحييده وإفراغه من مضامينه. وبدأ الائتلاف الوطني السوري، أمس السبت، اجتماع هيئته العامة في مقره الدائم بمدينة إسطنبول التركية، ومن المتوقع بحث الوضع العسكري والإنساني في الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، وفي أرياف إدلب وحماة وحلب في ظلّ الحملات العسكرية المتلاحقة لقوات النظام ومليشيات إيرانية، والتي تشي بانهيار اتفاقات أستانة برمتها. كما أن مؤتمر سوتشي لـ "الحوار السوري السوري"، المقرر عقده أواخر الشهر الحالي حاضر على طاولة النقاش وفق مصادر في الائتلاف الوطني السوري. وأشارت المصادر إلى أن "أعضاء الهيئة العامة يناقشون على مدار يومين، آخر التطورات الميدانية والسياسية الأخيرة، والعملية السياسية في جنيف والجولة الجديدة المرتقبة للمفاوضات".

وأكد نائب رئيس الائتلاف الوطني، عبد الرحمن مصطفى، في تصريحات صحافية، أن "المجازر المرتكبة بحق المدنيين، تأتي في سياق الاستراتيجية العسكرية التي ينتهجها النظام وحلفاؤه لإيجاد حل يتناقض مع القرارات الدولية الخاصة بالشأن السوري". ولفت إلى "أن المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، مطالب بأخذ دوره المنوط به في حماية المدنيين ووقف المجازر اليومية بحقهم".

من جانبه، أكد رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف السوري، أحمد رمضان، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أنه "لا تغيير في موقف الائتلاف من مؤتمر سوتشي، الذي تحاول موسكو ممارسة ضغوط كبيرة على المعارضة السورية لحضوره". وسبق للائتلاف أن شدّد عبر تصريحات قياديين فيه على رفض المشاركة في مؤتمر سوتشي، معتبراً إياه "محاولة سافرة لخلق مسار بديل عن مسار جنيف، بهدف تكريس وشرعنة الاحتلالين الروسي والإيراني لسورية، وتثبيت منظومة الاستبداد المتمثلة بنظام بشار الأسد".

وأشار رمضان إلى أن "جنيف هي المكان الطبيعي للمفاوضات"، مشدّداً على "أنه لا بديل عنها، مهما كانت هناك محاولات لحرف المسار السياسي أو الاستئثار به من قبل روسيا أو غيرها". وأضاف أن "الموعد المبدئي للجولة المقبلة من مفاوضات جنيف هو في 21 يناير/ كانون الثاني الحالي، ولكن لم يتم تثبيت الموعد بشكل رسمي".

مع العلم أن عضو هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، بسمة قضماني، ذكرت في تصريحات لها، يوم الجمعة، أن "مفاوضات جنيف مع النظام وصلت إلى طريق مسدود"، ما أكد عمق قلق المعارضة السورية من تفرّد موسكو في مقاربة القضية السورية، وهو ما يعني تمييعها وفرض حلول لا تحقق الحد الأدنى من مطالب الشارع السوري المعارض.

وعقد وفد من هيئة التفاوض، بقيادة رئيس الهيئة نصر الحريري، اجتماعات مكثفة على مدى يومين في واشنطن ونيويورك، في محاولة جديدة لقطع الطريق أمام الروس. ومن المنتظر أن تعقد الهيئة الأسبوع المقبل اجتماعات في مقرها الدائم في العاصمة السعودية الرياض، في إطار الاستعدادات للجولة المقبلة من مفاوضات جنيف، السابقة بأيام الموعد المقرر لمؤتمر سوتشي.



واستبق النظام الجولة العتيدة من جنيف بهجوم دبلوماسي على الموفد الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، محمّلاً إياه مسؤولية فشل مفاوضات جنيف. واتهم نائب وزير خارجية النظام فيصل المقداد، في تصريحات له يوم الخميس الماضي، الموفد الأممي بـ"عدم القيام بدور متوازن ونزيه وجدي لحلّ الأزمة في سورية"، مضيفاً أنه "كان منحازاً لمصلحة من يملي عليه من دول غربية وخليجية".

كذلك شنّ المقداد هجوماً على هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، وقال إنها "لا تمثل الشعب السوري إنما تعمل لمصلحة من شغلّها وموّلها واشتراها وروّج لها"، وفق قوله، رافضاً فكرة تغيير الدستور الذي وضعه النظام في عام 2012. وادّعى أن "هذا الدستور من أحدث الدساتير في العالم". وجاء تصريح المقداد للتأكيد مرة أخرى على عدم نيّة النظام الانخراط في مفاوضات جادة في جنيف، خصوصاً المتعلقة بمبدأ الانتقال السياسي، "وهو ما يجعل المفاوضات مضيعة للوقت لا أكثر، ما لم يضغط المجتمع الدولي على النظام وحلفائه الروس والإيرانيين"، وفق مصدر في الائتلاف الوطني السوري.



في موازاة كل ذلك، حاولت روسيا الضغط على المعارضة السورية المسلحة، فأبلغت لجنة التفاوض في ريف حمص الشمالي، وريف حماة الجنوبي، عن انتهاء اتفاقية خفض التصعيد في ريف حمص الشمالي الموقّعة في القاهرة في أغسطس/ آب الماضي، في منتصف فبراير/ شباط المقبل.

واعتبر المتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي، بسام السواح، مضمون الرسالة التي وصلت من الجانب الروسي بهذا الخصوص "نوعاً من الضغط على لجنة التفاوض للقبول بالجلوس مع النظام خلال مرحلة التفاوض من أجل تجديد الاتفاق".

وأكد السواح أن "هيئة التفاوض المذكورة رفضت الجلوس مع النظام، واشترطت أن تكون جلسات التفاوض مع الجانب الروسي فقط من دون النظام". وأكد أن "الجانب الروسي استجاب لهذا الطلب"، مضيفاً أنه "يتم حالياً التنسيق مع الجانب الروسي لتحديد موعد جولة جديدة من مفاوضات اتفاقية خفض التصعيد". وأشار إلى أن "قرارات التفاوض في ريف حمص الشمالي تنبع من خلال الحفاظ على مصلحة الريفين المحررين والتزامها الكامل بثوابت الثورة السورية".

وفي السياق، أكدت مصادر محلية لـ "العربي الجديد" أن "اتفاق خفض التصعيد لم يطبّق أساساً في ريف حمص الشمالي وحماة الجنوبي"، مشيرة إلى أنه "تمّ استثناء بلدة الدار الكبيرة فقط من القصف الجوي بسبب وجود شرطة عسكرية روسية مشرفة على معبر إنساني في البلدة المذكورة".

من جهته، أكد رئيس اللجنة العسكرية في وفد قوى الثورة إلى مفاوضات أستانة، العقيد فاتح حسون، أن "الوفد لم يُعلم رسمياً بانتهاء اتفاقات خفض التصعيد في منتصف الشهر المقبل"، موضحاً أن "تفاهمات أستانة لم تحدد موعداً لانتهاء الاتفاقات". وأضاف أنه "تم تحديد موعد جولة أستانة المقبلة في 15 فبراير المقبل". وحول مشاركة المعارضة المسلحة في الجولة العتيدة في ظل تصعيد النظام في الغوطة الشرقية وريف إدلب، أكد حسون في حديث مع "العربي الجديد" أنه "من المبكر تحديد موقف"، مضيفاً أن "كل ما ينفع الثورة وأهلنا نحن معه، وكل ما يسيء للثورة ولا يحقق المكاسب فلا نقدم عليه".



المساهمون