السعودية تفشل في جمع القوى العراقية السنّية

السعودية تفشل في جمع القوى العراقية السنّية

11 يناير 2018
قالت الرياض إن الملتقى لتثبيت المدن المحررة(صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -


كشفت مصادر سياسية رفيعة المستوى في بغداد لـ"العربي الجديد"، عن فشل جهود سعودية انطلقت منذ منتصف الشهر الماضي لجمع القوى العراقية السنّية المختلفة، سواء المُشاركة بالعملية السياسية أو المقاطعة لها، باجتماع كان مقرراً أن يُعقد في تركيا تحت عنوان "ملتقى القوى السنّية"، وذلك بعد رفض عدد من القوى السياسية السنّية ذلك، على الرغم من عرض الرياض تمويلاً عليها.

وقال سياسي عراقي سبق أن شغل منصباً وزارياً بارزاً في حكومة نوري المالكي السابقة، لـ"العربي الجديد"، إن "الرياض أوفدت شخصيات قبلية وأخرى سياسية عراقية مقربة منها لأطراف سنّية مشاركة بالعملية السياسية، وأخرى مقاطعة وتقيم خارج البلاد، بهدف إقناعها في المشاركة بما وصفوه ملتقى يوحّد الجبهة السنّية استعداداً للانتخابات ولتثبيت استقرار المدن المحررة"، مضيفاً أن "الرياض عرضت تمويلاً ومساعدات لتلك الجهات، لكن عدداً غير قليل منها رفض التجاوب واعتذر عن المشاركة في هذا الملتقى".
وحول سبب التحرك السعودي المفاجئ على الرغم من المشروع المشترك لتركيا والأردن والسعودية ودول أخرى في المنطقة لتوحيد القوى السياسية السنّية، والذي نتج عنه مؤتمران في أنقرة، الأول كان مطلع مارس/آذار العام الماضي وتبعه مؤتمر آخر في يونيو/حزيران من العام نفسه وجرى الاتفاق خلاله على تشكيل تحالف واسع، أكد المصدر أن "التحرك يهدف لجمع الذين رفضوا أو تحفظوا على مؤتمر أنقرة، ولهم تأثير على الشارع العراقي السنّي، وهي محاولة لإقناعهم بالتفاعل مع مخرجات مؤتمر أنقرة الأول".

ووفقاً للمسؤول نفسه، فإن "التحرك السعودي الجديد تم من خلال شخصيات في الاستخبارات السعودية على عكس الفترة الماضية التي كان فيها الوزير ثامر السبهان متصدراً الملف"، مؤكداً أن "رفض عدد من الأطراف السنّية الدعوة السعودية يعود لأسباب عدة، بعضها معروف وهو صيغة الإملاءات السابقة في الفترة الماضية من الرياض والتي يُتوقع أن تستمر في المرحلة المقبلة، وأسباب أخرى تتعلق بتمييز الرياض بين طرف وآخر ومحاولة تهميش أطراف أخرى داخل المكوّن السنّي أيضاً عبر عدم دعوتها، وهو ما سيخلق انشقاقاً أكبر داخل الصف السنّي"، مستدركاً بالقول إن "الدخول السعودي إلى العراق لن يكون بالنهاية من أجل المكون السنّي أو العراق ككل، بقدر ما هو محاولة تنافس مع إيران بهذه الساحة".

وأكد زعيم عراقي سنّي بارز مقيم خارج البلاد لـ"العربي الجديد" تلك المعلومات، موضحاً خلال اتصال هاتفي معه أن "بعض الشخصيات العراقية المتعاونة مع السعودية فاتحتنا بالموضوع واعتذرنا عن حضور مؤتمر قالوا إنه لأهل السنّة في تركيا". وأضاف: "لا أدري إن كان هو المقصود أم لا، ولكن عُرض علينا الأمر وتحدثوا عن تمويل واعتذرنا بشكل مباشر".


من جهته، علّق القيادي في "تحالف القوى العراقية"، النائب رعد الدهلكي، في حديث لـ"العربي الجديد"، على ذلك بالقول "إننا ندعم أي خطوات سعودية إيجابية، ولكن نرفض أي تدخّل أو إملاء، وهو ما لم تقم به الرياض حتى الآن"، مضيفاً: "أعتقد أن الرياض تريد ترتيب أوراق المكوّن السنّي في العراق"، معتبراً أن "أهمية العراق بالنسبة للسعودية ليست كجار بل كجدار صد والكل يعلم تأثير الوضع في العراق على دول الجوار".

وحول ذلك، أوضح الخبير في الشأن السياسي العراقي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين، أحمد عبد الكريم، لـ"العربي الجديد"، أن "التحرك السعودي الجديد يندرج ضمن محاولات الرياض الحصول على مزيد من المساحة داخل العراق من خلال القوى السياسية السنّية، وهو بطبيعة الحال يأتي من ضوء أميركي أخضر للخطوة". واعتبر أن "الشارع السنّي العراقي بشكل عام، والسياسي بشكل خاص، متخوّف من ذلك، بسبب سرعة تقلبات المزاج السياسي الخارجي في السعودية، ومخاوف من أن يكون الهدف هو مناكفة إيران سياسياً في العراق، من خلال احتواء القرار السني داخل البلاد وليس من أجل دعم تلك القوى لمصلحة جماهيرها".

وأشار عبد الكريم إلى أن "من بين الأمور التي تحفظها الذاكرة السنّية في العراق، هو رفض الرياض مشروع الإقليم السنّي في العراق عام 2013 بعدما طُرح رسمياً في أوساط سياسية عراقية، بسبب مخاوفها من أن يكون الإقليم بحكومة يرأسها الحزب الإسلامي (الجناح السياسي للإخوان المسلمين في العراق) وليس حرصاً على ما يمكن القول عنه وحدة العراق وسيادته"، مضيفاً: "كما أنها تخلت عن حكومة كردستان التي دعمتها طيلة فترة ما قبل الاستفتاء على الانفصال وهو ما أدى أخيراً لاهتزاز الثقة بها من قبل أطراف عراقية".

وفي السياق ذاته، نقلت وسائل إعلام عراقية أمس الأربعاء تصريحات للسفير السعودي الجديد في العراق عبد العزيز الشمري، قال فيها إن الأسبوع المقبل سيشهد توقيع اتفاقيات لتعزيز التعاون الاقتصادي بين السعودية والعراق، من بينها فتح المنافذ الحدودية بين البلدين، كاشفاً في الوقت نفسه عن موافقة بغداد على افتتاح قنصلية لبلاده في البصرة لتكون الثانية بعد القنصلية الموجودة في أربيل.

المساهمون